ترجمات عبرية

معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي – بقلم  ايال بروبر –  الصين، الولايات المتحدة وحماية المسلمين في غزة : اسرائيل مقابل سينج يانغ

معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي – بقلم  ايال بروبر – 25/5/2021

” تؤكد الازمة في غزة اكثر فأكثر الفجوات السياسية القائمة بين اسرائيل والصين. ان تعاظم مكانة الصين وعرض قدرتها على القيام بدور هام اكبر في الساحة الشرق اوسطية، بما في ذلك من خلال دعوة الاسرائيليين والفلسطينيين الى اجراء محادثات مباشرة في الصين، تستوجب اسرائيل ان تؤكد تجاهها الرسالة التي تقول ان التجاهل السياسي وعرض طرف واحد من المعادلة في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، بما في ذلك في البيانات والتصويتات في الامم المتحدة لن يسمح لاسرائيل بان ترى فيها وسيطا نزيها في اتصالات مستقبلية لحل الازمة في الشرق الاوسط “.

نشبت الازمة بين اسرائيل وحماس في غزة بينما كانت الصين الرئيس الدوري لمجلس الامن، فشكلت لها فرصة لتعزيز المصالح القومية ولا سيما في سياق سينغ يانغ، فيما تناكف سياسة الولايات المتحدة تجاه المسلمين. وذلك في ظل ابراز قدرة الصين على أداء دور ذي مغزى أكبر في النزاع الشرق اوسطي بما في  ذلك في استضافة محادثات مباشرة بين اسرائيل  والفلسطينيين. استخدم الناطقون بلسان وزارة الخارجية الصينية واكاديميون صينيون الازمة المحلية في غزة كفرصة اخرى لتوجيه اصبع اتهام تجاه ما يرونها كسياسة احادية الجانب ومنحازة للولايات المتحدة التي تواصل دعم اسرائيل ولا تساعد حقوق الانسان للمواطنين الفلسطينيين في غزة. فقد قالت هوا شون ينغ الناطقة بلسان الخارجية الصينية في 14 ايار في ردها على سؤال مراسل “الجزيرة” عن العمل اللازم تجاه اسرائيل فقالت ان “الصين بصفتها الرئيس لمجلس الامن تعمل بشكل عملي للتوسط بين الطرفين، ولكن الولايات المتحدة وحدها تمنع بيانا في الموضوع. فهي تدعي انها تحرص على حقوق الانسان للمسلمين، ولكن عندما يصاب عدد كبير من الفلسطينيين المسلمين، فان الولايات المتحدة تغمض عيونها امام معاناتهم وتمنع شجبا عالميا. وفي نفس الوقت تقيم الولايات المتحدة في الامم المتحدة، مع بريطانيا والمانيا لقاءات عديمة المعنى في موضوع سينغ يانغ بهدف اطلاق اتهامات عابثة ضد الصين. وواصلت الناطقة وسألت: “ما هي النية الحقيقية للولايات  المتحدة بالنسبة لهذه المهزلة السياسية؟ على الولايات المتحدة ان تتذكر بان حياة الفلسطينيين المسلمين هامة وعزيزة”. 

ان قرار وزير الخارجية الصيني  وانغ لي بان يقود شخصيا جلسة خاصة لمجلس الامن في بحث مفتوح في الازمة في غزة (16 ايار) يأتي لتشديد الاهمية التي توليها الصين للمسألة وموقف الصين من ايجاد حل عادل للمشكلة الفلسطينية، بخلاف الولايات المتحدة. في المعلومات التي وزعتها الصين قبل  اللقاء الخاص في مجلس الامن نشرت محادثات اجراها وزير الخارجية الصيني والسفير الصيني الى الولايات المتحدة قبل اللقاء. وضمن امور اخرى اوضح وزير الخارجية وانغ، في حديث مع وزير الخارجية الباكستاني، بان السبب الاساس للوضع الحالي يقع في السياسة المغلوطة التي مارستها في السنوات الاخيرة ادارة الرئيس ترامب والتي تجاهلت الحاجة لمواصلة مسيرة السلام في الشرق الاوسط وتحقيق حل الدولتين فتسببت بذلك  بضرر متواصل بحقوق الانسان الفلسطيني. 

ونشر السفير الصيني في الامم المتحدة يانغ يون معلومات عن لقاءات تمهيدية مع تركيا اجرتها الجامعة العربية قبل اللقاء في ظل “فهم همومهم”. الى جانب ذلك لم تنشر محادثات اجرتها الصين مع جهات اسرائيلية، رغم الاهمية في فهم دوافع الطرفين قبل عقد اللقاء. كما ان الصين لم تدرج في المسودات التي اقترحتها لبيان مجلس الامن موقف اسرائيل بما في ذلك بالنسبة لاطلاق الصواريخ على المدن في اسرائيل من قبل حماس والجهاد الاسلامي، وهو الموقف الذي أدى الى الفيتو الامريكي على المسودات الصينية.

في الجلسة العلنية الخاصة لمجلس الامن دعا وزير الخارجية الصيني الى ايجاد حل دبلوماسي للنزاع. رغم أنه لم يهاجم اسرائيل بشكل مباشر ودعا كل الاطراف الى وقف العنف ضد المدنيين والموافقة على وقف نار فوري، اضاف دعوة لاسرائيل لابداء ضبط النفس في استخدام القوة. وشدد وزير الخارجية الصيني على أن مجلس الامن لم ينجح في بلورة بيان مشترك وذلك فقط بسبب “دولة واحدة”، واستطرد قائلا ان على الامم المتحدة ان تؤدي دورا فاعلا اكثر في السعي الى حل الدولتين. وعلى حد قوله فان الصين كـ “صديق حقيقي للشعب الفلسطيني”، فتعزز جهودها لدفع المفاوضات الى الامام بموجب خطة “النقاط الاربعة” للرئيس سي جين فينغ من العام 2017. كجزء من ذلك كررت الصين الدعوة لاسرائيل والفلسطينيين للوصول الى الصين واجراء محادثات مباشرة.

ان توجيه الازمة الحالية الى موجات المواجهة المتواصلة مع الولايات المتحدة، في ظل تعزيز الرواية في أن الصين هي صديقة الفلسطينيين والمسلمين يأتي بمساعدة الصين في عدة جوانب، اساسها تحقيق المصالح القومية الصينية وليس بالذات حرصها على حل المشكلة الفلسطينية. 

وضمن امور اخرى فان الصين معنية: 

– ان تعرض امام دول عديدة في العالم دور الصين كقوة عظمى مسؤولة ومعتدلة تعمل بلا كلل على ايجاد حل دبلوماسي من السلام في وقت الازمة الانسانية القاسية التي تعصف بالمسلمين، بخلاف الولايات المتحدة التي تمنع ذلك.

– استخدام الازمة الحالية في الشرق الاوسط لحرف النقاش الاعلامي والسياسي عما يجري في سينغ يانغ. وذلك بزعم ان الولايات المتحدة تعمل بالتوازي على دعاية زائفة ضد الصين في انها تمس بالمسلمين في الوقت الذي ترفض فيه الولايات المتحدة نفسها مساعدة سكان غزة، في وقت الهجوم ضد المسلمين. 

يغضب الصينيون من دعوات متزايدة في الولايات المتحدة لمقاطعة الالعاب الاولمبية الشتوية  التي يفترض أن تجرى في شباط 2022 في بيجين بسبب معاملة الصين للمسلمين الايغوريين في سينغ يانغ. وهكذا في الاسبوع الاول من الحملة في غزة، وفي اثنائها نُشر في الصين وفي ارجاء العالم الاسلامي صور عديدة تضمنت مسا بالمواطنين الفلسطينيين، عرضت وسائل الاعلام الصينية بالتوازي صورا لاحتفالات عيد الفطر في ارجاء سينغ يانغ مع ابراز الحرية التي يحظى بها المسلمون في الصين، بخلاف الزعم الامريكي والغربي بالمس الصيني بهم. وكلما طال الوضع في غزة اكدت وسائل الاعلام الصينية رسائلها عن المس الاسرائيلي بالسكان المسلمين وبالدعم الامريكي الذي تحظى به اسرائيل. 

اسرائيل، بغير ارادتها ادخلت في هذا السياق من قبل الصينيين بشكل مباشر في المواجهة المتواصلة بين القوتين العظميين. في السنة الاخيرة لم تجرى اتصالات رفيعة المستوى بين اسرائيل والصين. وذلك في الوقت الذي قام فيه مسؤولون صينيون، بمن فيهم وزير الخارجية بزيارات الى الشرق الاوسط واجروا محادثات عديدة مع نظراء عرب ومسلمين. وضمت الزيارة الاخيرة لوزير الخارجية الصيني الى الشرق الاوسط  في اذار 2021، ايران، تركيا، السعودية، اتحاد الامارات، عُمان والبحرين. واذا كان الصينيون حددوا اسرائيل في الماضي كواحدة من الدول الخمسة المركزية في الشرق الاوسط (الى جانب مصر، السعودية، ايران وتركيا) وسعوا الى تعزيز التعاون معها في جملة من المجالات، يحتمل أن يشهد التجاهل الحالي على ميل صيني للتقدم في العلاقات مع دول اخرى في الشرق الاوسط، ولا سيما ايران، اتحاد الامارات والسعودية، وليس بالذات مع اسرائيل، التي تعد شريكا استراتيجيا واضحا للجانب الامريكي.

ان استمرار التوتر بين الصين والولايات المتحدة في مسائل عالمية مختلفة يعزز الميل الصيني لمواصلة توثيق علاقاتها السياسية مع دول ذات مصالح مشتركة، بينها روسيا، ايران ودول اسلامية وعربية اخرى. وكجزء من ذلك، تؤكد الازمة في غزة اكثر فأكثر الفجوات السياسية القائمة بين اسرائيل والصين. ان تعاظم مكانة الصين وعرض قدرتها على القيام بدور هام اكبر في الساحة الشرق اوسطية، بما في ذلك من خلال دعوة الاسرائيليين والفلسطينيين الى اجراء محادثات مباشرة في الصين، تستوجب اسرائيل ان تؤكد تجاهها الرسالة التي تقول ان التجاهل السياسي وعرض طرف واحد من المعادلة في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، بما في ذلك في البيانات والتصويتات في الامم المتحدة لن يسمح لاسرائيل بان ترى فيها وسيطا نزيها في اتصالات مستقبلية لحل الازمة في الشرق الاوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى