#ترجمات عبرية

معهد دراسات الأمن القومي – سباق تسلح تقليدي .. ميل نحو تعزيز القوة الإقليمية

معهد دراسات الأمن القومي- بقلم  ياهل أرنون ويؤال جوزنسكي – 12/7/2018

حسب بيانات نشرها معهد “ستوكهولم” الدولي لأبحاث السلام، اتضح أن نطاق تصدير السلاح للشرق الأوسط ارتفع في قيمته المالية بنسبة 103% خلال الفترة (2013-2017) مقارنة بالفترة (2008-2012)، وقد زادت المملكة العربية السعودية ومصر (من بين أكثر الدول الخمس المشترية للسلاح في العالم) في الفترة الأخيرة من واردات السلاح الخاصة بهما لما نسبته 225% و512% على التوالي.

رغم الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه مصر، والتقشف في دول الخليج بسبب انخفاض أسعار النفط في السنوات الأخيرة؛ إلا أن ميزانيات الأمن في هذه الدول لم تتأثر بشكل ملموس، وبشكل عام لم يقلصوا من صفقات الشراء العسكرية التي يتم تنفيذها. في مصر يتم تنفيذ عملية واسعة النطاق في بناء القوة العسكرية؛ ذراع الدفاع الجوي، سلاح الجو والبحرية يخضعون لتحديثات كثيرة، وهذا يشمل التزود بحاملتيْ طائرات من فرنسا، أربع غواصات جديدة من ألمانيا و50 طائرة “ميغ 29” ومنظومة دفاع جوية “اس 300” من روسيا. في منطقة الخليج، تجاوزت مشتريات السلاح من قِبل السعودية والامارات كل دول أوروبا الغربية. علاوة على ذلك، جزء كبير من ميزانية الشراء موجهة لشراء منظومات هجومية (غربية وغير غربية)، طائرات بدون طيار مهاجمة، وكذلك صواريخ أرض – أرض (خصوصًا لمسافات قصيرة)، سلاح موجه بدقة، وهذا يشمل قنابل خارقة للتحصينات وصواريخ “كروز”.

في السنوات الأخيرة، تعززت العلاقات الأمنية بين بعض دول عربية وبين الصين وروسيا، حيث القيود أقل مقارنة بالأمريكان في صادرات المعدات القتالية، ومنظومات سلاح أكثر تطورًا من إنتاجها يتم تزويدها لدول المنطقة، وفي وتيرة أسرع ممّا كانت عليه في السابق. عمليات الشراء هدفها تعزيز العلاقات بين تلك الدول وبين موسكو وبكين، خلق أداة ضغط على الولايات المتحدة، وكذلك ردًا على الرفض الأمريكي لشراء منظومات معينة، لتقليل الاعتماد على بائع واحد. امتلاك سلاح من مصادر مختلفة يتطلب قطع غيار مختلفة، تدريبًا معينًا ونظام صيانة معين، ولذلك يُفرض عبء على الجيوش.

مع ذلك، عدم التمركز في الشراء يقلل من اعتماد الدول على الولايات المتحدة ويعزز من قدرتها على تبني سياسات مستقلة. جزء من الصفقات مع الصين وروسيا تشمل نقل تكنولوجيا وإنتاج مشترك، على سبيل المثال: الصين (التي تزود طائرات بدون طيار هجومية للأردن، العراق، الجزائر، الامارات العربية المتحدة والسعودية) وافقت على إقامة مصنع لإنتاج الطائرات في مناطق الدول الأخرى. في السنوات الأخيرة، تحدثت تقارير أيضًا عن شراء مصر والامارات سلاح من كوريا الشمالية؛ لذلك هذه التطورات التي حدثت في السنوات الأخيرة في مجال الشراء التقليدي في الشرق الأوسط تعتبر بمثابة تحدٍ لإسرائيل.

تعزيز القوى الحالية نابع بدرجة كبيرة من التوتر بين الدول في الشرق الأوسط (حتى بين دول عربية)، لكنه أيضًا يلهبها، أحد الأمثلة على ذلك هو اهتمام المملكة العربية السعودية وقطر في المنظومة الروسية للدفاع الجوي “اس 400″، المملكة العربية السعودية تشجع شراء منظومة الدفاع الجوية THAAD (التي تستخدمها الامارات العربية) من أمريكا، لكنها وقعت العام الماضي مذكرة تفاهم مع روسيا لشراء المنظومة الروسية، ويشمل ذلك موافقة روسية على نقل التكنولوجيا لها. السعوديون (الذين يعملون لمنع تعزيز الصفقة بين قطر وروسيا) لديهم مصلحة في تعزيز العلاقات مع روسيا كجزء من خطتهم لتطوير صناعة سلاح محلي في إطار “رؤية 2030”. على خلفية المنافسة بين الرياض والدوحة، اشترت قطر مؤخرًا، سرًا، صواريخ أرض – أرض صينية دقيقة من نوع (SY-400).

تآكل في الموقف الأمريكي؟

أظهرت تقارير كثيرة أنه قد يحدث تآكل في موقف واشنطن، التي ما زالت مسؤولة عن توفير حوالي نصف السلاح الذي يصل للمنطقة، وعن بيع منصات متطورة لبعض دول الخليج. على إسرائيل أن تستوضح موقف الإدارة والكشف عن المخاطر المحتملة الكامنة في هذا الاتجاه؛ في هذا السياق، دولتان على الأقل (السعودية والامارات) أعربتا فعليًا عن اهتمامهما بشراء الطائرة المقاتلة المتطورة “اف 35″، على إسرائيل أن تستعد لاحتمال أن تسمح الولايات المتحدة – حتى خلال فترة حكومة ترامب – ببيع الطائرات المتقدمة للامارات المتحدة والسعودية.

الإدارة، بشكل عام، تطلب الآن إجراء مراجعة شاملة ومرونة في سياساتها بكل ما يتعلق بتصدير معدات قتالية، ويشمل ذلك طائرات مقاتلة وطائرات بدون طيار، بشكل يزيد المنافسة بين الشركات الأمريكية. يضع الرئيس ترامب ثقته في مساهمة الصفقات بتنفيذ وعوده بإضافة وظائف للاقتصاد الأمريكي. بناءً على ذلك، يمكن ترجيح أن موقف إسرائيل تجاه ذلك سيتم بحثه في هذا السياق، ويبدو أن توقعات الإدارة هي أن إسرائيل ستمتنع عن المعارضة.

المنصات المتطورة التي تصل للخليج (جزء منها أكثر تطورًا من تلك التي تصل لإسرائيل) هدفها – حسب منظور دول الخليج – هو جعلها أكثر استعدادًا للدفاع عن نفسها أمام إيران، والسماح لها بمساعدة وربما في حالة الضرورة بالاندماج في أي نشاط عسكري أمريكي محتمل ضدها أو ضد رد إيراني موجه إليها. بالإضافة لذلك، عمليات الشراء هدفها تعزيز العلاقة بينه هذه الدول وبين الولايات المتحدة، وهي بمثابة منافسة حول مكانتها ووضعها في الساحة العربية.

في حالات معينة، تفتقر جزء من الدول القدرة على تشغيل وتقوية المنظومات، لكن جزءًا من الجيوش العربية اكتسبت مؤخرًا خبرة عسكرية كبيرة، وتظهر قدرة عملية جيدة عن السابق في تشغيل منظومات متطورة والتكامل بين أذرع الجيوش. على إسرائيل أن تراقب استخباراتيًا وتبحث المنظومات التي يمكن أن يتم توفيرها لدول الخليج من أجل تحسين أمنها وتعزيز العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة، بشكل لا يهدد أمنها. بالتوازي مع الحاجة للعمل أمام الإدارة الأمريكية في القضية؛ يجب بحث: هل يمكن تطوير أدوات تأثير أمام روسيا والصين؟

المعضلة الإسرائيلية

تقف أمام إسرائيل عدة معضلات؛ إدارة ترامب تجادل بالحاجة لتعزيز الأنظمة الصديقة في الخليج أمام إيران، وتؤكد على المصالح لصناعة السلاح الأمريكية، وكذلك المنافسة أمام موردين آخرين، على رأسهم روسيا والصين، وإسرائيل لا تريد ان تظهر كمن يمس بالمصالح الأمريكية الأساسية وقدرات الإدارة الحالية، التي تهدف لتحسين وضع الاقتصاد الأمريكي. بالإضافة لذلك، تعزز التعاون الأمني بين إسرائيل ودول الخليج، وكذلك بين مصر والأردن وإسرائيل، ليس لديها مصلحة بالمساس به، في ظل هذه العلاقات المتطورة والرغبة بتشكيل كتلة ضد إيران؛ أصبحت إسرائيل أكثر مرونة في الواقع في موقفها أمام تصدير سلاح متطور لتلك الدول. كل ذلك إلى جانب التقارير التي تحدثت أن إسرائيل نفسها باعت لبعض دول الخليج منظومات أمنية متطورة من إنتاجها في السنوات الماضية، والسؤال: إلى أي مدى تستطيع حكومة إسرائيل العمل بحرية أمام الإدارة الأمريكية الحالية، التي وضعت أمر تصدير آليات قتال من انتاجها هدفًا مركزيًا لها؟ وإلى أي درجة قد يضر نشاط إسرائيلي صارم ضد بيع منظومات سلاح أمريكية متطورة لدول الخليج بالعلاقات التي أنشأت بين إسرائيل وبعض هذه الدول؟

أخيرًا، ثمة قلق مستمر متعلق بعدم الاستقرار المزمن للأنظمة، فقد قدم الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة نماذج على تغير في التوجه وانهيار أنظمة بدا على وجهها الاستقرار، ذلك، أحيانًا، بدون مؤشرات إنذار مسبقة. لا يمكن استبعاد تمامًا وضع يتقوض به استقرار أحد الدول وقد تسقط منظومات السلاح التي تمتلكها في “أيدٍ خاطئة”، مثلما حدث في منظومات سلاح أقل تطورًا بشكل نسبي في ليبيا، اليمن، سوريا والعراق. في هذا السياق، يجب أن نسأل: هل إسرائيل يقظة لما يحدث في مجال المشتريات التقليدية في شبه الجزيرة العربية، تركيا ومصر؟ وهل تستطيع أن تحصل على وعود أمريكية، تكنولوجية وسياسية، بأن السلاح لن يتم توجيهه ضدها؟

الخلاصة: دول الخليج العربي لم تكن يومًا متورطة في صدام عسكري مباشر مع إسرائيل، لكن لا يمكن الاستبعاد حتى النهاية أن السلاح الموفر لها الآن قد يتم توجيهه ضد إسرائيل في المستقبل، حتى لو لم يكن على أيديها. على إسرائيل – بناءً على ذلك – أن تبحث آثار وصول منصات نوعية مختلفة للشرق الأوسط على أمنها القومي، وأن ترفع أمام الأمريكان القلق من وصولها، وفي حالة الضرورة، محاولة تكييف ذلك للحفاظ على الفجوة النوعية العسكرية بينها وبين الأنظمة، التي هي الآن صديقة لها.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى