ترجمات أجنبية

معهد بيغن سادات ، بروفيسور هليل فريش يكتب – حريق غزة يُسلط الضوء على  الاختلافات ما بين حماس و الجهاد الاسلامي 

كتب :هليل فريش –  معهد بيغن سادات للدراسات الاستراتيجية   13 نوفمبر 2019.
ترجمة : هالة أبو سليم
ان الحريق الأخير، الذي اندلع في غضون ساعات من مقتل أحد كبار قادة الجهاد الإسلامي بهاء أبو عطا، يؤكد على الاختلافات الحاسمة بين حماس، الحاكم  القوي في غزة، والجهاد الإسلامي ــ ثاني  تنظيم  قوى  في القطاع  .
ماهي حقيقة الاهداف الاستراتيجية لكلا المنظمتين ؟
الأمر الأكثر أهمية هو  أن الأهداف الاستراتيجية   مختلفة ما بين المنظمتين ، على الأقل منذ المواجهة التي وقعت في صيف عام 2014 بين حماس وإسرائيل ــ وهي أطول وأعنف جولة من الأعمال العدائية على مستوى غزة حتى الآن . وفي حين تنظر حماس إلى استخدام العنف باعتباره وسيلة لزيادة حجم التجارة مع إسرائيل وتأمين تدفق الأموال القطرية، وكل من الأمرين يعزز رفاهية إسرائيل وسكان غزة  ، في نفس الوقت  فإن الجهاد الإسلامي تسعى إلى مواجهة تامة النضج كجزء من استراتيجية إيرانية لتحويل الانتباه عن حشدها العسكري السوري وتوسعها الإقليمي. وتعكس هذه الأهداف الاستراتيجية الاختلافات في التركيبة السياسية والتنظيمية لكل من حماس و الجهاد الاسلامي .
حماس –حركة سنية ذات جماهرية واسعة و لديها قاعدة شعبية و اسعه  وهي تُعلن بوضوح ارتباطها مع حركة الإخوان المسلمين ،حركة حماس  تتصرف بحرية   وبثقة عالية في مجتمع غالبية سكانه سنى و متدين بطبيعته . بينما لو أي مواطن في غزة يؤمن بالأفكار و المعتقدات الشيعية فانه مجبر ان تكون طي الكتمان و لا يعلن عن هذه الأفكار على الملأ .
ويتعين على حماس في وضع استراتيجيتها أن تضع في اعتبارها هذه القاعدة الشعبية، التي تتألف على أقل تقدير من  خمسين ألف رجل وامرأة تعتمد رواتبهم على احتفاظ حماس بالسيطرة على غزة. كما أن حماس هي القوة الرئيسية في مؤسسات التعليم العالي ومنظمات العمل وغيرها من المنظمات الاجتماعية 
يوجد كثير من الاختلافات في هذا الجانب ما بين حركة حماس و الجهاد الاسلامي في هذا الجانب ، كون حركة الجهاد الاسلامي معروف ارتباطها الوثيق بإيران و بالتالي ليس لها أي قاعدة شعبية .
بالرغم من تقدير سكان قطاع غزة لتضحيات الجهاد الاسلامي ،الا انهم  يشتبهون في كون معظم اعضاءه في حقيقة الأمر “شيعه ” . 
وهكذا يسود شكل من أشكال علاقات الحبّ والكراهية بين السكان عموما والجهاد الإسلامي، وهو الأمر الذي أصبح أكثر وضوحا مع اشتداد النزاعات بين الشيعة والسنة في سوريا والعراق واليمن .
 هل تتمتع حركة الجهاد الاسلامي بقاعدة شعبية في قطاع غزة ؟ 
ولهذا السبب فإن حركة الجهاد الإسلامي، بعد الانتخابات في جامعات غزة ونقابات العمال، فضلاً عن استطلاعات الرأي المتكررة، لم تحصّن سوى 2% إلى 3% من التأييد. وعلى النقيض من هذا، نادراً ما حصلت حماس وحركة فتح المنافسة على أقل من 15%؛ ولم يتغير أي شيء في هذا الصدد على مدى العقود الثلاثة الماضية  .
وكان بث موكب جنازة أبو عطا في الوقت الحقيقي بعد ساعات فقط من مقتله مؤشراً بارداً على الشعبية المحدودة التي اكتسبتها الجهاد الإسلامي، حيث كان من الصعب إحصاء أكثر من مائة مشارك. (لا شك أن العدد الضئيل للغاية يرجع جزئياً إلى أن أغلب أفراد هذه الجماعة إما منشغلون بإطلاق الصواريخ أو يختبئون في أنفاق تحت الأرض، ولهذا السبب لم يحجَب المشاركون  هوياتهم  الحقيقة .
وعلى الرغم من  شعارات الوحدة التي سعت “القيادة المشتركة للفصائل الفلسطينية” إلى إطلاقها، فإن الأعلام الوحيدة في الجنازة كانت أعلام الخلفية السوداء والرايات، وهو ما يشير بالتالي إلى أن الجهاد الإسلامي ليست منظمة ذات قاعدة جماهيرية فحسب، بل إنها أيضاً منظمة معزولة نسبيا .
 ورغم أن هذه السمات قد تُفسَّر بأنها تحد من بريق الجهاد الإسلامي، فإنها نعمة لطهران.
ذلك أن القاعدة الشعبية الهزيلة التي تستند إليها الجهاد الإسلامي تعني أن اعتمادها على إيران أعظم من أي شيء آخر. ومن ناحية أخرى، تستطيع المنظمة أن تعمل كذراع قتالية فقط من دون الحاجة إلى مراعاة رفاهة سكان غزة.
بالنسبة لحركة حماس مما ذكر سابقاً ليس بجديد فهي تُدركه جيداً .
والواقع أن قادتها يدركون تمام الإدراك   يُحجم حركة الجهاد الإسلامي، والأسباب وراء أنشطتها، والطرق التي تتناقض بها استراتيجيتها مع أجندة حماس الحالية.
وعلى نفس المنوال، فإن حماس لا تستطيع أن تتحمل التكاليف المترتبة على وضع حد فوري لهذه الصواريخ.
ذلك أن استهداف كبار القادة يشكل خطاً أحمر بالنسبة لحماس أيضاً، وخاصة حين يأتي هذا كمفاجأة كاملة وليس انتقاماً من هجمات إرهابية محددة.
وعلى مستوى أعمق، لا تستطيع حماس إلا أن تقيد حركة الجهاد الإسلامي بدلاً من أن توقفها لأنها تحتاج أيضاً إلى إيران.
كيف  كان  مقتل أبو بكر البغدادي رسالة لحركة حماس ؟  
انتهاء تنظيم داعش بمقتل زعيمة ابو بكر البغدادي كان رسالة لحركة حماس ان اى منظمة لا ترتبطها علاقات دولية سيكون مصيرها الزوال و بقائها يعتمد على علاقاتها الاقليمية و الدولية  و عدد حلفائها . ومن الصعب أن تكون حماس على قدر كبير من المشارطة، وذلك لأن أغلب الدول العربية السُنّية تعارض أنشطتها (ربما بسبب انتسابها إلى جماعة الإخوان المسلمين)، في حين تبدي تركيا الأكثر تعاطفا  مع حركة حماس مشغولة الان بسوريا .
ما هي المصلحة المشتركة لحركة حماس  و إسرائيل ؟
وهذا بدوره يعني أن إسرائيل وحماس في الأمد القريب على الأقل مصران على المصلحة المتبادلة: ألا وهي  إبقاء الحريق قصير الأمد وليس قاتلاً إلى حد كبير. إن إسرائيل لأنها لا تريد صرف الانتباه بعيداً عن التوسع الإيراني والسعي إلى امتلاك السلاح النووي؛ وحماس لأنها تريد الاحتفاظ بالسلطة في غزة، وتحتاج إلى  رفاهية سكان القطاع ، أو على الأقل قاعدتها الأساسية الصلبة.والسؤال بطبيعة الحال هو ما إذا كان الجانبان في ضباب المعركة سوف يتمكنان من السيطرة على الأحداث من أجل تحقيق أهدافهما المشتركة.
* البروفيسور هيليل فريش:  أستاذ الدراسات السياسية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، ومساعد أبحاث كبير في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى