#ترجمات عبرية

معهد بحوث الأمن القومي (INSS): حرب “الأسد الصاعد” وتداعياتها على الأمن القومي الإيراني

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 24/11/2025، راز تسيمت: حرب “الأسد الصاعد” وتداعياتها على الأمن القومي الإيراني

كانت حرب الاثني عشر يومًا بين إيران وإسرائيل في حزيران 2025 أول مواجهة مباشرة وشاملة بين البلدين. ورغم قصر مدتها نسبيًا، تُعتبر حدثًا صادمًا للغاية في الجمهورية الإسلامية، لا سيما في ضوء الضربة الافتتاحية التي شنتها إسرائيل، وانضمام الولايات المتحدة إلى الحملة، وحجم الأضرار التي لحقت بالأنظمة النووية والصاروخية الإيرانية. منذ انتهاء الحرب، دأبت إيران على استخلاص الدروس من الثغرات الكبيرة التي كُشفت في قدراتها على الردع والدفاع.

لم تغفل القيادة الإيرانية عن الحاجة إلى تحسينات وتعديلات في مفهوم الأمن القومي، ولكن يبدو أن هذا لا يكفي حاليًا لإحداث تغيير جذري في الاستراتيجية العامة. يبدو أن إيران تُفضل إجراء بعض التعديلات على سياستها في إطار المفهوم الحالي، مع إيجاد حلول ممكنة للثغرات التي كُشفت، بدلًا من إحداث تغييرات جوهرية في القضايا الاستراتيجية الجوهرية. على أي حال، يتسم الواقع الجديد الذي خلقته الحرب بعدم الاستقرار، ومن المشكوك فيه أن يدوم الوضع الراهن طويلًا، لا سيما في ظل تزايد احتمالات سوء التقدير بين إيران وإسرائيل، واتخاذ إيران قرارات محفوفة بالمخاطر، لا سيما في المجال النووي.

تهدف هذه المذكرة إلى دراسة الدروس التي استخلصتها إيران من الحرب وتداعياتها في أربعة مجالات رئيسية: المجال النووي، والمنظومة العسكرية الاستراتيجية، والساحة الإقليمية، والساحة الداخلية، وكيف أثرت على مفهوم الأمن القومي الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن المذكرة سلسلة من التوصيات السياسية الرامية إلى كبح، أو على الأقل تأخير، جهود إيران لاستعادة قدراتها الاستراتيجية، وفي مقدمتها برنامجها النووي، والمحور الموالي لإيران في المنطقة، والحد قدر الإمكان من خطر تجدد القتال.

ملخص تنفيذي

شكّلت حرب الاثني عشر يومًا بين إيران وإسرائيل في حزيران 2025 أخطر ذروة حتى الآن للصراع الدائر بين البلدين. ورغم قصر مدتها نسبيًا، تُعتبر حدثًا صادمًا للغاية في الجمهورية الإسلامية، لا سيما في ضوء الضربة الافتتاحية المفاجئة التي وجهتها إسرائيل، وانضمام الولايات المتحدة إلى الحملة، ومدى الضرر الذي لحق بالمنظومات الاستراتيجية الإيرانية، وفي مقدمتها البرنامج النووي ونظام الصواريخ بعيدة المدى. وتتجلى شدة الصدمة في الاسم الذي أُطلق على الحرب في إيران – “الحرب القسرية” – وهو مصطلح يُستخدم لوصف حرب السنوات الثماني بين إيران والعراق في ثمانينيات القرن الماضي. وكما شكّلت الحرب الإيرانية العراقية التصور الأمني ​​والوعي الوطني لإيران، فمن المرجح أن تترك حرب “الأسد الصاعد” أيضًا أثرًا حقيقيًا في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والإقليمية والمحلية…

 مقدمة

من الصعب التقليل من أهمية حرب الاثني عشر يومًا بين إيران وإسرائيل. لم تُمثّل هذه الحرب أخطر ذروة في الصراع الدائر بين البلدين حتى الآن فحسب، بل كانت أيضًا الحدث الأكثر صدمةً لإيران منذ نهاية الحرب الإيرانية العراقية عام 1988. كما فاقمت الحرب، وخاصةً وابل الصواريخ الثقيلة التي أُطلقت من إيران على إسرائيل، من شعور الخوف والقلق في إسرائيل، عقب مذبحة السابع من أكتوبر والحملة المستمرة على سبع جبهات. كما أثارت الحرب جدلًا حول عواقبها. وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نتائج الحرب مع إيران بأنها “نصر تاريخي سيبقى لأجيال”. وأعلن أن إسرائيل نجحت في إزالة تهديدين وجوديين مُلحّين: خطر الفناء بالقنابل النووية، وخطر الفناء بعشرين ألف صاروخ باليستي، وأن إسرائيل وجهت أيضًا “ضربات ساحقة للنظام الإيراني الشرير”…

 الفصل الأول: بين “سردية النصر” و”التحول الجذري”

كانت حرب “الأسد الصاعد” بين إسرائيل وإيران، التي استمرت من 13 إلى 24 حزيران 2025، أول مواجهة مباشرة شاملة بين البلدين. اندلعت بمبادرة إسرائيلية، على خلفية فشل المفاوضات بين طهران وواشنطن في محاولة التوصل إلى اتفاق نووي مُحسّن؛ وتطورات مُقلقة في “محور التسلح” ضمن البرنامج النووي الإيراني، مما أثار مخاوف من إمكانية تقصير طهران الوقت اللازم لإنتاج أول قنبلة نووية؛ والتقدم السريع في مشروع بناء القوة في برنامج الصواريخ الإيراني؛ وفرصة تاريخية فُتحت بعد قرار حزب الله في صيف 2024، وانهيار نظام الأسد، وتدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية في الهجوم الإسرائيلي أواخر أكتوبر 2025، وظروف عملياتية أخرى.

الفصل الثاني: الغموض النووي على مفترق الطرق

عشية الحرب، كانت إيران دولةً على أعتاب امتلاك السلاح النووي، قادرةً على استكمال تخصيب اليورانيوم الذي تمتلكه بنسبة 90 في المئة – وهي مادة انشطارية بالمستوى اللازم للأسلحة النووية – في أقل من أسبوعين من اتخاذ القرار، وعلى ما يبدو بعد بضعة أشهر من تحقيق قدرة نووية عسكرية أولية. كان الهدف من هذه القدرة توفير ردعٍ لها ضد أعدائها، وتوفير ضمانٍ لبقاء النظام. إلا أن قائد إيران امتنع عن إصدار أوامر بتطوير الأسلحة، خوفًا على ما يبدو من الانجرار إلى حملة عسكرية ضد إسرائيل، والأسوأ من ذلك – ضد الولايات المتحدة. لسنوات، فضلت إيران التقدم في المسار النووي تدريجيًا وأكثر أمانًا على المسار الأسرع…

 الفصل الثالث: إعادة بناء المنظومات العسكرية الاستراتيجية

من وجهة نظر طهران، عززت التصريحات المتكررة لإسرائيل والولايات المتحدة حول استعدادهما لمهاجمة إيران مجددًا الحاجة إلى تحسين جاهزيتها لسيناريو أي هجمات أخرى ضدها في المستقبل. منذ انتهاء الحرب، كثّفت إيران جهودها لإعادة بناء وتطوير منظوماتها العسكرية، وخاصةً منظومات الصواريخ والدفاع الجوي، في إطار تحسين جاهزيتها في ضوء احتمال تجدد القتال. وقد مكّنها تسليح إيران في العقود الأخيرة بمنظومات عسكرية استراتيجية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، من تعويض ضعفها في مجال الأسلحة التقليدية، إلى جانب شبكة وكلائها، واستخدامها للإرهاب، وقدراتها السيبرانية. يُعدّ برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني المتنوع نتيجةً للحرب الإيرانية العراقية، التي أبرزت الحاجة إلى تحسين الردع والاعتماد على الذات. وترى إيران أن الصواريخ الباليستية تُوفّر وسيلة سهلة وسريعة وفعالة لردع خصومها، وإبراز قوتهم، ومعاقبتهم.

 الفصل الرابع: إيران في الساحة الإقليمية بعد الحرب

على الرغم من أن محدودية قدرة إيران على إدارة الشبكة الإقليمية التي نسجتها لسنوات كانت جليةً في الأشهر التي سبقت حرب الأيام الاثني عشر، وخاصةً منذ هزيمة حزب الله أمام إسرائيل وانهيار نظام الأسد في سوريا، إلا أن الحرب أوضحت بشكل أكبر انهيار مفهوم الوكلاء. إن مفهوم “الدفاع الأمامي”، الذي كان يهدف إلى احتواء التهديدات للأمن القومي الإيراني بعيدًا قدر الإمكان عن حدودها من خلال تشغيل الوكلاء، لم يمنع في نهاية المطاف إسرائيل والولايات المتحدة من مهاجمة إيران مباشرة. تُعدّ شبكة الوكلاء ركنًا أساسيًا من أركان مفهوم إيران الأمني، وإحدى الوسائل الرئيسية المتاحة لها لردع أعدائها، وتعزيز عمقها الاستراتيجي، وتوسيع نفوذها وقوتها خارج حدودها.

 الفصل الخامس: الساحة الداخلية في إيران بعد الحرب

يُعدّ ضمان بقاء النظام في وجه التهديدات الداخلية والخارجية هدفًا أساسيًا للجمهورية الإسلامية، وعاملًا أساسيًا في تشكيل مفهومها الأمني. لذلك، ورغم أن التطورات على الساحة الداخلية في إيران خلال الحرب وبعدها لا ترتبط ارتباطًا مباشرًا بتغييرات الاستراتيجية الإيرانية، إلا أنه لا يمكن تجاهلها حتى في إطار مناقشة مفهوم الأمن القومي للجمهورية الإسلامية. لم تضع إسرائيل إسقاط النظام الإيراني هدفًا لها في الحرب، التي كانت تهدف أساسًا إلى إلحاق ضرر حقيقي بالبرنامج النووي ومنظومة الصواريخ الباليستية، وتقليصهما بشكل ملحوظ.

 ملخص وتوصيات

عشية عيد العرش 2025، أثار وزير الدفاع الاسبق أفيغدور ليبرمان ضجةً طفيفة عندما حذّر من نوايا إيران بمهاجمة إسرائيل. ففي تغريدة نشرها على حسابه على شبكة إكس، كتب ليبرمان أن من يعتقد أن الحادث مع إيران قد انتهى مخطئ ومضلل، وأن الإيرانيين يعملون بالفعل بجد لتعزيز قدراتهم العسكرية. ودعا المواطنين الإسرائيليين إلى توخي الحذر الشديد خلال العيد والبقاء بالقرب من المناطق المحمية. وعقب تصريحاته التي أثارت الذعر، أوضح مصدر أمني أنه لا يوجد أي تغيير في الإرشادات، وأنه لا يُتوقع وقوع أي حادث غير عادي قريبًا مع الإيرانيين. واتهم مصدر إسرائيلي آخر ليبرمان بإثارة الذعر دون أساس، بهدف جذب الانتباه فقط. وحتى لو كانت تحذيرات ليبرمان مبالغًا فيها، فلا شك أن طبيعة الواقع الجديد الذي نشأ في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر بعيدة كل البعد عن الاستقرار…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى