ترجمات عبرية

معهد بحوث الأمن القومي – تقويم استراتيجي لاسرائيل 2021– بقلم اودي ديكل ونوعا شوسترمان – الساحة الفلسطينية : الإبقاء على ما هو قائم أم السعي الى التغيير؟

معهد بحوث الأمن القومي – بقلم  اودي ديكل ونوعا شوسترمان – 10/1/2021

على إسرائيل ان تبلور مع إدارة بايدن استراتيجية تقوم على الفهم بان الخيار الوحيد القابل للتنفيذ هو انفصال سياسي، جغرافي وديمغرافي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، للحفاظ على احتمال التسوية في المستقبل على أساس دولتين منفصلتين ومميزتين. ولهذا مطلوب تقليص الاستثمار في الاستيطان شرقي العائق الأمني دون المس بالسيطرة الأمنية في غور الأردن وفي حرية عمل الجيش الإسرائيلي في ارجاء الضفة الغربية “.

عندما وقعت اتفاقات التطبيع بين اسرائيل وبين اتحاد الامارات العربية والبحرين، ولاحقا الاعلان عن اقامة العلاقات مع السودان والمغرب، كانت الساحة الفلسطينية تعيش احدى لحظات الضعف الاستراتيجية الابرز لها. ومثلت هذه الاحداث فقدان ذخر استراتيجي هام – قوة الفيتو على التطبيع بين اسرائيل والعالم العربي– وشكلت دليلا آخر على دحر الموضوع الفلسطيني الى الهوامش الاقليمية والدولية. ورغم توافقات اسطنبول (ايلول 2020) للمصالحة بين فتح وحماس، والتي جاءت للرد على ضعف الساحة الفلسطينية وأزمتها، بقي الانقسام على حاله وبقيت الساحة هشة وتعيش ازمة صحية واقتصادية خطيرة.

أربعة احداث مركزية جعلت 2020 سنة تحدي خاص للفلسطينيين:

1.خطة ترامب للتسوية: في كانون الثاني 2020 عرض الرئيس ترامب “صفقة القرن” – رؤيا جديدة لحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني وهندسة الشرق الاوسط، استنادا الى تحالف عربي – امريكي – اسرائيلي. غيرت الخطة المباديء التي وجهت المسيرة السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين في العقود الثلاثة الاخيرة، وشككت ضمن امور اخرى بفكرة القيادة الفلسطينية في ان الزمن يعمل في صالح المشروع الوطني الفلسطيني وانه مع مرور الوقت ستفرض الاسرة الدولية على اسرائيل الشروط الفلسطينية للتسوية. رفضت القيادة الفلسطينية وباقي التيارات الخطة لتبنيها في معظمها موقف اسرائيل بما في ذلك ابقاء المستوطنات على حالها، وابقاء صلاحيات امنية متزايدة لدى اسرائيل وعرض كيان محدود في صلاحياته على الفلسطينيين. ومع انتخاب جو بايدن للرئاسة الامريكية فقدت خطة ترامب للتسوية صلتها بالواقع، ولكن تداعياتها على تسوية اقليمية جديدة لا تزال قائمة.

2.نوايا الضم الاسرائيلية: عند الاعلان عن خطة ترامب صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بانه سيعمل على بسط السيادة الاسرائيلية (الضم) على مناطق في الضفة الغربية وفقا لخطة ترامب (حتى 30 في المئة من الضفة). وازداد احتمال تحقق هذا التهديد في ايار 2020، حين تشكلت في اسرائيل حكومة وحدة ادرجت نية الضم في خطوطها الاساس. ردت القيادة الفلسطينية بالوسائل المحدودة في يديها – وقف التنسيق الامني والمدني وتعليق الاتفاقات بينها وبين اسرائيل، وكذا رفض تلقي اموال المقاصة من اسرائيل. وذلك الى جانب اتصالات الوحدة والمصالحة الفلسطينية الداخلية بين فتح وحماس. وتبين للقيادتين في الضفة وفي القطاع بان الجمهور الفلسطيني لا يتجند لدعوتهما للمقاومة الشعبية.  علقت اسرائيل الضم لعدة سنوات مقابل اتفاق التطبيع مع اتحاد الامارات العربية.

3.التطبيع: اعلان اتحاد الامارات، البحرين، السودان والمغرب عن اقامة علاقات رسمية مع اسرائيل كان ضربة قاسية للغاية، إذ جسدت بان اتفاقا شاملا لاقامة دولة فلسطينية على اساس حدود 1967 عاصمتها شرقي القدس، مع حق العودة للاجئين لم يعد شرطا مسبقا لتطبيع علاقات الدول العربية مع اسرائيل. ومثلت اتفاقات التطبيع بوضوح تآكل مكانة المسألة الفلسطينية واظهرت بان المصالح الخاصة للدول العربية تفوق المصلحة الفلسطينية. كما فشلت محاولات السلطة الفلسطينية اقرار شجب لميل التطبيع في الجامعة العربية. وانتهى رد فعل الفلسطينيين على ميل التطبيع، والذي بدأ بشجب علني فظ، بالهمس.

4.أزمة صحية واقتصادية: في أعقاب تفشي فيروس الكورونا الذي اشتد مع نهاية العام، قطع التعاون مع اسرائيل لمدة نصف سنة والانخفاض في التبرعات من الدول العربية فاقمت الازمة الاقتصادية في السلطة الفلسطينية والوضع الانساني في قطاع غزة.

الميول للعام 2021

جيد انتخاب جو بايدن للرئاسة الامريكية حلم قيادة السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس لانهاء ولاية الرئيس ترامب الذي أيد سياسة حكومة اسرائيل وأملها في أن تشطب خطته ويتاح اعادة المسيرة السياسية الى المسار الذي يفضله الفلسطينيون – على اساس اطار وقرارات دولية لا تفرض عليهم مرونة كبيرة في عناصر الحل للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.

وحل محل تعليق بسط حكومة اسرائيل للسيادة لزمن غير محدد (حسب تقارير غير رسمية – حتى أربع سنوات) التمسك بسياسة الضم الزاحف وتوسيع البناء في كل المستوطنات في الضفة الغربية، بما فيها تلك التي خارج جدار الامن، وذلك دون وضع مخطط للانفصال في المستقبل. في نظر حكومة اسرائيل لا يوجد ما يبرر العمل على مسيرة سياسية مع الفلسطينيين، وذلك لانها ترى أن الوضع الحالي افضل لها من البدائل الاخرى – وبالتأكيد عندما تحطم الحاجز امام اقامة علاقات تطبيع مع العالم العربي. وتعتقد محافل اليمين بان الزمن يعمل في صالح اسرائيل ولهذا فان الخطر الكامن في حل الدولتين آخذ في الابتعاد. وحتى لو استجابت اسرائيل لطلب العودة الى طاولة المفاوضات، فانها ستطالب بان تكون خطة ترامب اساسا او على الاقل مرجعية للمفاوضات – الطلب الذي سيرفض الفلسطينيون قبوله.

“الصمود هو الموقف الاساس لقيادة فتح وحماس. ففي كل أزمة في المعسكر الفلسطيني، تعود الى جدول الاعمال ثلاثة مسارات للعمل. المصالحة والوحدة، التهديد بحل السلطة الفلسطينية و “اعادة المفاتيح” لاسرائيل، والتصعيد. ولكن عمليا فان قيادة فتح وحماس على حد سواء تتطلعان للحفاظ على انجازاتهما التاريخية، واحتمال تحقق مسارات العمل هذه ليست معقولة: قيادة فتح لن تتخلى عن مكانة الصدارة لها في م.ت.ف، في السلطة الفلسطينية وفي مؤسسات الدولة على الطريق، وحماس لن تتخلى عن سيطرتها في قطاع غزة. وتعاظم التأييد للعنف تجاه اسرائيل في اوساط الجمهور الفلسطيني (حسب استطلاعات المركز  الفلسطيني للمسوح – خليل الشقاقي) لم يؤثر عمليا على اعمال الارهاب في الميدان وفي هذا السياق ابقي على مستوى متدنٍ في الضفة الغربية رغم وقف التنسيق الامني مع الجيش الاسرائيلي. وفي القطاع طرأ انخفاض كبير في الاحداث والحوادث في منطقة الجدار الحدودي وفي اطلاق الصواريخ، وتواصل ضخ المال من قطر.

من المتوقع للمسألة الفلسطينية أن تبقى في اولوية متدنية في جدول الاعمال في العالم العربي. حين تكون المصالح الفورية، وعلى رأسها الصراع ضد ايران ومنع توسع النفوذ التركي، تفوق الالتزام بالقضية الفلسطينية  والسعي الى اقامة تحالف اقليمي جديد، يضم اسرائيل. وانتخاب جو بايدن للرئاسة الامريكية والذي تراه الزعامة في العالم العربي السني عودة الى سياسة ادارة اوباما من حيث تبني نهج المصالحة مقارنة بالسياسة التي اتخذها ترامب حيال ايران، كفيل بالذات ان يعزز التحالف المتشكل ضد المحور الايراني الشيعي فيثبت بذلك ايضا مكانة اسرائيل كعضو كبير في المنظومة الاقليمية المتشكلة. ومع ان تركيا وقطر تحاولان استغلال ضعف الساحة الفلسطينية لتوسيع نفوذهما عليها وضمها الى معسكرهما، لكن ليس من المعقول ان ترتبط قيادة السلطة بهذا المحور المتماثل مع حركة الاخوان المسلمين، ولا سيما في ضوء امكانية ان تبدي ادارة بايدن انفتاحا متجددا تجاه الفلسطينيين. وفي قيادة غزة – حماس ايضا يبدو فهمفي أن الانتماء الى المحور التركي – القطري سيكون اشكاليا بسبب خصومته مع مصر التي تتحكم بانبوب التنفس للقطاع– معبر رفح.

عوامل التغيير

وحدة فلسطينية داخلية ظاهرا: استعداد عباس للدخول في حوار مع حماس حول الوحدة يعكس اعترافا بانه من أجل اعادة المسألة الفلسطينية  الى مركز الاهتمام الاقليمي والدول وتحدي اسرائيل في ذلك مطلوب تسوية العلاقات بين المنظمتين. غير أن العمل على هذه المسيرة ينطوي على خطر على عباس وحركة فتح، لان نجاحها سيشكل بالنسبة لحماس خشبة قفز للسيطرة على السلطة الفلسطينية وم.ت.ف. ويمثل انتخاب بايدن بالنسبة لعباس فرصة لاعادة اجندته الى مقدمة المنصة  وبالتالي يقلل من رغبته في تحقيق المصالحة والتوجه الى الانتخابات. واذا تبين بان ادارة بايدن لا تولي اولوية عالية للتسوية بين اسرائيل والفلسطينيين، وبقيت المسألة الفلسطينية بالهوامش، ستزداد من جديد مساعي المصالحة الفلسطينية الداخلية. وحسب استطلاعات المركز الفلسطيني للمسوح فان اكثر من 50 في المئة من الفلسطينيين يرون في الانقسام سببا لدحر القضية الفلسطينية عن المنصة الاقليمية، ولكن اغلبية الجمهور الفلسطيني لا تؤمن بان مساعي المصالحة ستنجح. كما أن اكثر من 60 في المئة يؤمنون بان حل الدولتين لم يعد قابلا للتحقق.

تجبر الازمة الاقتصادية ووباء الكورونا في قطاع غزة حماس على منح أولوية للتفاهمات مع اسرائيل، لتحسين الوضع الانساني وتحسين البنى التحتية في المنطقة. وبدأت في صفوف الحركة عملية انتخاب القيادة التي ستنتهي في ربيع 2021 وستؤثر على نهج التفاهمات الذي تبناه زعيم حماس في غزة يحيى السنوار. الى جانب ذلك ستواصل حماس بناء قوتها العسكرية وسترفع اساسا مخزون ومدى الصواريخ والطائرات الهجومية غير المأهولة. وبين الحين والاخر تطلق حماس تذكيرا من قطاع غزة نحو اسرائيل في أن التحديات الامنية لا تزال سارية المفعول، ولكن واضح أنها تفضل الامتناع عن التصعيد.

هذا ومن المتوقع لادارة بايدن ان تخفف حدة التأييد الامريكي لاسرائيل مقارنة بادارة ترامب. كما من المتوقع للدول الاوروبية ان تحاول اقناعها باحياء المسيرة السياسية. يؤيد الحزب الديمقراطية حل الدولتين للشعبين، ولكن معقول الافتراض بان العمل على الفكرة لن يكون على رأس اهتمام الادارة. فمحيط بايدن يعترف باهمية السلطة الفلسطينية لاسرائيل ايضا. إذ انها تعفيها من العبء المباشر لادارة السكان في المناطق المحتلة. ولهذا السبب يقدر بان الادارة الجديدة ستسعى لان تضمن عدم انهيار السلطة اقتصاديا وعدم اقدامها اهميتها السياسية واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن ورام الله، بما في ذلك اعادة فتح ممثلية المنظمة في واشنطن؛ استئناف عمل القنصلية الامريكية في شرقي القدس؛  تحريك المساعدة الامنية الامريكية – بالمال وبالتدريب – لاجهزة الامن السلطة، وذلك بالتوازي مع استئناف التنسيق الامني والمدني بين السلطة واسرائيل. واعلنت السلطة بانها ستجري اصلاحات في عملية الدفعات المالية كي تسمح للادارة الجديدة في استئناف المساعدات الاقتصادية بعد التشريع في الكونغرس ضد دعم السلطة لعائلات المخربين والسجناء. ينبغي الافتراض بان ادارة بايدين ستسعى ايضا الى اعادة الدعم المالي لوكالة الغوث (نحو 250 مليون دولار في السنة) مما يسهل بشكل غير مباشر من العبء المالي والاجتماعي على السلطة. ومع ذلك، على اسرائيل أن تشترط ذلك بزيادة الرقابة على عمل الوكالة.

ستتحدى ادارة بايدن حكومة اسرائيل بالنسبة للهدف الاستراتيجي لحل الدولتين للشعبين، وفي اطار ذلك ستلغي الضوء الاخضر الذي اعطته إدارة ترامب لمواصلة البناء في كل المستوطنات، لهدم المنازل الفلسطينية في المناطق ج ولباقي اجراءات الضم الزاحف، التي تمنع برؤيتها امكانية اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل اقليمي في الضفة الغربية. كل ذلك في تطلع للامتناع عن “الصدامات” المتواترة مع حكومة اسرائيل. من غير المتوقع ان تلغي الادارة الديمقراطية الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل او تعيد السفارة الى تل أبيب. وبالمقابل، هناك احتمال عالٍ لان تلغي الادارة الجديدة الاعتراف بشرعية المستوطنات وستفضل تجاهل مخطط ترامب للتسوية، باستثناء الاعتراف بحل الدولتين، الحاجة الى تطوير الاقتصاد والبنى التحتية الفلسطينية ودعم عملية التطبيع.

انعطافات محتملة

سيؤثر نزول عباس عن الساحة على مستقبل السلطة وعلى قدرتها على الحكم. ومن المتوقع صراعات خلافة بل وربما ترتيب آخر للعلاقات بين فتح وحماس. معقول ان يتخذ بديل عباس نهجا كديا تجاه اسرائيل ويحتمل ان يشجع مقاومة شعبية عنيفة. وسيعمق دخول حماس الى قيادة السلطة القطيعة بين اسرائيل والسلطة وسيجعل من الصعب التنسيق الامني والمدني. في هذه الظروف فان الدول التي تعرف حماس كمنظمة إرهاب ستقف امام  معضلة هل تعترف بالقيادة الفلسطينية الجديدة بينما تواصل حماس رفض مطالب الرباعية التي عرضت كشروط للحوار – الاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات وكذا منع الإرهاب والعنف.

من شـأن جولات تصعيد محدودة في منطقة غلاف غزة ان تتطور الى مواجهة عسكرية جراء إحساس الضرورة، سواء لإسرائيل ام لحماس، للرد على اعمال الطرف الاخر، وكذا كنتيجة لنشوب ازمة إنسانية حادة في القطاع. والاحداث المحتملة هي: الأول – تدهور عسكري، حيث لإسرائيل ردان: رد محدود – لاعادة الردع والهدوء؛ رد واسع – لحل الذراع العسكري لحماس والجهاد الإسلامي، في ظل السعي للامتناع عن الانجذاب الى القطاع والبقاء الطويل فيه؛ والثاني – تفاهمات/تسويات طويلة المدى، بدون حملة عسكرية أو بعدها، لتحقيق هدوء طويل مقابل تسهلات واسعة في الاغلاق، وفي اطار ذلك الموافقة على تبادل الجثتين والمدنيين المأسورين لدى حماس مقابل تحرير سجناء؛ والثالث – اعمال من الفصائل المتطرفة، ولا سيما من الجهاد الإسلامي وغيرها قد تعرقل مساعي الاحتواء والتسوية والتسبب بتصعيد امني.

قوة الاضرار الفلسطينية: في وضع استمرار الجمود السياسي والضم الإسرائيلي الزاحف والى جانب ذلك في ضوء توسيع اتفاقات التطبيع مع دول عربية أخرى، قد تصل الفصائل الفلسطينية الى الفهم بان كل ما تبقى لها هو قوة الاضرار، أي إمكانية عرقلة ميل التطبيع. وبالتالي يحتمل أن تتخذ اعمال إرهاب وعنف بقوى متزايدة لجر إسرائيل الى رد عسكري والضغط على السكان الفلسطينيين مما سيثير انتقادا حادا في الساحتين العربية والدولية ويوقف مسيرة التطبيع عقب الضغط من الداخل على زعماء الدول العربية البراغماتية. إضافة الى ذلك سيسرع التصعيد عملية الدعاوى ضد إسرائيل في محكمة الجنايات  الدولية التي ستتسرع اغلب الظن في السنة القريبة القادمة.

توصيات السياسة

توجد الساحة الفلسطينية في انعدام واضح لليقين يتأثر بجملة احداث في إسرائيل، في المنطقة وفي العالم، كفيل بان يولد سيناريوهات غير مقصودة. الميل الواضح هو ضعف السلطة والصراعات الجارية في صفوفها خلف الكواليس بإثر نزول الرئيس الفلسطيني عن الساحة. هذه الصراعات كفيلة بان تمس بأداء السلطة بل وتؤدي الى فقدان قدرتها على الحكم. مصلحة حيوية لإسرائيل هي وجود سلطة فلسطينية تؤدي مهامها، مستقرة وغير معادية كأساس لهدوء امني كي لا يقع عبء المسؤولية  عن الفلسطينيين عليها. الهدوء  الأمني هو ايضا  عامل هام في تعميق وتقدم علاقات التطبيع مع الدول العربية. وعليه، فان على إسرائيل أن تتخذ نهجا داعما للسلطة الفلسطينية ومساعدتها في إعادة بناء  قدرتها على الحكم ولا سيما اقتصاديا وصحيا. ان تعزيز قوة السلطة وفتح افق لمسيرة سياسية سيوقف ميل انجذاب الجيش الإسرائيلي والإدارة المدنية الى الفراغ الذي تخلفه السلطة في مجال إدارة حياة الفلسطينيين ويحسن علاقات إسرائيل مع الأردن. يجدر مشاركة السلطة في المشاريع الاقتصادية والتكنولوجية التي تطورها إسرائيل مع اتحاد الامارات ومع دول عربية أخرى، بحيث تتمتع بمزايا التعاون الإقليمي والتطبيع.

ومع انه ضاعت قوة الفيتو الفلسطيني على العلاقات بين إسرائيل والدول العربية وظاهرا ضاعت املاءات المبادرة العربية للسلام، الا ان على إسرائيل أن تعترف بان الأنظمة العربية المرشحة للانضمام الى ميل التطبيع لا يمكنها أن تسمح لنفسها بان تتجاهل انتقاد المعارضة من الداخل ومن الخارج وانها تحتاج لان تؤكد بانها لم تتخلى عن التزامها التاريخي لايجاد حل للقضية الفلسطينية. ولهذا السبب  أيضا فان إمكانية أن تعمل إدارة بايدن على مسيرة سياسية مع الفلسطينيين هي مصلحة إسرائيلية. إسرائيل لم تخرج رابحة من دحر الفلسطينيين الى الزاوية ومن الضم الفعلي لمناطق شرقي العائق الأمني.

على إسرائيل ان تبلور مع إدارة بايدن استراتيجية تقوم على الفهم بان الخيار الوحيد القابل للتنفيذ هو انفصال سياسي، جغرافي وديمغرافي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، للحفاظ على احتمال التسوية في المستقبل على أساس دولتين منفصلتين ومميزتين. ولهذا مطلوب تقليص الاستثمار في الاستيطان شرقي العائق الأمني دون المس بالسيطرة الأمنية في غور الأردن وفي حرية عمل الجيش الإسرائيلي في ارجاء الضفة الغربية.

حيال قطاع غزة سيتعين على إسرائيل ان تواصل المناورة بين الحاجة لابقاء الردع وبين التطلع الى التهدئة في محيط غلاف غزة. ولتخفيف حدة المشاكل من القطاع يجب العمل على تفاهمات لتهدئة طويلة مع حماس بوساطة مصر والأمم المتحدة مقابل تسهيلات في الاغلاق وتحسين كبير في البنى التحتية المدنية في القطاع مع التشديد على التوريد المنتظم للكهرباء والمياه وتوسيع مصادر الدخل وسبل المعيشة للسكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى