معهد بحوث الأمن القومي الاسرائيلي : الشرق الاوسط الى أين ؟ معان استراتيجية لإسرائيل
بقلم: العميد احتياط اساف اوريون، ندوة في معهد بحوث الأمن القومي – 29 – 31 كانون الثاني 2018
كرميت فلنسي: منذ احداث “الربيع العربي” فان الشرق الاوسط موجود في فترة اضطراب اقليمي تتميز بعدم الاستقرار، وحروب اهلية، شعوب محبطة ونشطة، وفي الاساس، تدخل دولي متزايد. جلستنا هذه ستعمل قفزة في الزمن – للشرق الاوسط 2023 وستحاول تخيل كيف سيرى الشرق الاوسط بعد خمس سنوات. من اجل هذا التمرين ساعرض ثلاثة سيناريوهات محتملة للواقع المستقبلي في المنطقة.
السيناريو الاول هو تفوق شيعي ايراني على المعسكر السني المنافس. “استمرار الزخم الايراني – الشيعي” في المنطقة. وهو توجه يبدو بقوة أقل منذ 2018:
إن تدخل ايران في الحرب الاهلية السورية والثمن الباهظ الذي دفعته خلال ذلك ظهرت أثاره في السنوات اللاحقة. سوريا تحولت الى دولة تحت رعاية ايران مع نظام مركزي ضعيف، يمنح الجمهورية الاسلامية الشيعية جبهة لوجستية داخلية، وممر بري، عمليا يشكل منطقة نفوذ اخرى الى جانب وجودها في العراق ولبنان واليمن. معنى ذلك هو أن ايران زادت فروعها في المنطقة، واضافة الى دمج مليشيات عسكرية شيعية في قوات الامن في العراق وسوريا ولبنان، بدأت في نشر “مندوبي ثورة” تم اعدادهم لنشر الثورة وتشييع سكان المنطقة (من خلال استخدام مكونات القوة الناعمة). في موازاة الجهد الفكري، بدأت ايران في السنوات الاخيرة بنقل سكان شيعة الى المناطق السنية بهدف تسريع عملية الانتشار بحيث أنه في اللحظة الزمنية الحالية فان الهلال الشيعي سيتسع على حساب الفضاء السني.
بالنسبة لاسرائيل، ايران تشدد خطابها الهجومي والمتحدي تجاهها وتوسع المنطقة النازفة لاسرائيل على حدودها مع لبنان وسوريا وقطاع غزة والتي على طولها تجري هجمات ارهابية مستمرة – مع بصمات ايرانية. في نفس الوقت ايران زودت حلفاءها وفروعها بصواريخ ارض – ارض دقيقة تغطي كل المواقع الاستراتيجية على حدود اسرائيل.
السيناريو الثاني يعرض صورة للسيناريو السابق، وهو قلب الاتجاه نحو التفوق السني – “استراتيجية التحالف السني”.
ولي العهد السعودي لم يكتف باجراء اصلاحات في السعودية بل نفذ تغييرات بعيدة المدى ايضا في السياسة الخارجية للمملكة، في اطارها بدأ بعقد تحالفات وعلاقات مع الدول السنية في المنطقة، تشمل الشركاء الطبيعيين: مصر والاردن ودول الخليج بالطبع، والى جانبها ايضا حلفاءها الجدد منهم العراق (الذي تراوح في السنوات الاخيرة بين المعسكر السني والمعسكر الشيعي) وتركيا.
الهدف – بلورة فضاء سني موحد أقوى من السابق يعمل بتصميم على ازالة، أو على الاقل تقليص، وجود ونفوذ ايران في المنطقة، وذلك بواسطة كشف النشاط السري لايران وفرض عقوبات على الدول التي تتعاون مع ايران من جهة، واعطاء محفزات للدول المنافقة بهدف فصلها عن الاعتماد على ايران.
السعوديون لم يبلوروا بعد سياسة منظمة بخصوص علاقتهم مع اسرائيل. في اساس هذه المعضلة الرغبة في تعميق العلاقة على اساس عقيدة التهديد الايراني المشترك وخلق صورة ايجابية ومتصالحة تجاه المجتمع الدولي. هذا الى جانب الخوف من خلق عداء في العالم العربي ازاء التعاون مع اسرائيل.
السيناريو الثالث هو تشديد انعدام الاستقرار في المنطقة، بدون افضلية هامة وقدرة على الحسم لدى الطرفين.
انهيار الدولة الاسلامية فقط زاد المنافسة بين جهات مختلفة من اجل ملء الفراغ الجغرافي والفكري والحكم الذي نشأ، الحرب الاهلية السورية تستمر في التأجج بقوة منخفضة. ولكنها ما زالت بعيدة عن الانتهاء وعن الاستقرار، الثورة السعودية لولي العهد فشلت، الامر الذي زاد صعوبة السيطرة على الفضاء العربي – السني. بناء على ذلك، الشرق الاوسط تحول الى فوضى مليئة بالعنف وعدم الاستقرار.
في المقابل، تظهر هناك زيادة شدة المشكلات الداخلية وفي الوضع الاجتماعي – الاقتصادي للمواطنين. الشرق الاوسط للعام 2023 مليء بالاعمال الارهابية الفردية، ومهدد بموجة جديدة من الاسلام الراديكالي ويعاني من صراعات عرقية واجتماعية وسياسية وفكرية.
أحد اسباب عدم الاستقرار وغياب الحسم لأحد الاطراف هو غياب الدول العظمى الدولية من المنطقة، سواء روسيا أو الولايات المتحدة، على الاقل في هذه المرحلة هما غير مستعدتان لاستثمار قوات وموارد على ضوء عدم الاستقرار المتزايد وعدم الثقة بخصوص مستقبل المنطقة.
في البداية سيتم فحص كيف ستواجه السعودية وايران المتنافستان الاساسيتان في المنطقة هذا الوضع والدول العظمى ايضا. ما هي المصالح؟ ما هي الفرص مقابل التهديدات؟ ما هي السياسات المترتبة على ذلك؟ بعد ذلك فان رجل الموساد السابق، حاغي تسوريال سيجمل موقف اسرائيل.
مصالح وسياسات على ضوء السيناريوهات
د. ميخال يعري، أولا، (العربية السعودية): لكوننا اسرائيليين فاننا نميل لأن نقرر بأنه يوجد فقط سياسة خارجية والسياسة الداخلية يمكن أن تنتظر. ولكن تبين أن الامر لا يتعلق بقارتين منفصلتين – كل واحدة تكون سائدة اكثر بالتبادل، لكن بارتباط متبادل. لذلك، لا يجب النظر فقط على مكتبة الشرق الاوسط عندما نفحص السعودية أمام ايران والمنافسة السنية الشيعية. يجب علينا النظر الى الوضع الداخلي. مثلا، مؤخرا هناك ثورة نسائية في الدولتين وهي تؤثر بشكل مباشر وفوري على الشرق الاوسط. لهذا يجب علينا أن ندرس جيدا ما يحدث في الساحة الداخلية وليس فقط الساحة الخارجية.
ثانيا، الموضوع النووي. يدعون أنه في اليوم الذي ستطور فيه ايران الذرة فان السعودية ستطور الذرة الخاصة بها. ربما نظريا هذا واقعي، لكن عمليا، مشكوك فيه اذا كان هذا الامر قابل للتحقق. هل السعودية مستعدة لتحمل العقوبات المرتبطة بتطوير الذرة؟ من يستطيع أن يزودها بالامكانيات للوصول اليها؟ يقولون ربما باكستان تستطيع المساعدة، لكن ليس من المؤكد أنها ستوافق على “تعريض نفسها للعقوبات في صالح السعودية”.
ثالثا، لا يمكن تضحيل وتسطيح مفاهيم تحت عنوان “تفوق”، هل الامر يتعلق بتفوق استراتيجي؟ سياسي؟ امني؟ ربما أن السعودية ستحقق تفوق استراتيجي، لكنها لن تنجح في تحقيق تفوق ديني وهو ما تريد تحقيقه منذ فترة طويلة.
رابعا، الموضوع الاسرائيلي. نحن نميل الى التفكير أنه بسبب تزايد تهديد ايران ووجود أعداء مشتركين فان السعودية تلين موقفها تجاه اسرائيل، لكن يجب التفريق بين استعداد الذهاب نحو اسرائيل بـ “حوار” حول الموضوع الفلسطيني – ليس بالامكان القفز عن ما يسمى النزاع الاسرائيلي الفلسطيني وليس من المعقول أن السعودية زعيمة العالم العربي والاسلامي ستلقي جانبا هذا الموضوع – حتى لو كان مغروس مثل الشوكة في حلقها.
خامسا، محمد بن سلمان الذي يدير الآن المملكة السعودية كجيل عاشر. السعودية مكونة من سكان الثلثين منهم تحت عمر الثلاثين – معظم الجمهور يقضي في تصفح الشبكات الاجتماعية خمس ساعات وأكثر في اليوم، والمسألة الاسرائيلية لا تهمه كثيرا. اضافة الى ذلك هناك مواضيع مشتركة وتبادل للحوار بين شباب من السعودية ومن اسرائيل. لهذا هناك مكان للتفاؤل – هناك عهد جديد فيه الشباب هم الذين يوجهون ويقودون السعودية، اتحاد دولة الامارات والشرق الاوسط بشكل عام (في اوروبا وفي الغرب ايضا).
اليوم الكرة توجد في الاساس في الجانب الاسرائيلي، لكن اسرائيل ليست موثوقة في نظر السعودية. هي لا تعتقد ان اسرائيل مستعدة للجلوس على طاولة المفاوضات. ما هو الثمن بالنسبة لاسرائيل؟ ليس عاليا، على الاقل ليس في المراحل الاولى. السعودية تتحدث عن تجميد الاستيطان، فقط افقيا وليس عموديا. اسرائيل تريد أن تجد خط يربط بين مصالح اسرائيل ومصالح السعودية. في اللحظة التي تبدي فيها اسرائيل استعداد بسيط في هذا الموضوع سيكون بالامكان تحسين العلاقة واجراء تطبيع، الذي معناه مدهش، في الاساس اقتصاديا، الامر يتعلق بمليارات لاقتصاد اسرائيل. تخيلوا ما الذي سيحدث في اليوم الذي ستستطيع فيه السعودية واسرائيل الاعلان بصورة علنية عن علاقتهما. الآن يجب أن تجري خطوات بعيدة عن الانظار العامة والتي ستتطور وتنضج لتصبح تطبيع فيما بعد. أي، الحل يجب أن يأتي من جانب اسرائيل الآن.
الآن يميلون الى تأبين السعودية ويجب أن أقول بأنني لا افهم هؤلاء المؤبنين أو الذين يعتقدون انها ستواصل في المجموعة الفلكية الفعلية. هيا نحكم على سياسة محمد بن سلمان بالمعايير التي نحكم فيها على سياستنا – هو موجود في وظيفته فقط منذ سنتين. ومن المبكر جدا وليس صحيحا ولا يجدر بنا تأبينه بالنظر الى رؤية مستقبلية للشرق الاوسط في 2030.
السيدة سوزان ميلوني (ايران): لقد لاحظت أن السيناريوهات الثلاثة ليست متفائلة، لكن لدينا في الولايات المتحدة نحن متفائلون ونؤمن بأن هناك حل للمشكلات. اضافة الى ذلك، فانها تشكل في مكان ما استمرارا لواقع اليوم. سواء سيطرة سنية، شيعية أو فوضى معينة. اعتقد أن من المهم الاعتراف بأنه واقعيا يمكن تبني كل واحد من هذه السيناريوهات. الذي يقود السياسة الاقليمية في ايران ثلاثة عوامل: ايديولوجيا، تصدير الثورة. اجراء تهديدات وحساب الفرص. بالنسبة لتصدير الثورة فان ايران تعتقد أن عليها أن تكون المهيمن الاقليمي في المنطقة، ومن المنطقي أن تكون اكثر شدة بشأن افكار الثورة الايرانية ونشرها. بعد عقود من محاولات نشر الثورة، ما زالت هذه هي الفلسفة السائدة.
متغير ثان يشكل رد ايران على المنطقة هو تقدير التهديد – بقاء الجمهورية الاسلامية. العبرة في هذا الموضوع التي يمكن استخلاصها من فترة اوباما هي أنه ليس بالامكان اقناع أو تغيير عقيدة تهديد ايران. الولايات المتحدة تعلمت الدرس، لأن ايران ترغب في بقاء النظام وليس بالضرورة تتطلع الى مصالح ايران القومية. متغير ثالث هو الفرص. سيكون لحلفاء الولايات المتحدة ومنهم اسرائيل قدرة مطورة على صد نفوذ ايران. ولكنني أريد ضم سيناريوهين آخرين محتملين.
كما جاء، يجب عدم تجاهل اهمية الوضع الداخلي في دول مثل ايران والسعودية وباقي دول الشرق الاوسط. لا استطيع التحدث عما يحدث داخل السعودية، لكن بالنسبة لايران نحن نرى كنتيجة للاحتجاجات التي جرت في الدولة في الشهر الاخير أن هناك اعتراف بأنه ربما كان ذلك هو نهاية الطريق. منذ الثورة الاسلامية ايران توجد في توتر بين قوات الثورة وقوات الحداثة. كانت هناك محاولات للاصلاح في ايران – رفسنجاني والاقتصاد، روحاني الذي حاول عقد سلام عبر صفقة نووية مع الولايات المتحدة وغيرها. نحن نستطيع أن نفهم، أنه كما يبدو، الاصلاحات لم تكن كافية بالنسبة للسكان الايرانيين. حسب رأيي النظام يمكنه الذهاب نحو قطبين متعارضين. إما الذهاب الى تغييرات وثورة في الدولة وإما الى الانغلاق أكثر، التطرف والتسلح. يجب تذكر أن الوضع دائما يمكن أن يشتد وليس بالضرورة الذهاب الى السيناريو المتفائل. يمكن الايجاز والقول إننا جميعا متشائمين جدا بالنسبة للوضع في الشرق الاوسط بعد نحو خمس سنوات. يجب أن يكون هناك تفكير استراتيجي مشترك بين اسرائيل والولايات المتحدة وحلفائنا في المنطقة. حسب رأيي، السيناريو الشيعي سيكون مدمرا وخطيرا وسيؤدي الى التدهور بسبب عدم وجود توازن للقوى بين العالم الشيعي والعالم السني. ايران تستغل الاضطرابات، لذلك كل السيناريوهات المتشائمة هي فرصة لتوسيع النفوذ الايراني. ولهذا يجب الحذر من ذلك. الولايات المتحدة ينقصها فهم ما يحدث في دول الشرق الاوسط، لا سيما في السعودية، الامر الذي من شأنه أن يكون خطيرا بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها.
السيد يفغيني بسكونوف (روسيا): أوتو فون بسمارك قال ذات مرة إن النوع الافضل من السياسة هو عقد اتفاقات جيدة مع روسيا. هذا كان صحيحا لاوروبا في القرن التاسع عشر. وسأحاول شرح لماذا هذا صحيح بالنسبة للشرق الاوسط في القرن الواحد والعشرين.
أولا، لا توجد فروق ايديولوجية كبيرة بين روسيا والغرب، سواء اقتصاديا أو ديمقراطيا. روسيا تبحث عن شراكة تقوم على مصالح براغماتية. ثانيا، يوجد للشرق الاوسط نصيب مهم في التغييرات التي تجري في العالم. منها النظام الاقتصادي العالمي، هناك عدم تنازل للاعبين في محاولة التوسع والتعزز على حساب الآخر.
روسيا في الشرق الاوسط وعقيدتها: روسيا في المقام الاول معنية بوقف التهديدات عليها، جماعات ارهابية دولية ومحلية، يتم اقتراح اقامة تحالف دولي ضد الارهاب الدولي، مثلما اقترح بوتين في العام 2015 – مثلا في روسيا ضد الدولة الاسلامية؛ اقاليم منزوعة السلاح وخالية من السلاح الكيميائي غير القانوني، في هذه الاثناء عندما يقفون أمام تهديد السلاح الكيميائي في سوريا فان المنظمات الارهابية توجه قدراتها الكيميائية نحو النظام في دمشق. هذا لن يستمر الى الأبد. سلاح الارهاب الكيميائي سيوجه ايضا الى جهات اخرى بعد ذلك. اقتصاديا – علاقة بسوق الطاقة العالمية. روسيا هي مركز التأثير العالمي لهذه المواضيع وتستطيع المساعدة. كل شعوب المنطقة في الشرق الاوسط، بما في ذلك صديقتنا الجيدة اسرائيل، معنية بالحديث مع روسيا. استقرار سياسي في المنطقة هو هدف روسي، بما في ذلك التمسك بالقانون الدولي، وهذه ستمنع جولات من عدم الاستقرار.
روسيا ستواصل دعم تهدئة الصراعات الاقليمية واستقرار المنطقة، وهذا يشمل اتفاق دولي بخصوص سوريا. اضافة الى ذلك، الموضوع الاسرائيلي الفلسطيني يمكن أن يحل بمساعدة روسية ودعم دولي. فيما يتعلق بالنزاع السني – الشيعي: روسيا منذ سنوات تريد احضار السنة والشيعة في العالم الى طاولة الحوار. ويمكن أن تكون نتيجة اقتصادية هامة بالنسبة لدول الخليج.
نحن نرى اسرائيل شريكة في النظام الاقليمي. يجب أن نذكر التغييرات الدولية التي تجري بالنسبة للتاريخ. دائما تذكروا ما قاله بسمارك بخصوص روسيا – يوجد اليوم عالم معقد مثلما كان الوضع في القرن التاسع عشر.
السيدة ميشيل لورنوي (الولايات المتحدة): بخصوص السيناريو أ، الهلال الشيعي – جسر بري من ايران ومرورا بالعراق وسوريا وانتهاء بلبنان واليمين، هذا تهديد اساسي للمصالح الامريكية وحليفتنا اسرائيل وشركائنا في الخليج. ايضا نقل السكان وجعل المنطقة شيعية وهجمات صواريخ دقيقة على اسرائيل هي ضد مصلحة الولايات المتحدة. ماذا علينا أن نفعل في وضع كهذا؟ تعزيز التعاون العسكري مع اسرائيل – سواء دفاعي أو هجومي، في مجال الحرب الالكترونية، ارسال رسائل للقيادة الايرانية فيما يتعلق بقلق امريكا من نشاطاتها، الضغط على المنطقة – عقوبات، وفي المرحلة القادمة حتى خطوات عسكرية ضد ايران ومندوبيها. اضافة الى ذلك، على المستوى الدبلوماسي سنجند الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي لعزل ايران أو التحدث معها. كما سنحاول اقامة صلات في المستقبل مع السكان، قوة ناعمة في السيناريو ب، المعسكر السني، الولايات المتحدة ستدعم الجهود لخلق تحالف سني قوي. ولكن، وهناك لكن كبيرة – الكل بشرط أن يتم الامر بالتعاون مع امريكا وليس تحت املاء قواعد من الرياض. ماذا ستفعل الولايات المتحدة في هذا الوضع؟ ستشجع محمد بن سلمان على تطبيق سياسة خارجية سنية على حساب الشيعة، سنحاول التركيز بصورة ضيقة اكثر على مناطق فيها ايران لخلق عدم استقرار وسنساعد المعسكر السني. الولايات المتحدة ستكون راضية من رؤية حوار ومفاوضات بين دول الخليج واسرائيل وضد ايران وضعضعتها لاستقرار المنطقة. الولايات المتحدة ستساعد وتوفر قاعدة لذلك. الولايات المتحدة ستحاول تحطيم الطابو الذي يمنع الحوار بين اسرائيل ودول الخليج.
في السيناريو ج، الذي فيه الولايات المتحدة تترك تماما المنطقة، لا أوافق. يوجد لدينا على الاقل تعهدات انسانية، نحن لن ندير ظهرنا للمنطقة. كنت سأشجع حلفاء آخرين على التدخل فيما يجري في المنطقة واظهار المسؤولية. اضافة الى ذلك، الولايات المتحدة تريد ان تشرك ليس فقط حكومات، بل ايضا تجمعات سكانية، من اجل أن يؤدي ذلك الى ازدهار واستقرار منطقة الشرق الاوسط – اقتصاديا واجتماعيا. سنواصل النضال ضد الايديولوجيا الراديكالية ونطبق تعاون استخباري وعسكري، وسنجند معنا مؤسسات دولية ستقوم بالمساعدة.
السيد حاغي سورئيل (اسرائيل): ما هي السياسة الاسرائيلية تجاه هؤلاء؟ أولا، من الواضح أن ايران كسبت من استثمارها وهي تستخدم سوريا كموقع متقدم. لقد عززت وكلائها. ثانيا، ولي العهد السعودي لا يكتفي بالاصلاحات الداخلية وهو عدواني في سياسته الخارجية. هذا جزء من الموضوع في الشرق الاوسط، الاحداث تسبقنا، أنا أريد عرض سيناريوهين اساسيين عامين بدل سيناريو معادل – حسب رأيي هذا هو السيناريو الحيوي: يبدو أنه السيناريو الاسوأ في وضع اسرائيل، سنة 2017 اعتبرت سنة عدم توازن بين ايران والسعودية لصالح ايران والمحور الشيعي. المعنى بالنسبة لاسرائيل هو أنه من اجل الانتقال من سيناريو عدم التوازن الاشكالي هذا الى سيناريو التوازن (الذي لا يعني الانتقال الى سيناريو الحسم/ التفوق/ الانتصار)، يجب أن يحدث عدد من الامور – تدخل امريكي في الاساس في سوريا، ولكن في المنطقة كلها. خطوات اسرائيل، ودرجة من تكتل المعسكر السني.
من هنا يجب على الولايات المتحدة أن تكون عاملا حاسما في سوريا وفي تشكيل وجهها المستقبلي. اضافة الى ذلك، المعركة الامريكية لصد ايران يجب أن تجري ايضا في سوريا وليس فقط في ايران. حسب فهمي، الامريكيون ينوون مواصلة كونهم متدخلين وهذا جيد. سوريا حسب رأيي كانت في السنوات الاخيرة الساحة الاساسية وتواصل كونها كذلك ايضا من اجل وضع سيناريو الشرق الاوسط 2023. لأن العديد من شبكات العلاقات وموازين القوى تتقاطع عليها اكثر من أي منطقة اخرى في العالم. ما يجري في سوريا يؤثر على كل العالم. خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، الانتخابات في الولايات المتحدة، نسيج اجتماعي – اقتصادي في الاردن وغيرها. اضافة الى ذلك، سوريا هي حلقة اساسية في الهلال الشيعي الذي ينتهي في البحر الاحمر. لذلك، ما يجري فيها هو دليل اساسي على مستقبل الشرق الاوسط.
سوريا هي عالم مصغر، وحجر الفحص في نفس الوقت. في هذه الاثناء هي تمثل تمركز ايران على ارضها، ما سيحدث فيها مستقبلا سيؤثر على السيناريو الاساسي الذي سيتحقق أخيرا.
الردود
السيدة اوريت بارلوف: أنا لن أتحدث عن دول أو عن ايران والسعودية. أنا أمثل الجمهور في الشرق الاوسط. ما نراه الآن في السعودية هو ديكتاتورية فعلية. كل اصحاب المليارات تم حبسهم في فندق “ريتس كارلتون” بدل السجن. المواطنون في الشرق الاوسط يرون محمد بن سلمان مثل صدام حسين اكثر مما يرونه أتاتورك القادم.
الجمهور في الشرق الاوسط يرى أن الولايات المتحدة لم يعد لها دور في الشرق الاوسط. ولا يفهمون لماذا يجب على الولايات المتحدة التدخل هناك، ويعتقدون أنها ستخون كل حليف محلي اذا اقتضى الامر ذلك. ايضا حتى لو أن هذا غير صحيح، فان الجمهور يرى الوضع بهذا الشكل.
قبل سبع سنوات حدث الربيع العربي الذي بدأ في تونس، فايدة حميدي كانت الشرطية “القامعة” التي بسببها قام بوعزيزي باحراق نفسه. الآن يوجد اكثر بكثير من طرفين في الشرق الاوسط – القامعين والمقموعين. الجيل الشاب الذي بدأ الربيع العربي يوجد إما في السجن وإما في المنفى، أو هو مشلول ومقموع. لذلك، بعد نحو خمس سنوات من الآن فان السكان العرب في الشرق الاوسط سيكونون نصف مليار شخص مقموع ومهان. أنا غير متفائلة. أمر آخر يجب معرفته وهو أن متوسط عمر سكان الشرق الاوسط هو 24 سنة في حين أن متوسط اعمار القيادات في الشرق الاوسط هو 70 سنة. اختراق الانترنت ووسائل الشبكات الاجتماعية قوي وما زالت لا توجد ديمقراطية وحرية. هناك 7 ملايين لاجيء سوري – هل سيعودون الى المنطقة في يوم ما؟ الامر الايجابي الوحيد والبارز هو انخفاض مظاهر الوطنية.
السفير السابق تسفي ميغن: التوقيت الذي يجري فيه النقاش هو دراماتيكي جدا، حيث أنه في الوقت الذي نتسلى فيه بافكار ممكنة، هناك في سوتشي نقاش عملي حول نفس المواضيع. ايضا أمس جرى لقاء بين بيبي وبوتين، وهناك علامات أنه سيكون لقاء ناجح. سنرى كيف يندمج هذا مع ما يحدث ومع السيناريوهات.
الوضع الراهن الذي يبحثون عن حلول له في سوتشي هو وضع فوضى (وصف معتدل جدا). روسيا تحاول مواجهة كل ما وجدته في المنطقة عندما وصلت اليها في ايلول 2015. اذا حلت روسيا مشكلات في المنطقة فانها ستكسب في اوكرانيا وشرق اوروبا وفي علاقتها مع الولايات المتحدة.
روسيا هي الوسيط البالغ والمسؤول. ايضا في سوريا نفسها، اللاعبون الآخرون وايضا في اوساط جيرانها، مثل اسرائيل وتركيا والاردن والسعودية. خلال ذلك تدير الولايات المتحدة سياسة خاصة بها وفاجأت روسيا بالتزامها للاكراد. روسيا تتحدث عن دولة فيدرالية في سوريا حيث الاكراد غير مشمولين، المعارضة وباقي الجهات لن تتحدث مع النظام. ولكننا نرى ما يحدث في عفرين بسبب ذلك. روسيا يجب أن تتحدث مع اللاعبين الاساسيين في المنطقة. ولكن طالما أن اللاعبين الاقليميين لم يصلوا الى قاسم مشترك فلن يكون حل.
اضافة الى ذلك، طالما أن الولايات المتحدة لم تخرج من سوريا فان روسيا لن تغادر. لأنها اذا قامت بذلك فكل عملها سيذهب هباء. الولايات المتحدة تفاجيء مؤخرا وتتدخل في سوريا ولا تغادر.
بالنسبة للسيناريوهات روسيا مستعدة للموافقة على أي سيناريو لأنها مستعدة لها جميعا. روسيا مرتاحة تماما مع ايران ويمكنها أن تتعايش مع سيناريو شيعي. هكذا ايضا بالنسبة للسيناريو السني. روسيا تتحدث مع السعودية، تشتري وتبيع، تبني لهم محطات قوة نووية، تعقد صفقات نفط وتساعد في بناء انظمة سلاح. هكذا ايضا بالنسبة للصفقات مع مصر ودول سنية اخرى. سيناريو الفوضى الاكثر تشويشا هو المفضل لدى روسيا. من الافضل لها أن تبقى المنطقة غير مستقرة وغير متزنة لأنها في حينه سيكون لها دور. بالنسبة لاسرائيل روسيا تشكل ذخر استراتيجي هام. ويجب العمل على البقاء كذلك رغم أنها تقوم بتحدينا.
البروفيسور فرانسوا هسبورغ: في سنة 2011 جئت الى المؤتمر السنوي في معهد بحوث الامن القومي وكان ذلك في بداية الربيع العربي. كل اصدقائي الاسرائيليين كانوا باردين بخصوص ما يحدث في العالم العربي، في حين في شمال امريكا واوروبا كان الربيع العربي أمر مبهجا وتحدثوا عن تحرير ديمقراطي. يوجد سبب للتردد الاسرائيلي، حسب رأيي هناك القليل جدا من التقدير في السيناريوهات بخصوص ما سيحدث. في العالم الذي فيه ترامب هو رئيس الولايات المتحدة فنحن لا نعرف ما الذي سيحدث غدا. بريطانيا قامت بتنفيذ الخروج من الاتحاد الاوروبي – نحن لا نعرف عن ذلك أي شيء. اضافة الى ذلك، هناك عمليات عولمة، زيادة في الانحباس الحراري وغير ذلك. هذا عهد غير مستقر من التغيرات، السيناريو السني ليس معقولا في سنة 2023. السيناريو الاقرب للواقع يفترض أنه بعد خمس سنوات ستكون السعودية دولة رائدة وذات قوة اقليمية وعالمية. أنا لا اؤمن بذلك. بالنسبة للسيناريو الثالث، الفوضى، هو الذي يتصدر مع السيناريو الاول. الامر يتعلق باستمرار متطرف للوضع القائم الآن. من ناحية اوروبا هناك ساحتان اساسيتان في 2023: السعودية والجزائر. في الجزائر يوجد عدد اكبر من السكان والمساحة من السعودية. من ناحية اوروبا هذا هو المهم من ناحية اللاجئين، كما حدث هذا العام مع سوريا. من اجل زيادة حدة السيناريو اكثر، هناك علاقة مع الضغط الديمغرافي في غرب افريقيا والصحراء. ستنشأ مشكلة لجوء شديدة في اوروبا وهذا هو لب القلق لقارة اوروبا. من وجهة نظر امريكية واوروبية، اعتقد أن علينا ابقاء قوة عسكرية في الخليج. ثانيا، اعتقد أن هناك اهمية لبقاء روسيا في المنطقة لأنها هي التي يمكنها صد ايران في سوريا. أخيرا، اذا خاطرنا بالتدهور الى حرب شاملة، يجب اتباع سياسة حذرة لأننا رأينا ماذا حدث عندما غزت قوات خارجية المنطقة، مثلا العراق في 2003 أو في 2012 مع ازمة الخط الاحمر في سوريا. أنا اتفق مع ايتمار بخصوص الصين – في المستقبل ستكون هي اللاعب المباشر والمؤثر في المنطقة وستطلب أن تكون قوة عالمية، لكن حسب رأيي هذا لن يحدث بعد خمس سنوات، بل بعد وقت أطول قليلا.
البروفيسور ايتمار رابينوفيتش: ارغب في الاشارة الى 4 – 5 مراحل تاريخية قادتنا الى الوضع الراهن: ازالة الاستعمار البريطاني والفرنسي، العروبة وفترة ناصر والحرب الباردة في الشرق الاوسط، بعد عقد من ذلك عودة الاسلام بعد خفوت القومية العربية في 1967، هذه هي الشخصية السائدة اليوم. ثالثا، عودة ايران وتركيا – بعد غيابهما في القرن العشرين عن الساحة، ازمة العالم العربي – توجد ست دول عربية ينطبق عليها تعريف الدول المتخلفة، في حين أن الدول الاخرى تواجه مشكلات داخلية وخارجية شديدة. القوى الثلاثة المسيطرة في المنطقة ليست عربية – تركيا وايران واسرائيل؛ أخيرا، خفوت النزاع الاسرائيلي الفلسطيني في الأجندة الاقليمية، لقد تحول الى اقل اهمية في نظر دول المنطقة مقارنة بالسابق.
اليوم ترتسم صورة معقدة تثير التشويش، تدمير الصورة الامريكية في المنطقة مقابل فاعلية روسية متزايدة. هذا الامر يؤدي الى واقع مشوش، وهذا الذي نواجهه. أنا متشائم وأقول إنه سيكون هناك عدم توازن وعدم استقرار، وسنشاهد أكثر من ذلك بعد حوالي خمس سنوات. أوريت تحدثت عن مشكلات السكان في الشرق الاوسط، وكيف ترى الولايات المتحدة وباقي الدول. لذلك، سيكون هناك الكثير من المشكلات التي ستؤدي الى الفوضى. أولا، انفجار سكاني مقابل انخفاض الموارد مثلما الحال في مصر، سيكون من الصعب تشغيل كل الشباب المثقفين واطعام جميع السكان، هذا الامر سيؤدي الى التطرف والى الهجرة الى اوروبا. ثانيا، هبوط الصورة الامريكية امام فعالية روسيا الجديدة، وبداية قضية الصين الدبلوماسية والعسكرية. الصين بدأت في اظهار تدخل اكبر في سوريا (قاعدة في جيبوتي)، وكذلك في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. وأنا أقدر أنه بعد نحو خمس سنوات سنرى تدخل متزايد للصين. وللأسف، نتيجة لكل ذلك، فان السيناريو الاكثر معقولية هو السيناريو الثالث.