ترجمات عبرية

معهد السياسة والاستراتيجية – بقلم   فريق المعهد برئاسة اللواء احتياط عاموس جلعاد  – الخريطة الاستراتيجية : انجازات مقابل تحديات متعاظمة

معهد السياسة والاستراتيجية – بقلم   فريق المعهد برئاسة اللواء احتياط عاموس جلعاد  – 7/10/2021

” تقف اسرائيل امام تحديات آخذة في الاتساع في  المجال الاقليمي ولا  سيما من حيث تعاظم وبناء القوة لدى الخصوم مما يضعها امام معضلة  هل تخاطر بالمبادرة الى ضربة مانعة وحرب شاملة الى جانب بلورة استراتيجية شاملة تحدد اهداف المعركة وشكل تحقيقها لتوفير الامن على المدى البعيد “.

تشهد دولة اسرائيل واقعا أمنيا مريحا ولكن تحديات الامن القومي تتعاظم. خصوم اسرائيل يركزون على بناء القوة وبقدر اقل على استخدامها ويمتنعون عن التصعيد في ضوء الاثمان الباهظة والمشاكل الداخلية القاسية التي تستوجب الرد. ومع ذلك فان التهديد الاستراتيجي على أمن اسرائيل في ضوء سياقات تعاظم وبناء القوة. 

ان احباط بنية حماس التحتية في يهودا والسامرة أبرز خطورة تهديد الارهاب ونجاح قوات الامن في الحفاظ على الاستقرار الامني. ومثل حدث فرار نشطاء الجهاد الاسلامي من سجن جلبوع فان قدرة قوات الامن على اغلاق الدائرة بسرعة ومنع تحول  الحدث التكتيكي الى حدث ذي معان استراتيجية، تشكل نجاحا عملياتيا مبهرا، ولكن بالتوازي تبرز هشاشة الهدوء الامني واحتمال  التدهور الى تصعيد شامل سريع. 

في الضفة، تعمل اسرائيل على تحسين الواقع المدني كأساس للهدوء الامني، بشكل يمنع تجند جماهيري واسع للصراع ضد اسرائيل. حماس بالمقابل تحاول تحدي هذه المعادلة وتثبيت مكانتها في المجتمع الفلسطيني  في موقع انطلاق سيطر على الساحة السياسية في اليوم التالي لابو مازن. شبكة حماس التي انكشفت في النشاط الاخير الذي قام به الجيش الاسرائيلي هي الاكبر والاهم التي انكشفت منذ 2014، وتعكس جهدا متواصلا من حماس لترميم قوتها في الضفة. في قطاع غزة تتقدم مساعي التسوية بوساطة مصرية وفي هذه المرحلة مصلحة الطرفين هي الاحتواء وليس السير نحو دولة قتالية اخرى. ومع ذلك، فان جهود حماس المتواصلة للابقاء على الاحتكاكات في مستوى دون المعركة لاجل انتزاع انجازات مدنية اكبر من شأنها  أن تؤدي الى معركة اخرى في وقت قريب.

في الساحة السياسية، جسد خطاب رئيس وزراء اسرائيل في الامم المتحدة وخطاب رئيس السلطة الفلسطينية بالمقابل الفجوة العميقة التي تفصل بين الطرفين، وحقيقة انه لا يوجد اي لاعب في الساحة الدولية مستعد لان يمارس الضغط لاجل تحريك مسيرة سياسية.  

في الساحة الاسرائيلية الداخلية، يتطور ما يجري في المجتمع العربي الى تحد استراتيجي اول في مستواه. فالجريمة الواسعة، انتشار الوسائل القتالية، فقدان الردع من جانب محافل انفاذ القانون وفقدان قدرة الحكم في قسم واسع من المجتمع العربي (ولا سيما في الجنوب) يستوجب جوابا متعدد الابعاد – مدني وامني. الامكانية الكامنة لان تنتقل الجريمة الجنائية الى جريمة امنية – وطنية تجسدت في حملة حارس الاسوار وتعاظم الالحاح لتطوير رد على المستوى الوطني. 

في ايران، المفاوضات لاستئناف الاتفاق النووي لم تتحرك بعد، وطهران توسع المشروع النووي وتسعى الى تثبيت مكانة “دولة حافة”، بحيث انه عندما تستأنف الاتصالات تبقى في ايديها التكنولوجيات والعلوم لمواصلة المشروع بمجرد اصدار القرار لعمل ذلك. في هذا الوضع، فانه حتى في اتفاق يلزم بنزع احتياطات اليورانيوم المخصب، ستتمكن ايران من استكمال ما ينقص من خلال منظومات التخصيب المتطورة التي طورتها في غضون وقت قصير نسبيا.

وبالتوازي تواصل ايران العمل بهدف تعميق نفوذها الاقليمي، وتثبيت قدرات متطورة تشكل تهديدا شاملا على اسرائيل. بالملموس، العراق واليمن تصبحان ساحتين تتحديان اسرائيل بسيناريوهات التصعيد. وفي هذا السياق توسع ايران مساعدتها لبناء قوة الفرع الذي يعمل في خدمتها. ومؤخرا كشف وزير الدفاع الاسرائيلي بان ايران تؤهل نشطاء ارهاب لتفعيل طائرات مسيرة متطورة في قاعدة كاشان، التي تشكل قاعدة مركزية لتأهيل نشطاء الارهاب على تفعيل آليات جوية.

امواج الصدى للانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من افغانستان تتواصل، وتؤثر على المصداقية الامريكية في اوساط حلفائها الاقليميين. علامات الاستفهام على استمرار التواجد العسكري الامريكي في العراق وفي سوريا، سعي واشنطن لتجديد الاتفاق النووي مع ايران، الشقوق في سور العقوبات على نظام الاسد، وغياب استراتيجية امريكية واضحة، كل هذا يؤدي الى نشاط اقليمي يتجاوز المعسكرات والتحالفات. 

في سوريا، سمحت الولايات المتحدة لمصر والاردن بان تمد انبوب الغاز الى لبنان عبر سوريا، ولكنها غير مستعدة لان تقلص العقوبات ضد نظام الاسد. الحوار الاستراتيجي بين روسيا والولايات المتحدة لا يتقدم، فواشنطن لا تزال لا تعرض استراتيجية متبلورة بالنسبة لسوريا. في هذه المرحلة من غير المتوقع انسحاب القوات الامريكية من شرقي سوريا والتي تصد مساعي التوسع الايرانية والخطوات التركية في المجال. الانسحاب من افغانستان، الذي وصفه رئيس هيئة الاركان الامريكية “الفشل الاستراتيجي”، يشكل مانعا لانسحاب آخر من سوريا او من العراق. في هذه المرحلة على الاقل، الاردن، مصر ودول الخليج وان كانت حذرة من تسويغ نظام الاسد ولكنها تستخدم  “الجزرات” الاقتصادية والسياسية كي تثبت نفوذها في الدولة. حديث الملك عبدالله مع بشار الاسد (3 تشرين الاول) والذي اعرب فيه الملك عن تأييده لسوريا موحدة، سيادية ومستقرة تشكل خطوة هامة في التقارب بين الدولتين وبالاعتراف بشرعية النظام. الولايات المتحدة لا تفرض العقوبات وبعدم ردها تسمح باستمرار الاتصالات والخطوات بين الدولتين. 

في لبنان، تتعاظم الجهود الدولية في الاسابيع الاخيرة بقيادة فرنسا والولايات المتحدة لاستقرار الساحة السياسية، ولكنها تتجاهل  استمرار بناء ايران  وحزب الله للقوة وتواجد الحزب في الحكومة اللبنانية الجديدة. حزب الله يواصل ترسيخ قوته السياسية والعسكرية في لبنان دون عراقيل، وليس لحكومة  نجيب نيقاطي، صديق بشار الاسد لا الرغبة ولا القدرة للتضييق على خطوات المنظمة.  مشكلة تعاظم حزب الله تتفاقم مع تواصل تزود المنظمة  بصواريخ دقيقة وقدرات متطورة اخرى. 

المعاني لاسرائيل

حكومة اسرائيل  مطالبة بان تستغل فترة الهدوء  الامني في صالح التقديرات وبناء القوة لغرض التصدي المستقبلي للتحديات المتشكلة

  • أولا وقبل كل شيء التحدي النووي الايراني يستوجب تنسيقا كاملا مع واشنطن الى جانب تطوير جواب عسكري مصداق لغرض تعزيز الردع والتأثير على صيغة الاتفاق المستقبلي بحيث يعطي جوابا لمطالب اسرائيل الامنية. على القدس ان تقود معركة دبلوماسية عنيفة في الساحة الدولية تبرز الاثار واسعة النطاق في ايران نووية على امن المنطقة والعالم وان توضح الى جانب ذلك بان “كل الخيارات على الطاولة”. 
  • في الضفة على اسرائيل ان تواصل  سياستها الحالية في تحسين نسيج الحياة المدنية وتعزيز التنسيق الامني – السياسي مع السلطة الفلسطينية. يمكن لهذه الاستراتيجية أن تمنع تصعيدا واسعا في الضفة، ولكنها ليست بديلا عن تسوية دائمة سياسية. غياب التسوية التي تقوم على اساس مفهوم الفصل سيؤدي بشكل محتم الى واقع دولة واحدة. 
  • قرار الفريق الوزاري لمكافحة العنف في المجتمع العربي ان يساعد الشباك والجيش الشرطة لمعالجة الوسائل القتالية غير القانونية في البلدات العربية تشكل خطوة هامة في معالجة الجريمة في الوسط العربي، واعترافا بان هذا جهد وطني يستوجب التعاون بين كل هيئات الامن. ومع ذلك مطلوب استكمال الجهد الامني لتطوير جواب شامل على الازمات  المدنية القاسية والدفع الى الامام بمشاريع غايتها تحسين وضع الجيل العربي الشاب، وصلة المواطن العربي بالمجتمع الاسرائيلي وبالدولة.  
  • في قطاع غزة، الاتصالات للتسوية تتواصل بوساطة مصرية، ويبدو ان في هذه المرحلة  المصلحة المشتركة لكل اللاعبين هي الامتناع عن التصعيد. ومع ذلك فان الاستراتيجية الثابتة لحماس بقيادة السنوار للسير نحو احتكاك متواصل دون مستوى المعركة بهدف انتزاع انجازات مدنية هامة تستوجب من اسرائيل الاستعداد لسيناريو تصعيد متجدد. العالم العربي يؤهل ببطء نظام الاسد دون معارضة واشنطن. وغياب استراتيجية امريكية تؤدي الى قضم نظام العقوبات وتغيير مكانة النظام السوري في المجال الاقليمي والدولي. اسرائيل مطالبة بان تبلور استراتيجية بالنسبة لسوريا والمبادرة الى حوار مع موسكو وواشنطن بهدف التأثير على تصميم الساحة بشكل يتعاطى مع مصالح الامن القومي الاسرائيلي طالما كانت نافذة الفرص للتأثير ذات صلة. 
  • حيال لبنان  تعاظم حزب الله برعاية الحكومة اللبنانية وبدفع ايراني يشكل تهديدا استراتيجيا اول في مستواه. بقدر ما تفشل الادوات الدبلوماسية وخطوات منع نقل الوسائل القتالية من سوريا الى لبنان، يتطلب من اسرائيل أن تتخذ قرارا استراتيجيا هل تبادر الى ضربة مانعة والمخاطرة بالتدهور الى حرب ام تسلم بقدرات نار دقيقة في لبنان تحوزها منظمة ارهابية توجهها طهران.

في السطر الاخير، الاعمال الاسرائيلية التي بين الحروب تركز على جوانب استخدام القوة، ولكنها تمتنع عن عملية ضد بناء القوة التي تتواصل تقريبا دون عراقيل في كل الساحات، خوفا من التدهور الى حرب شاملة. هذا الوضع يشدد المعضلة التي تعيشها اسرائيل ويؤكد الحاجة في الاستعداد لبناء قوة ومفهوم استخدام مناسب الى جانب بلورة استراتيجية شاملة تحدد هدف المعركة والشكل الذي يمكن فيه تحقيقها بصورة توفر الامن للمدى البعيد. 

كما أن الوضع الامني اليوم يسمح بالتركيز على تهديدات تعاظم وبناء القوة حتى في ضوء تكتل مصالح مشتركة في المحيط الاقليمي  والتي تشجع التعاون الاستراتيجي. في هذا الاطار، فان تحدي الدولة الاسلامية، توسع النفوذ الايراني في المنطقة والازمات الاقتصادية في ضوء الشرط الاساس لدول المنطقة ووباء الكورونا تعزز الذخائر الاسرائيلية وتشكل امكانية كامنة لتثبيت “اتفاقات ابراهيم” بل وتوسيعها، وبلورة استراتيجية اقليمية لصد ايران.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى