معاريف 6/3/2012 التقدير: نتنياهو خرج بيدين فارغتين../
من ايلي بردنشتاين
ساعتان كاملتان، بدلا من ساعة وربع كانتا مقررتين مسبقا، استمر أمس لقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الامريكي براك اوباما في الغرفة البيضوية في البيت الابيض. وأفادت وسائل الاعلام الامريكية عن “أجواء قاتمة ورسمية”، في الوفد الاسرائيلي رووا بالذات عن “جهد امريكي واضح” لتدفئة الأجواء ورأب الصدوع، غير ان فوارق المناهج وجدت تعبيرها ليس فقط بالتحليلات اللاحقة بل وايضا في الاقوال التي قيلت في اثنائها عن الموضوع المركزي على جدول الاعمال – طريقة وقف البرنامج النووي الايراني. اربع مرات كرر نتنياهو في المؤتمر الصحفي المسبق حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولكنه اضطر الى سماع اوباما يوضح بأن الحديث لا يدور عن خطوة ذكية في هذا الوقت.
في ختام اللقاء العلني، الذي لم يتضمن امكانية طرح الاسئلة من جانب الصحفيين، انتقل الزعيمان الى اللقاء الرسمي. قسم صغير منه فقط كان ثنائيا، في القسم الأكبر شارك مستشار الامن القومي لاوباما، توم دونيلون، ورئيس قيادة الامن القومي لنتنياهو، يعقوب عميدرور. وفي ختام اللقاء الضيق انسحب الزعيمان لتناول وجبة الغداء التي شارك فيها مسؤولون امريكيون بينهم وزير الدفاع ليئون بانيتا، وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، رئيس الاركان الامريكي مارتن دمباسي، المبعوث الامريكي للمسألة الفلسطينية، ديفيد هيل وآخرون.
وأوضح نتنياهو في حديثه مع اوباما بأنه لم يتخذ بعد قرارا لمهاجمة ايران، ولكنه أضاف بأن لاسرائيل الحق في اتخاذ مثل هذا القرار.
وعلى حد قوله هناك من يحاول رسم صورة وكأن اسرائيل اتخذت مثل هذا القرار، ولكن هذا ليس صحيحا. هدف المنشورات المتواترة، ولا سيما في وسائل الاعلام الامريكية، كما يعتقد نتنياهو، هي منع امكانية مثل هذا القرار. أما اوباما من جهته فأوضح في حديثه أمام الصحفيين بأن “سياستي هي منع ايران من امتلاك السلاح النووي. عندما أقول ان كل الخيارات على الطاولة، فانني أقصد هذا. أنا أعرف بأن رئيس الوزراء وأنا نفضل حل المسألة بشكل دبلوماسي. نحن نفهم ما هو ثمن كل عملية عسكرية”.
في محفل أضيق، شرح نتنياهو انه لم يطرح على اوباما طلبا بأن تعمل الولايات المتحدة بدلا من اسرائيل في غضون فترة محددة اذا ما أصر الايرانيون على التقدم في برنامجهم النووي. وأوضح نتنياهو بأن مسائل الثقة بينهما غير ذات صلة، وعلى رأس ذلك اذا كانت اسرائيل تصدق أم لا بأن الرئيس الامريكي سيأمر بعملية عسكرية، اذا ما تخلت اسرائيل عن العملية من جانبها. النقطة الهامة من ناحيته كانت التشديد أمام الرئيس على حقيقة أن “اسرائيل كدولة مستقلة، هي صاحبة السيادة في اتخاذ القرار في أمنها”. وشرح نتنياهو لاوباما بأن “ايران اتخذت قرارا مرتبا لابادة اسرائيل. لا يدور الحديث فقط عن دعاية أو محاولات تحسين مكانتها في العالم الاسلامي”.
في اثناء الحديث طُرحت القيود العملياتية لاسرائيل في حال اضطرت للهجوم على المنشآت النووية المنتشرة في أرجاء ايران. وعني الزعيمان بالقدرات العسكرية المختلفة للجيش الاسرائيلي والجيش الامريكي، فيما أشار اوباما الى الاثار الجسيمة التي قد تتعرض لها الجبهة الداخلية الاسرائيلية في حالة عملية عسكرية. اما نتنياهو فأوضح للرئيس الامريكي بانه مع أن “لكل دولة الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن العديد من الدول تخضع أمنها الى جهات مختلفة”. في الحالة الاسرائيلية، كما يعتقد نتنياهو، لم يكن دوما اعتراف كهذا وعليه فبرأيه من المهم تأكيد الالتزام الامريكي هذا، وذلك لتشديد الضغط على ايران.
ومع ذلك، يفهم من مصادر أمريكية مقربة من الادارة بان نتنياهو لم يحصل على ما طلبه. وحسب هذه المصادر، فان اوباما ونتنياهو لم يتوصلا الى توافق حول الجداول الزمنية لاستنفاد المساعي الدبلوماسية وعمل العقوبات. اوباما، كما شرحت هذه المصادر، معني بابقاء كل الخيارات مفتوحة، فيما أن نتنياهو شدد على أن على اسرائيل أن تكون سيدة مصيرها. اضافة الى ذلك، لم ينجح نتنياهو في تلطيف حدة “الخط الاحمر” لاوباما – استخدام القوة العسكرية لمنع ايران من الحصول على سلاح نووي – بينما نتنياهو سعى الى الوصول الى توافق على استخدام القوة لمنع القدرة النووية.
وطلب نتنياهو من الرئيس تشديد العقوبات على ايران بالشكل الاكثر تطرفا، ومن جهة اخرى، على مستوى دبلوماسي قبيل بدء محادثات النووي بين طهران والقوى العظمى، تحديد ثلاثة شروط واضحة: تفكيك المنشأة لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم، وقف تخصيب اليورانيوم واخراج كل اليورانيوم المخصب الى ما فوق مستوى 3.5 في المائة. ونتنياهو مقتنع بان العقوبات القائمة لم توقف الايرانيين بعد. بل يجد صعوبة في أن يصدق في انها ستفعل ذلك في المستقبل في ضوء تصميم خمينئي واحمدي نجاد.
“يا اوباما، لا تستسلم”
في الولايات المتحدة تأبعوا أمس عن كثب لقاء الزعيمين، فيما تركز غير قليل من الانتباه على لغة جسد نتنياهو واوباما، والتي وصفت بانها “أكثر هدوءا” من لقائهما البارد السابق. نتنياهو، كما اسلفنا تأثر بالذات من المساعي الامريكية لتعميق الثقة. والى ذلك، نشر ثمانية عسكريين كبار سابقين أمس بيانا ضخما في وسائل الاعلام الامريكية دعوا فيه الرئيس اوباما الى عدم الاستسلام للضغط والامتناع عن عملية عسكرية في طهران. “الجيش الامريكي هو الجيش الاقوى في العالم، ولكن ليس لكل تحد يوجد حل عسكري”، جاء في الاعلان الذي نشر على صفحة كاملة في صحيفة “واشنطن بوست”، “جنودنا الشجعان يتوقعون ان تستنفد كل امكانية دبلوماسية قبل أن تبعث بهم الى مهمة خطيرة. الحل بالطرق السلمية لا يزال في متناول اليد”، أجملوا ودعوا الرئيس الى “مقاومة الضغط لشن حرب يمكن تفاديها على ايران”.