معاريف: يجب ان نكون حذرين حيال نافذة الفرص التاريخية التي يحتمل أن تكون فتحت امامنا

معاريف 4/6/2025، ميخائيل هراري: يجب ان نكون حذرين حيال نافذة الفرص التاريخية التي يحتمل أن تكون فتحت امامنا
النظام الجديد في دمشق يبذل جهودا مكثفة لتبديد الخوف الذي يبعثه ولتثبيت شرعية حكمه. وقد تتوجت هذه الجهود بنجاح عظيم مع قرار الرئيس ترامب، في اثناء زيارته الى السعودية لرفع العقوبات عن سوريا. يدور الحديث هنا عن “ختم الحلال” الأكثر أهمية الذي كان يمكن للزعيم السوري احمد الشرع أن يأمل به.
لاعبان اديا دورا مركزيا في الخطوة: ولي العهد السعودي والرئيس التركي. عملية رفع العقوبات لا تزال تتطلب عملا كثيرا في واشنطن، وحسب تقارير مختلفة نشأت خلافات في أوساط محافل في الإدارة في موضوع رفع العقوبات وربطها بسلوك الشرع في كل ما يتعلق بالتزاماته تجاه الرئيس ترامب. مهما يكن من أمر، يعد هذا إنجازا للنظام الجديد في دمشق.
هدف آخر وهام للمغازلة، من ناحية الشرع، هو إسرائيل. منذ انهيار نظام الأسد يحرص الشرع على أن يطلق إشارات في أنه غير معني بالمواجهة مع إسرائيل، وانه متمسك باتفاقات فصل القوات في 1974، بل المح بانه من غير المستبعد ان يرغب في الانضمام الى اتفاقات إبراهيم. كل هذا يضاف الى خطوات في الميدان تعد بإلغاء نفوذ وتواجد ايران في سوريا، تنقل رسالة لمنظمات فلسطينية من جبهة الرفض لوقف اعمالها من دمشق وتعرض سلوكا مختلفا وجديدا تجاه لبنان والحكم الجديد في بيروت.
خطوة ذات رمزية واهمية جماهيري وسياسية لا بأس بها، هي إعادة وثائق ايلي كوهن الى إسرائيل. الاعلام العربي يشدد على أن هذه مبادرة سورية، بادرة حسن نية، تستهدف الإشارة الى واشنطن والقدس عن نوايا النظام الجديد الإيجابية. مصدر سوري اقتبسته صحيفة “الشرق الأوسط” روى عن مروحية إسرائيلية هبطت في السويداء في 2/5 لتلقي الوثائق.
تقرير واسع في مجلة “المجلة” استعرض باستطراد قضية ايلي كوهن بما في ذلك أسماء شخصيات سورية كان كوهن على اتصال بها. فقد قيل انه بذل جهد للعثور على جثة كوهن. ضمن أمور أخرى يذكر في هذا الشأن اسم ضابط الاستخبارات السوري سعيد أبو جاويش، الذي كان ضمن الفريق الذي القى القبض على كوهن، كمن كفيل بان يعرف مكان دفنه. معقول ان تكون الجثة انتقلت بين عدة مواقع.
مقال مشوق آخر نشر في موقع الاخبار اللبناني “درج” كتبه البروفيسور جيفري كرم، محاضر في دائرة العلوم السياسية في الجامعة الأمريكي في بيروت. ويعنى المقال بالشكل الذي تصمم فيه أجهزة الاستخبارات الذاكرة العامة حين تسمح بنشر مادة سرية. وهو يتناول سواء الجانب السوري، لكن أساسا الجانب الإسرائيلي، الموساد. بزعم الخبير، فان الرسالة المرافقة من ناحية إسرائيل لخطوة بناء الثقة من جانب الشرع تتعلق بتعزيز، أو ترميم، صورة الاستخبارات الإسرائيلية التي فشلت في 7 أكتوبر، في موضوع قدرة الاستخبارات على اختراق كل مكان، بما في ذلك دوائر الحكم في سوريا في حينه.
أحد الأسئلة التي تلقى ابرازا الان هو هل سيرغب الشرع، والاهم من ذلك هل سيكون بوسعه ان ينضم الى اتفاقات إبراهيم أو أن يتوصل الى أي اتفاق مع إسرائيل في هذا الوقت. كما هو معروف، فان سيطرته في الدولة ليست كاملة ولا يزال التساؤل حول امكانيته في أن يطرد المقاتلين الأجانب، مثلما وعد ترامب. كما أنه لا يزال يسود الغموض بالنسبة لشكل النظام الذي ينوي اقامته، بما في ذلك الشكل التي تندرج فيه الجماعات العرقية المختلفة في الحكم، في إطار نظام فيدرالي أو غيره.
الاستنتاج العاقل في هذه الساعة يستوجب من إسرائيل ان تتابع بحذر “إشارات السلام” من الشرع، والانخراج بشكل بناء في سياسة الساحة الدولية التي تسعى بمنحه ائتمانا سياسيا واقتصاديا. مسموح وموصى به ان نكون حذرين، وضمان المصالح الأمنية، لكن بالتأكيد عدم التصرف باستفزاز وتسيد حيال التطورات الدراماتيكية ونافذة الفرص التاريخية التي يحتمل أن تكون فتحت امامنا.