معاريف: يأمل الامريكيون أن يستجاب وقف النار في غزة

معاريف 20/6/2024، ميخائيل هراري: يأمل الامريكيون أن يستجاب وقف النار في غزة
وصل المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين الى المنطقة مرة أخرى في محاولة لمنع تصعيد إضافي في الجبهة اللبنانية والانزلاق الواعي ام غير الواعي الى حرب شاملة. وتتوجت مساعي الإدارة الامريكية لمنع تصعيد إقليمي شامل، فضلا عما يجري في الأشهر الأخيرة، بنجاح (نسبي؟) حتى الان، بما في ذلك، ان شئتم، المواجهة المباشرة الإسرائيلية – الإيرانية. الحرب في الجنوب متواصلة وبقدر كبير، حتى وان لم يعترف احد بذلك، انتقلت الى مرحلة المراوحة، والايمان بانه يمكن للتو ان نهزم، او للأسف ان نضعف جدا حماس. وهذا بالتأكيد طالما كانت حكومة إسرائيل ترفض ذكر البديل السلطوي الذي تقبل به في قطاع غزة. الحرب في الشمال تتواصل هي أيضا، وان لم تكن بكامل شدتها الا انه واضح للجميع بان الجبهة اللبنانية لن تهدأ قبل أن يتحقق وقف للنار او انهاء للقتال، في الجنوب. وعليه، فما الذي يمكن للإدارة الامريكية، ومبعوثها الكاريزماتي ان يفعلاه؟ ولعله اه من ذلك، هل إسرائيل قادرة على أن تفكر استراتيجيا – عسكريا وسياسيا – في نفس الوقت؟
اشك جدا بالنسبة لحكومة إسرائيل وبقدر اقل بالنسبة للولايات المتحدة. يعتقد المنطق الأمريكي (وبالفعل، هو “مصاب” قليلا لاعتبارات سياسية قبيل الانتخابات في تشرين الثاني)، بانه في الظروف المعطاة فان وقف الحرب في غزة من خلال تنفيذ المرحلة الأولى من مبادرة بايدن (فهل هذه بالفعل مبادرة إسرائيلية؟) وتحقيق موافقة من إسرائيل وحماس حول صيغة انهاء الحرب، يمكنها أن تساعد في الجبهتين. صحيح أنه يوجد شك بنيوي في مدى التزام وجدية الطرفين، إسرائيل وحماس للحفاظ على الهدوء والانتقال الى مرحلة التعمير، لكن طريق آلية وقف النار من يدري.
في الشمال، واضح جدا أن حزب الله وليس اقل أهمية من ذلك ايران ولبنان كله، معنيون، لاسباب متنوعة وهامة، بالامتناع عن حرب شاملة. محرر “الاخبار” اللبنانية التي تعبر عن مواقف المنظمة، أوضح هذا جيدا في مقاله الأخير قبل بضعة أيام.
في إسرائيل، المعضلة مركبة. ومن نواح عديدة مفهومة. وان لم تكن تنطوي على عقلانية في ظل جملة الاعتبارات الاستراتيجية التي يفترض بها أن توجه الحكومة في القدس. فالادارة الامريكية تأمل، بقدر لا بأس به من التأكيد، في ان يستجب وقف النار في غزة بشكل فوري في خطوة مشابهة في لبنان. وعندها يكون ممكنا تنفيذ المرحلة الأولى/الفورية في خطوة التسوية في لبنان. وهذا يتضمن، حسب جملة من التقارير الإعلامية، انسحابا لقوات حزب الله الى مسافة 10 كيلو مترات عن الحدود (الى هذا الحد او ذاك)، انتشار أضاف للجيش اللبناني في الجنوب وبداية خطوة لتنفيذ قرار 1701 بما في ذلك المفاوضات حول مسألة الحدود البرية. فهل هذا سيؤدي الى تنفيذ فوري لقرار 1701؟ بالطبع لا، لكن ستبدأ مسيرة في مفاوضات مركبة بين الطرفين، وبقيادة أمريكية، تكون إمكانية لتقريبنا من هناك. الانطباع، الذي يستند كما اسلفنا الى غير قليل من التقارير، هو أن مسودة المرحلة الأولى التي وصفناها آنفا متفق عليها بين الطرفين، لكن اذا ما تصرفا بعقلانية.
للمشككين في قدرة الدبلوماسية على المساعدة في حل ما يبدو بلا حلا، نقول أمرين: الأول، من يتطلع الى العودة الى القتال والى “انهاء العمل لمرة واحدة والى الابد”، في الجنوب او في الشمال، يمكنه دوما أن يجد لهذا مبررات مسنودة. صحيح أنه ستكون حاجة الى التخطيط والى التعريف الدقيق والأكثر منطقة لخطة العمل، لكن إسرائيل قادرة على ذلك، اذا ما ارادت فقط والجانب الاخر يوفر بشكل عام مبررات كهذه. والثاني، عملية تسوية النزاعات بطريق دبلوماسي، يقوم بالطبع على أساس القوة (التي توجد لدينا) تخلق دينامية خاصة بها بما في ذلك التوافقات والحلول الوسط، التي من الصعب جدا تشخيصها في ذروة المعركة. وبالمناسبة، يجدر بنا أن نتذكر قليلا السلوك الإسرائيلي والخطاب الذي رافقه في حينه حول حرب لبنان الأولى، كي نفهم معنى المراوحة وانعدام الرؤيا الاستراتيجية، والى أين يمكنهما ان يؤديا.