ترجمات عبرية

معاريف: وزير الدفاع ورئيس الأركان يريدان انهاء الحرب

معاريف 12/7/2024، حاييم رامون: وزير الدفاع ورئيس الأركان يريدان انهاء الحرب

يوم الاحد من هذا الأسبوع افاد المراسل العسكري نير دبوري في النشرة المركزية لاخبار 12 باننا عمليا هزمنا قوات حماس. روى دبوري بان قطاع غزة “اجتاز تجريدا للسلاح بالقوة… تجريد الذراع العسكري من السلاح قد اكتمل تقريبا”، وان لحماس “لا توجد قدرة قيادة وتحكم”. 

في سياق النشرة افاد مراسل شؤون العربية اوهد حامو بان حماس لم تعد تسيطر سيطرة مدنية في قطاع غزة. تحدث حامو مع غزيين محليين قالوا له ان حماس صفيت وانه لم يعد يوجد حكم ولم يعد ممكنا رؤية قوات حماس في شوارع القطاع.

بمعنى ان اخبار 12 بلغت الجمهور بان إسرائيل في واقع الامر حققت منذ الان هدف الحرب الأساس، تقويض حكم حماس وتصفية قدرتها العسكرية. لكن اذا كان تفكيك الذراع العسكري كان يكتمل فليتفضل احد ما في اخبار 12 ان يشرح للجمهور لماذا لا تزال قوات حماس تقاتل في رفح، بعد شهرين من دخول الجيش الإسرائيلي الى هناك. 

واذا لم يكن لحماس قدرة قيادة وتحكم فكيف يحتمل ان بعد أن يكون الجيش الإسرائيلي اباد 85 في المئة من عداد الكتيبة المحلية في الشجاعة، يضطر الجيش لان يعود ليقاتل هناك ويكتشف، لمفاجأته بان الكتيبة رممت تماما؟

واذا كان القطاع قد جرد من السلاح منذ الان، فلماذا ادخل رئيس الأركان هذا الأسبوع فرقة كاملة الى داخل مدينة غزة، والتي سبق للجيش الإسرائيلي أن احتلها في الماضي؟ 

واذا لم تكن حماس منذ الان تسيطر مدنيا في قطاع غزة، فكيف يحتمل أنه حسب تقارير من مصادر إسرائيلية، حماس ليس فقط تواصل السيطرة على معظم المساعدات الإنسانية، تخزنها في مخازنها وتعدم على رؤوس الاشهاد سارقي المساعدات – بل وأيضا تقدم خدمات بلدية في مناطق انسحب منها الجيش الإسرائيلي.

جواب على بعض هذه الأسئلة جاء في الغداة، عندما وصل المحلل عميت سيغال الى الاستديو نفسه وفجر البالون الذي اطلقه دبوري. فقد افاد سيغال – استنادا الى وثيقة رسمية من الجيش – بان حماس تنجح في الحفاظ على أهلية عالية للانفاق.

في مدينة غزة، حيث فعل الجيش الإسرائيلي معظم القوة – أهلية الانفاق متوسطة حتى عالية، ولا يزال ممكن استخدامها لاجل الاقتراب من الجدار الحدودي (هكذا مثلا في الشجاعية، في شرق مدينة غزة، أهلية الانفاق لا تزال عالية). 

في المعسكرات الوسطى حافظت قوات حماس على اهمليتها لاجتياح تحت أرض واجتياح أرضي. في خانيونس رممت حماس الكثير من الانفاق التي تضررت – ونجحت في إعادة تفعيل مصانع الاسمنت الضرورية لبناء الانفاق واصلاحها. في معظم رفح أهلية الانفاق لا تزال عالية وتسمح لقوات حماس بالاقتراب من الجدار. في محور فيلادلفيا، مصدر التوريد الأساس لحماس، لم تدمر الا مسارات انفاق قليلة. 

باختصار، لا يزال الجيش الإسرائيلي بعيدا عن تدمير التحت ارضي الذي تستخدمه حماس في التحرك، للتمويه، للقتال، للتوريد وللجوء. 

في السطر الأخير، التقارير الخيالية لدبوري وحامو ليست اكثر من نقل رسالة من رئيس الأركان هرتسي هليفي ووزير الدفاع يوآف غالنت اللذين يريدان انهاء الحرب وبالتالي يحاولان اقناع الجمهور في إسرائيل بان حماس هزمت منذ الان.

غالنت وهليفي يخدعان الجمهور، ومعظم وسائل الاعلام الإسرائيلية تتعاون معهما. لكن في العالم الحقيقي، حتى بعد تسعة اشهر حرب، الجيش الإسرائيلي لم يقوض بعد حكم حماس ولم يصفي قدرتها العسكرية. هذا الفشل كان مكتوبا على الحائط منذ زمن بعيد، سواء لان استراتيجية “الدخول – الخروج” لهيئة الأركان وكابنت الحرب لا تسمح للجيش الإسرائيلي بان يهزم قوات حماس أم لان رفض هيئة الأركان وكابنت الحرب إقامة حكم عسكري مؤقت يمنع الجيش من تقويض الحكم المدني لحماس. 

الحقيقة غير اللطيفة

بخلاف معظم الإعلاميين في إسرائيل، الذين يعتقدون أن مهمتهم ان يشكلوا ابواقا لجهاز الامن، في وسائل الاعلام الأجنبية (التي لا تعفى من المشاكل)، لا يزال يمكن إيجاد نماذج لصحافة موضوعية تحاول حقا ان تفهم ما الذي يجري في حرب السيوف الحديدية.

في الأسبوع الماضي نشرت “نيويورك تايمز” تقريرا عميقا عن مفهوم كبار الضباط الإسرائيليين لاستمرار الحرب (بالمناسبة، احد كاتب التقرير هو رونين بيرغمان، صحافي إسرائيلي). لغرض اعداد التقرير اجروا مقابلات مع ما لا يقل عن تسعة ضباط كبار، بعضهم في الخدمة الفاعلة وبعضهم في الاحتياط. 

كل الضباط الكبار الذين تمت مقابلتهم ايدوا وقف النار في قطاع غزة، حتى لو كان معنى الامر ان تبقى حماس في الحكم، “حاليا” على حد قولهم. 

ايال حولتا، رئيس هيئة الامن القومي سابقا، شرح بان كبار رجالات الجيش “يؤمنون بانه يمكنهم دوما ان يعودوا ليقاتلوا حماس في المستقبل”. في المناسبة، الناطق العسكري، الذي سُئل اذا كان الجيش يؤيد وقف النار، لم يتناول هذه المسألة في جوابه، لكنه أيضا لم ينفِ هذا. 

“نيويورك تايمز” أوضحت إذن، عمليا، بان كبار رجالات الجيش في الماضي وفي الحاضر يتفقون على انه يتعين على إسرائيل ان تسمح لحماس بمواصلة السيطرة في غزة، اطلاق الصواريخ نحو إسرائيل واعداد 7 أكتوبر التالي بلا عراقيل.

قبل يوم من ذلك، نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية الهامة تقريرا يفحص نية وزير الدفاع البدء بثلاثة مشاريع تجريبية لخطة “الفقاعات الإنسانية” خاصته.  التقرير في الصحيفة البريطانية تضمن أيضا تحليلا لاحتمالات نجاح خطة غالنت، ومقابلات “بدون أسماء” مع أناس مطلعين على تفاصيل الخطة. 

الاستنتاج المركزي في التقرير ظهر منذ بدايته: “حتى حين يكون الجيش الإسرائيلي يقف على شفا تفعيل المشاريع التجريبية يوجد شك عظيم حول جدواها في ضوء المقاومة العنيفة لحماس… شخص واحد يعرف الخطة وصفها بانها “مشروع خيالي””. يواصل التقرير ليفكك الى العناصر الأولية خطة غالنت الهاذية، وكل خططه السابقة التي فشلت بشكل مدوٍ، لكن على أي حال فهمتم الفكرة منذ الان. 

هل يمكنكم أن تتخيلوا مراسلا عسكريا او محللا إسرائيليا يتجرأ على ان يوجه نقدا لاذعا كهذا لجهاز الامن او حتى يعرض موقف هذا الجهاز دون رتوش بدلا من ثرثرة رسائله؟ 

نعم، اعرف، وكتبت هذا مرات لا تحصى في الماضي. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو المسؤول الأساس سواء عن القصور الأعظم الذي أتاح مذبحة 7 أكتوبر او عن الإدارة الفاشلة للحرب ويجب أن يستقيل فورا او على الأقل ان يتوجه الى الانتخابات بأسرع وقت ممكن. لكن من يلقي بالذنب فقط على بيبي ويعفي من المسؤولية غالنت ورئيس الأركان، يجانب الحقيقة ويطهر مذنبين مركزيين من ذنبهم على أساس اعتبارات تتعارض واخلاقيات المهنة الصحفية. 

الحقيقة غير اللطيفة هي أنه لا يوجد طريق لهزيمة حماس وتقويض حكمها دون احتلال كامل للقطاع وإقامة حكم عسكري مؤقت. مثلما قال رئيس الأركان الأمريكي لمسؤولي جهاز الامن بشكل سري وبشكل علني حين قال ان “قتل مخربين ومقاتلي عصابات والقبض عليهم لا يكفي. المفتاح لتثبيت الإنجازات الأمنية ووقف تجنيد مقاتلي عدو جدد هو الاستيلاء على الأرض، الدفاع عن السكان المدنيين وتوفير حكم وخدمات لهم.

كابنت الحرب وهيئة الأركان يرفضان استيعاب هذه المباديء الأساس ويصران على المواظبة على الاستراتيجيات إياها المنقطعة عن الواقع، وكنتيجة لذلك يقودان إسرائيل الى هزيمة لم تمنى بمثلها ابدا. هذا في الوقت الذي يغطي فيه الاعلام الإسرائيلي على ذلك ولا يبلغ الجمهور بالحقيقة. 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى