معاريف / هل يصبح أردوغان الزعيم الأكثر تأثيرًا في تاريخ تركيا الحديثة؟
معاريف – بقلم يوفال بار – 24/6/2018
لم تقف تركيا على مفترق طرق كهذا منذ سنوات. في الواقع، الانتخابات التي ستجرى اليوم الأحد لن تكون الأولى لرجب طيب أردوغان، الذي انتخب عام 2003 لأول مرة لمنصب رئيس الحكومة، وفي 2014 كرئيس، بعد أن حوّل المنصب من رمزي إلى جوهري، وبعد أن تم إلغاؤه في استفتاء مع دور رئيس الحكومة، لكنه الآن فقط يقف أمام السؤال: هل سيتحول للزعيم الأكثر تأثيرًا في تاريخ تركيا الحديثة؟
خلال 15 عام له كرئيس إحدى الدول الأهم في العالم، حاول أردوغان تحقيق السلام مع الأكراد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، دعا لخلع بشار الأسد وتحول لحليف لروسيا وإيران. بالإضافة لذلك، نجا من محاولة انقلاب، أخذ تركيا من أزمة اقتصادية إلى الازدهار، وفي العام الماضي لأزمة اقتصادية جديدة، وتحوّل لأحد الرؤساء المحاربين في تاريخ الدولة، التي تهدد أوروبا اليوم بإغراقهم باللاجئين.
في بداية عهده كرئيس حكومة، لم يستطع أردوغان الدخول للمنصب بسبب صدور حكم قضائي ضده في إعقاب نشاطاته في إطار حزبه الإسلامي، واضطر لتعيين نائب له حتى نهاية الفترة. يُذكر أن الإجراءات الأولى التي اتخذها أردوغان كانت إيجابية: حشد الأمة من أجل الهدف الذي حدده (انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي)، حاول حل الأزمة بين تركيا وقبرص وبدأ بمحادثات سلام مع الأكراد، بحيث يسمح لهم بحرية ثقافية أوسع من سلفه.
د. نمرود غورن، رئيس المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية (ميتافيم) ذكر أنه قبل عهد أردوغان لم تكن تركيا تنعم بديمقراطية أكثر ممّا تنعم بها اليوم، وأنها كانت لاعبًا أضعف في الساحة الدولية، من بين جملة أمور من ناحية اقتصادية. وأضاف د. غورن أن “أردوغان اليوم ليس هو أردوغان في سنواته الأولى للحكم، في بداياته كان أحد الإصلاحيين الديمقراطيين في تركيا، قمع الأقليات داخلها، الأكراد والدينيين، والتدخل العسكري في السياسة كان غير مسبوق. في السنوات الأولى، شارك حزبه في مشروع الانضمام للاتحاد الأوروبي وسخر البلاد لذلك، بما في ذلك إصلاحات داخلية قيدت الجيش، خففت الضغط على الأكراد والعلمنة، وحتى إنه حاول العمل من أجل السلام في قبرص، كان الأمر مجديًا، وبدأت مفاوضات للانضمام للاتحاد الأوروبي، وشهدت تركيا تحسنًا اقتصاديًا”.
من ناحية أخرى، د. أفرات أفيف، الخبيرة في الشأن التركي بقسم الشرق الأوسط في جامعة “بار ايلان”، غير متأكدة من أنه لم تكن هناك نية مسبقة، وتساءلت “هل تغير أردوغان؟ هناك من يعتقد بأن أردوغان كان هكذا من البداية، وأنه استغل الديمقراطية من أجل إدخال معاداة الديمقراطية للنظام؛ هذه هي طريقة الاخوان المسلمين الذين يقدمون أنفسهم كإسلام معتدل حتى يصلون لنقطة يكون لديهم قوة كافية ويزيلون القناع. أنا أعتقد بأنه كان ذو مطامع دكتاتورية من البداية، لقد استخدم الدين من أجل خدمة الدكتاتورية، والعنصر الديني هو فقط جزء من ذلك”.
إن القلق كان في البداية من أن يحول أردوغان تركيا لإيران، بعد سنوات من ذلك، في نهاية العقد الثاني من القرن الـ 21، القلق ليس من حكم ديني، بل من حكم فردي، “بعد عدة سنوات من حكم حزب واحد دون موازنات وعوائق؛ تحوّل ليصبح أكثر استبدادية”، يوضح د. غورن التغير الذي مرّ به أردوغان.
رغم هذه التغيرات، خلال الربيع العربي، برزت تركيا كحليف مهم للغرب، حيث إنها من جانب دولة دينية، ومن جانب آخر ديمقراطية ومحافظة على استقرارها، رأى بها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما نموذجًا للأنظمة الاستبدادية التي بدأت بالتأرجح في جميع أنحاء الشرق الأوسط. أردوغان نفسه أيضًا، رغم أن كان لديه علاقات قوية مع جزء من زعماء الدول العربية، مثل الرئيس السوري الأسد ورئيس ليبيا معمر القذافي؛ تحوّل لداعم قوي للثورات العربية في أنحاء العالم الإسلامي. مع ذلك، حين وصلت هذه الظاهرة لعتبة بيته في 2013، أصبح أردوغان أقل حماسة بشأن الدعوات للديمقراطية.
ازدواجية أردوغان
في يوليو 2016، نشرت قوات الجيش التركي في أنحاء إسطنبول وأنقرة في محاولة للإطاحة بالحكم، وداهمت قوات خاصة المنتجع الذي تواجد به أردوغان بهدف اعتقاله أو اغتياله. في مرحلة معينة أعلن قادة الثورة بعد سيطرتهم على قناة التلفزة “تي. آر. تي” عن نجاح الثورة.
مع ذلك، قرر أردوغان ألا يستسلم بدون معركة، وفي لحظة محفورة في التاريخ، بينما كان يحاول العودة للعاصمة في طائرته، نجح بالتواصل مع محطة تلفزة لدعوة الشعب لمعارضة الثورة العسكرية. نجاح أردوغان في إحباط محاولة الانقلاب تؤكد بدرجة كبيرة التغير العميق الذي شهدته تركيا خلال فترة ولايته.