معاريف: هل نتحدث مع ايران؟
معاريف 25/9/2024، ميخائيل هراري: هل نتحدث مع ايران؟
وسعت حرب “السيوف الحديدية” المواجهة الإسرائيلية – الإيرانية الى عدة جبهات بما في ذلك لأول مرة مواجهة مباشرة بينهما. يدور الحديث عن مستوى لم نشهده من قبل وواضح جهد لمنع اتساعها وتعميقها. الأيام القريبة القادمة ستجسد بالملموس اذا كانت الدولتان ستنجحان.
جدير ان يتلقى موضوع الحوار الإسرائيلي – الإيراني مزيدا من الاهتمام والتفكير في ضوء تطورات غير المسبوقة الان. فالاستطلاع السنوي لمعهد “ميتافيم” (تموز 2024) فحص هذه المسألة في إطار علاقات إسرائيل مع اللاعبين الإقليميين. في فحص الامكانية لخلق مسار حوار وتبادل رسائل مع ايران (عبر طرف ثالث)، 42 في المئة اعتقدوا بان هذا لن يؤثر كثيرا على التصعيد بينهما؛ 38 في المئة اعتقدوا بان هذا كفيل بان يجدي إسرائيل؛ و 20 في المئة اعتقدوا بان هذا يمكنه ان يضر بإسرائيل.
أرغب في أن اتعلق بالذات باولئك الـ 38 في المئة الذين اعتقدوا بان حوارا من هذا القبيل كفيل بان يجدي إسرائيل. فالمنطق يقول ان إسرائيل لا تستوعب بالقدر الكافي الواقع الإقليمي الجديد الذي تثبت في السنوات الاخيرة، ابتداء من حرب الخليج الثانية واسقاط نظام صدام حسين في العراق، وحتى تداعيات “الربيع العربي” على المنطقة بأسرها. وبالنسبة لقضيتنا، يدور الحديث عن مسيرة تعزيز قوة ايران، وتحولها عمليا الى قوة عظمى إقليمية. لقد ثبتت هذه المسيرة بشكل واضح في اثناء السنة الأخيرة.
بشكل مشابه ومشوق، فان التطورات الإقليمية، مع التشديد على “الربيع العربي”، الضعف الجماعي العربي، اتفاقات السلام المستقرة مع مصر والأردن والمسيرة مع الفلسطينيين ساهمت بتعزيز مكانة إسرائيل الاستراتيجية. اضف الى هذا قوتها الاقتصادية والتكنولوجية وستحصل على إسرائيل كقوة عظمى إقليمية بما في ذلك (واساسا) في عيون الناظرين من الخارج.
وعليه فان امامنا قوتين عظميين اقليميتين تطلبان “اعترافا” بمكانتيهما، كل واحدة بطريقتها. الحجة الأساس هي ان الاستراتيجية التي اتخذتها إسرائيل على مدى السنين لم تنجح في تقليص الميول السلبية النابعة من تعاظم قوة ايران. فضلا عن ذلك فان الظروف الإقليمية الحالية في الشرق الأوسط تشكل فرصة لإسرائيل لبلورة استراتيجية جديدة في السياق الإيراني. لا يعني الامر التخلي عن الوسائل العسكرية بل ربطها بذلك. فالحرب تثبت انه رغم الفشل الاستخباري، العسكري – السياسي في 7 أكتوبر، إسرائيل تنجح في التصدي لجملة الجبهات التي تصطدم بها، بما فيها المباشرة بينها وبين طهران. واضافة الى ذلك، فان التسويات السياسية – اتفاقات السلام مع مصر والأردن، اتفاقات إبراهيم وحتى منظومة العلاقات مع السلطة الفلسطينية – لم تتضرر جوهريا او تنهار بعد سنة طويلة ودامية من الحرب. ان حوارا إسرائيليا – إيرانيا كما يقترح، يجب أن يعترف بالمصالح الخاصة للدولتين: ايران تسعى للحفاظ على النظام والاعتراف بمكانتها الإقليمية. إسرائيل تسعى للحفاظ على ما هو موجود وتعميقه لاجل الاندماج في المنطقة.
هذا الحوار لا يتناقض مع سعي إسرائيل لتوسيع منظومة علاقاتها الإقليمية، بما فيها مع السعودية. فالسعودية، التي ترى في النظام الإيراني تهديدا وجوديا، اقامت علاقات دبلوماسية وتجري حوارا علنيا مع طهران ولا ترى في ذلك تناقضا مع تطبيع علاقاتها مع إسرائيل. حذار على إسرائيل (وعلى ايران) “المبالغة كثيرا”، عليهما ان تستوعبا الواقع الاستراتيجي الإقليمي لاجل خلق تفاهم افضل بينهما، وإقامة إطار متواضع للحوار بينهما.