ترجمات عبرية

معاريف: نتنياهو وصل الى اتفاق وقف نار في لبنان بعد رسالة واضحة من ترامب

معاريف 29/11/2024، ألون بن دافيد: نتنياهو وصل الى اتفاق وقف نار في لبنان بعد رسالة واضحة من ترامب

الحروب والمواجهات العسكرية توصف دوما بتعابير جانب أزرق (قواتنا) وجانب أحمر (العدو). لكن من جلب وقف النار هذا الأسبوع حقا هو الجانب البرتقالي. الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هو الشخصية السائدة من خلف الاتفاق وهو الرجل الذي يمكنه أن يجلب نهاية للحرب الطويلة وتصميم مستقبلنا ووجه المنطقة في الأشهر القريبة القادمة.

مشكوك جدا أن يكون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي على مدى أكثر من سنة يثرثر لمؤيديه الشعار العليل “النصر المطلق” كان سيصل بنفسه الى اتفاق وقف نار في لبنان لو لم يتلقَ رسالة واضحة من ترامب بان هذا ما هو متوقع منه. لقد تعثر حظ نتنياهو وكثيرين في إسرائيل بدأوا يصدقون بانه يوجد شيء ما كهذا مثل “النصر المطلق” وقد غصب على التوقيع على اتفاق حتى فنان تسويق مثله لا يمكنه أن يغلفه ويبيعه كـ “نصر” فما بالك “مطلق”. 

لكن مثلما في الماضي، اتفاق الخليل، في صفقة شاليط وفي حقائب المال التي نقلها الى حماس، اثبت نتنياهو بان ايديولوجيته يمكنه أن تكون مرنة مثل لاعبة جمباز فني ابنة عشرة. فهيم اكثر بكثير من وزير دفاعه، وان كان نتنياهو اتخذ جانب الحذر من أن يتفوه بكلمة “نصر” لدى عرضه الاتفاق على الامة، لكن ابواقه فاقوه واظهروا مرونة وليونة حين سوقوا الاتفاق كلحظة أخرى من الانكشاف الرباني (لربهم).

في شيء واحد كان الابواق محقين: اتفاق وقف النار الذي تضارب مع كل ما روجوا له في السنة الأخيرة، هو انجاز ذو مغزى لإسرائيل، يختلف عن كل الاتفاقات السابقة مع لبنان، هو يشكل مقابلا مناسبا للانجازات المعتبرة التي حققها الجيش الإسرائيلي في ميدان المعركة. لقد وقعت إسرائيل على اتفاق مع دولة لبنان، يتنازل فيه لبنان عن سيادته ويوافق بحكم الامر الواقع على نشاط عسكري إسرائيلي في أراضيه، اذا ما خرق الاتفاق. هذا بحد ذاته انجاز معتبر.

لقد سبق أن قيل الكثير عن أن وقف النار سيفحص ليس في صياغاته بل في التصميم الإسرائيلي على انفاذه، حتى بثمن دخول متجدد للقتال. صحيح أن الاتفاق يبقي حزب الله كقوة عسكرية لا بأس بها في لبنان، لكن لحزب الله أيضا، المتضرر بشدة والضعيف اكثر من أي وقت مضى، سيكن صعبا تسويق هذا الاتفاق كنصر. 

توجد لنا إشارة من غزة

فضلا عن ترهات “النصر المطلق”، لم تدعي إسرائيل ابدا ولم تضع لنفسها هدف إبادة القوة العسكرية لحزب الله او احتلال شريط فاصل داخل لبنان. فالبقاء على ارض لبنان كان فقط يضمن ان تبقى بلدات الشمال تحت النار لسنوات أخرى. اما الشروط التي حققها الجيش الإسرائيلي فقد ازالت عن بلدات الشمال تهديد الاجتياح وخلقت فرصة لابعاد تهديد نار حزب الله عنه. اذا كانت مهمة إسرائيل ان تفرضه بتشدد وبقوة، فان الشمال يمكنه أن يعود ليزدهر منذ السنة القادمة. 

توجد هنا أيضا فرصة لتغيير ذي مغزى في مكانة حزب الله في موازين القوى الداخلية في لبنان. فعلى مدى اشهر يهيىء البريطانيون قوات من الجيش اللبناني لانفاذ الاتفاق، سواء على طول معابر الحدود مع سوريا ام في جنوب لبنان. حزب الله، الذي قُتل أو أُصيب عشرة الاف من رجاله، لم يعد القوة الأقوى في الدولة. 

معقول الافتراض بان ايران ستحاول منذ الأيام القريبة القادمة البدء بضخ المال لاعادة بناء حزب الله. اذا نجحت إسرائيل في تشجيع دول الغرب والخليج لتعزيز القوات الأخرى في لبنان، الجيش اللبناني والمسيحيين، برزمة مساعدات توازن المال الإيراني، فانها ستتمكن من أن تكون القوات المؤثرة في الدولة.

وتوجد نقطة أخرى في صالح طرف الرئيس المنتخب: ترامب الذي يعرف بان الاتفاق تحقق فقط بفضل مباركته، ولم يحاول قطف المجد وسمح للرئيس الراحل جو بايدن الاستمتاع بكل الحظوة. هذا فعل يعكس نضجا من جانبه وهذا النضج يمكنه أن يفتح فرصة أخرى حتى قبل ان يدخل الى البيت الأبيض. 

قطاع غزة، الذي عاد ابتداء من هذا الأسبوع لان يكون ساحة قتالنا الأساس، يؤشر الى أن هناك أيضا توجد فرصة. فالاصوات التي صدرت عن حماس، بعد الإعلان عن وقف النار في لبنان على استعدادها لان تبحث في وقف نار في غزة أيضا، تدل على أن حماس أيضا في ضائقة: الجيش الإسرائيلي يكمل تفكيك المعقل الذي حاولوا اقامته في جباليا، شمال القطاع فرغ تماما من سكانه، وقيادة حماس أيضا تخلى من دخول ترامب الى منصبه. 

الرئيس بايدن اعلن بانه يحاول الدفع قدما بمنحى لوقف نار في غزة وإنقاذ المخطوفين بمعونة مصر، تركيا وقطر. يمكن لمثل هذا المنحى أن يتحقق فقط اذا ما حظي بمباركة ترامب. لنتنياهو، الذي قلق من انهاء القتال في غزة والمطالبات بالتحقيق التي ستأتي بعده، سيكون أصعب عليه ان يبتلع وقف نار في غزة. ما يمكنه أن يحلي له القرص المرير سيكون منحى يتضمن أيضا رزمة مساعدات أمريكية من السلاح، رفعها نتنياهو مرة أخرى على رأس فرحته. لكن هنا أيضا سيكون كل شيء متعلقا بحركة رأس زعيمه الجديد، ترامب.

صفقات، لا حروب

ايران هي الأخرى تبدي بوادر عصبنة قبيل دخول الجانب البرتقالي الى منصبه. هذا الأسبوع واصلت تهديد إسرائيل لكنها تبدو صحيح حتى هذه اللحظة، كمن اختارت تأخير ردها الموعود على الهجوم الإسرائيلي.

فقدت ايران ذراعيها الهامين حيال إسرائيل – حزب الله وحماس – لكن في الجيش الإسرائيلي يواصلون التعامل مع ذراعيها الاخرين – العراق واليمن – كساحتين نشطتين. الميليشيات في العراق تخضع للسيطرة الكاملة من طهران، التي يمكنها أن تدفعهما للتوقف عن نشاطهما في كل وقت. وقد المحتا هذا الأسبوع بانهما تفكران بالانضمام الى وقف النار. اليمن هو لاعب مارق، لا يقبل أي إمرة وتحكم.

يعرف الإيرانيون بانهم مستهدفون كشركاء كاملين في المحور المناهض لامريكا. روسيا تقاتل في أوكرانيا الى جانب كوريا الشمالية فيما أن ايران هي موردة السلاح. في داخل هذا المحور الثلاثي – ايران هي الحلقة الضعيفة. وترامب كفيل بان يختارها كمن ينبغي تركيز الضغط عليها.

يؤمن البيبيون المسيحيون بان ترامب سيرتبط بإسرائيل في معالجة النووي الإيراني. هذا سيناريو يتضارب وطبيعة الرئيس المنتخب، رجل يتبنى الصفقات وليس الحروب. لكن ترامب يعرف كيف يشخص الضعف وايران توجد في نقطة دركها الأسفل منذ سنين. اذا ما فرض عليها عقوبات شالة، مسنودة بتهديد عسكري مصداق، فانه يمكنه أن يفرض على ايران نظام رقابة جديد، قاسٍ ومتشدد اكثر من كل الأنظمة التي سبقته، يبعد آيات الله عن النووي على مدى سنوات ولايته.

في السطر الأخير: بعد سنة من حرب رهيبة وانجازات رائعة للجيش الإسرائيلي، تقف إسرائيل امام بطانة فرص لاعادة تثبيت مكانتها في المنطقة. بعد اقل من شهرين سيدخل الى البيت الأبيض رئيس هو صديق حقيقي يريد طالح إسرائيل حتى قبل ان يرى صالح نتنياهو. بعد سنة كلها سواد، لعل البرتقالي ينجح في أن يكون الأسود الجديد.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى