معاريف – مقال – 8/11/2012 ليسوا متكافلين
بقلم: درور زرسكي
الانخفاض في معدل التصويت لدى عرب اسرائيل يرتبط بالانقسام في الاحزاب في الوسط والانشغال المبالغ فيه لنوابهم بالنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.
أعضاء الكنيست العرب يعتبرون في الغالب طابور خامس في الاوساط الاسرائيلية. فمستهلك الاخبار المتوسط يحصل على شحنات سلبية حين يرى حنين الزعبي تلقي خطابا من على منصة الكنيست، والمشارك في المقابلات التلفزيونية الذي ينال الشعبية د. احمد الطيبي يتحدث أو طلب الصانع يتظاهر ضد قوات وحدة “يسم” الخاصة في أحد الشتات البدوي في النقب. والان يتبين بان مواطني اسرائيل اليهود ليسوا وحدهم. ففي الوسط العربي أيضا لا نجد أن ممثلي جمهور هذا الوسط غير شعبيين، ومن ناحيتهم لا يخدمون من يختارهم للمهمة باخلاص.
منظمة “مبادرات صندوق ابراهيم” أخذت على عاتقها الحق والواجب في تقريب عرب اسرائيل من ابناء عمومتهم اليهود. من ناحية المنظمة، فان أبا الامة هو ابراهام/ابراهيم، وليس لنا أي خيار آخر غير أن نعيش معا. وقبيل انتخابات 2012 أجرت المنظمة استطلاعا شاملا عن مواقف الوسط العربي كي تفهم لماذا يوجد انخفاض دراماتيكي في معدلات التصويت في الانتخابات. وهكذا مثلا، في انتخابات 2009 بلغ معدل التصويت في أوساط عرب اسرائيل 52 في المائة فقط، بينما معدل التصويت العام بلغ 65 في المائة. وتبين من الاستطلاع بان 22 في المائة فقط من الوسط العربي سيتوجهون بيقين للتصويت في الانتخابات القادمة. معدل المقترعين المحتملين في الوسط العربي، بمعنى أولئك الذين لا يعرفون اذا كانوا سيتوجهون للتصويت، واذا كانوا – فلمن، ارتفع بـ 32 في المائة مقابل الانتخابات السابقة.
التفسير للانخفاض في معدل التصويت ليس فقط الانعزالية والاحساس بالانقطاع الذي يشعر به عرب اسرائيل، بل عملية داخلية يجتازها الوسط. فالجمهور العربي في اسرائيل تعنيه المواضيع الاجتماعية أكثر بكثير من النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، الذي يفضل النواب العرب التشديد عليه وتخليده. 24 في المائة من أوساط المشاركين في الاستطلاع أجابوا بان التعليم يقف على رأس سلم اولوياتهم. 16 في المائة قالوا ان مشكلة العنف والجريمة هي الاهم من كل المشاكل، وفقط 12 في المائة أجابوا بان النزاع يقف في رأس اهتمامهم.
ومثل الاحتجاج الاجتماعي لصيف 2011، هكذا هنا أيضا – جدول الأعمال المدني هو الذي يشغل بال مواطني اسرائيل العرب. والاحساس الذي ينشأ عن الاستطلاع هو أن الامتناع عن التوجه الى صندوق الاقتراع ينبع بقدر غير قليل من الرغبة في معاقبة النواب العرب الذين لا يعملون كفاية في المجالات الهامة حقا.
مشكلة اخرى يشير اليها الاستطلاع هي الاحساس العام بانه ليس هناك من يصوت له وان الانقسام والاحزاب الكبيرة، نسبيا، داخل الوسط يؤثر سلبا على معدلات التصويت. 49 في المائة من بين المستطلعين أعربوا عن تمنيهم توحيد القوى بين الاحزاب العربية المختلفة بصفته عاملا يشجعهم على التصويت. ولعل الانقسام هو السبب المركزي في أن 30 في المائة فقط يشعرون بانه يمكن الاعتماد على النواب بصفتهم ممثليهم. هذا الاحساس عبر عنه جيدا د. سلمان مصالحة في مقال نشره في صحيفة “هآرتس” في 16 تشرين الاول 2012 بعنوان: “ليس هناك من يمكن التصويت له” حيث فصل اسباب عدم مشاركة العديد من الناس في الوسط العربي في يوم الناخب. وكتب مصالحة يقول: “قبل أربع سنوات، أعترف، لم أصوت في الانتخابات. امتنعت في حينه ليس لانني لا اؤمن بالديمقراطية بل لسبب جد بسيط: لم يكن لي من أعطيه صوتي. وها هو، لشدة العجب، مع حلول الانتخابات الجديدة علينا، فان موقفي اياه يلقى اليوم التأكيد”. مهم التشديد في هذا السياق على أن القدرة الانتخابية الكامنة للجمهور العربي تبلغ 18 مقعدا، مقابل 10 – 11 مقعدا تحصل عليها الاحزاب العربية في الاستطلاعات المختلفة التي تنشر في الاسابيع الأخيرة.
معطى بارز جدا يظهر في الاستطلاع هو ما يمكن ان يعتبر بالخطأ العامل المركزي لتغيب عرب اسرائيل عن الانتخابات – المقاطعة لاسباب ايديولوجية. 17 في المائة فقط اجابوا بان هذا هو السبب لعدم تصويتهم، وهو عدد أدنى بكثير من المتوقع. هذا المعطى قد يكون الاهم منها جميعا. الجمهور العربي يتطلع الى الشراكة في الدولة، وأقل من خُمسه غير معني بان يكون جزءاً من الدولة.
استطلاع “مبادرة صندوق ابراهيم” يوفر حقنة دسمة من الامل بانه توجد رغبة في الشراكة في أوساط عرب اسرائيل. جدول أعمال مدني، تمثيل مناسب وموحد، مزيد من النساء في السياسة (اكثر من 50 في المائة أجابوا بان دمج النساء في القائمة سيرفع فرصة توجههم الى صندوق الاقتراع) وغياب العامل الايديولوجي – تدل على الاستعداد والرغبة في الاندماج في المجتمع الاسرائيلي أكثر بكثير مما درجنا على الاعتقاد. هذا الاستطلاع هو أكثر من تحدٍ يطرح علينا، نحن المواطنين اليهود للدولة وزعمائها، لدمج عرب اسرائيل – قبل أن يفوت الاوان.