معاريف – مقال – 8/11/2012 الاحبولة الاعلامية وتحطمها
بقلم: نداف هعتسني
لن افاجأ اذا ما ظهر أن فكرة المقابلة الكاذبة مع ابو مازن وضعها الدماغ الفاعل لاحد ما من بين الشخصيات الاسطورية المركزية في “كديما التاريخي”.
في مدرسة الاحابيل الاعلامية الابتدائية سيبدأ التلاميذ بالتعلم عن كثب تاريخ احبولة ابو مازن – اخبار القناة 2 كي يضمنوا الا يقعوا في أخطاء جسيمة بهذا القدر. الى جانب ذلك، في الاكاديمية العليا للاحابيل الاعلامية القديمة سيدخلون هذا الدرس الى بحث خاص بعنوان “كيف تفشل في الاحبولة ومع ذلك تواصل خداع الجمهور”.
الاحبولة هي بالطبع المقابلة التي اجراها اودي سيغال في أخبار القناة 2 في الاسبوع الماضي مع حبيب صهيون، ابو مازن، من الصعب عدم ملاحظة الخيوط الفظة فيها: الترويج للمقابلة بعبارة: “ابو مازن يتنازل عن حق العودة الى صفد”. التوقيت المتوقع جدا: بداية حملة كديما، حلم عودة اولمرت ولفني؛ العصبة المؤيدة لشمعون بيرس من مقر الرئيس؛ وفصل الاقتحام: تسيبي لفني في ستوديو اخبار القناة 2 في وقفة مميزة لها، تستدعى لخدمة العلم فقط بسبب الكشف الدراماتيكي، الذي يتعلق مصير الامة به.
لو لم يكن لنا في الـ 15 سنة الاخيرة، منذ اوسلو، احابيل مشابهة انتهت بجداول من الدم والدمع، لكان هذا حتى مضحكا. لم يمر يوم واذا بابو مازن يوضح في التلفزيون المصري: “لم أتنازل ابدا ولن أتنازل ابدا عن حق العودة”. والناطق بلسانه، نبيل ابو ردينة، قال: “لن نوافق على التنازل عن حق اللاجئين في العودة، مواقفنا لم تتغير، هدف المقابلة (في القناة 2) كان التأثير على الرأي العام الاسرائيلي”.
هكذا، في جملة واحدة، خرج الارنب رسميا من الكيس. أحد ما طبخ الطبخة المسمومة التي تستهدف بناء جدول أعمال لحملة الانتخابات الاسرائيلية، لاعادة اختراع الشريك الفلسطيني الضائع، ومناكفة حكومة نتنياهو وتوفير الوقود للمخزونات الفكرية الفارغة لمعسكر اليسار. لن افاجأ اذا ما ظهر أن فكرة المقابلة الكاذبة مع ابو مازن وضعها الدماغ الفاعل لاحد ما من بين الشخصيات الاسطورية المركزية في “كديما التاريخي”. هناك، من رحاب الخداع لفك الارتباط واوسلو، عرضوا على ابو مازن ومقربيه ان يساعد قليلا الرفاق في العودة السياسية. هيا، فقط قل انك لا يروق لك ان تعود الى صفد، ناشدوه – فهرع لخدمة العلم. نأمل فقط الا يكون لمؤامرة الاحبولة شركاء من الصحفيين وأن هؤلاء مجرد كبوا وتفانوا، لشدة النزعة الايديولوجية، في سبيل الرسالة السياسية، التلاعبية والكاذبة التي باعوها لنا.
من الصعب أن نفهم كيف لم تنتبه الصحافة، حتى ولا جريدة حائط المدرسة، للبالون الذي تسوقه. يكفي ان يراجع الرسائل الالكترونية التي بعثت بها منظمة “نظرة الى الصحافة الفلسطينية” للصحفيين الكثيرين الذين يغطون ما ينشر في التلفزيون، في الاذاعة وفي الصحافة الفلسطينية. وبالتأكيد اولئك الذين يأتون ايضا الى ستوديوهات شركة الاخبار.
استعراض الاعلام الفلسطيني، الذي يسيطر عليه محمود عباس ورجاله، يجسد حجم الخدعة. ففي الاسبوع الماضي فقط بث في التلفزيون الرسمي للرئيس أربعة أفلام تعبر عن عدم الاعتراف بوجود دولة اسرائيل في حدود 67. مثلا، فيلم يستعرض مدن الشاطيء الفلسطينية، حيفا، عسقلان وعكا. او الانشودة في التلفزيون الفلسطيني: “يافا، عكا والناصرة لنا على الجليل والجولان محمد يغني”. أو انشودة اخرى، تبث عشرات المرات “ابدا لن أنسى زيتون الجليل. حتى لو طال طريقنا، فيوم ما سنعود”، وغيرها وغيرها. المذهل كل مرة من جديد هو رغم الخيوط الفظة، رغم الاكاذيب الفظة، لا يبعث أحد هذه الاحابيل الى البيت، وهي تواصل تسميم النقاش الجماهيري عندنا في رؤى عابثة خطيرة.