معاريف – مقال – 5/3/2012 من سيتراجع أولا
بقلم: حاييم آسا
مستشار استراتيجي لرئيس الوزراء اسحق رابين
رئيس وزراء اسرائيل يطرح ثلاثة خطوط حمراء لا يوجد أي احتمال لان يتعاطى معها أحد بجدية. لا الامريكيين، لا الايرانيين ولا حتى الاسرائيليين. نأمل الا يشنق نفسه ويشنقنا على هذه الخطوط.
“مباراة الارانب” التي يخوضها الغرب برئاسة الولايات المتحدة وبمشاركة يقظة من اسرائيل، ضد ايران هي العرض الاكثر جاذبية هذه الايام. المباراة النظرية، نموذج معروف في نظرية الالعاب، تقوم على اساس سائقين يقودان سيارتيهما على طريق ضيق، الواحد مقابل الاخر، وعلى جانبي الطريق هوة خطيرة. كل سائق يحاول ان يلمح لذاك الذي يأتي امامه بان من الافضل له أن يجتهد وان يقف جانبا – بشكل جد غير مريح، بل وربما بثمن فقدان السيارة – على أن يمتنع عن الصدام، وذلك لان الصدام من شأنه أن يؤدي الى ان يطير الى الهوة.
ثمن الصدام يهددهما كليهما، ولا ريب أن السائقين يسعيان الى الامتناع عنه. من جهة اخرى كل واحد يسعى الى أن يكسب كل الصندوق. بمعنى، انت يا أخي العزيز – احمدي نجاد – انزل الى الهوامش بل وتخلص من سيارتك الخطيرة، والا فانها ستطير الى الجحيم لاني أنا عصبي، عديم الصبر، بل اني حددت لك خطوطا حمراء. عمليا قررتها لنفسي وقيدت نفسي في مجال مناورة ضيق – وهكذا في واقع الامر خلقت تفوقا لخصمي. القاعدة هي جد بسيطة: من مجال مناورته اكبر هو صاحب الردع الاكبر.
انتبهوا الى العملية: يفرضون عقوبات اقتصادية على ايران. وهي من جانبها تحث تطوير النووي ولا تنزل قدمها عن دواسة التسريع. الغرب يضغط بين الحين والاخر على الدواسة وبين الحين والاخر على الكابح. ومن يبدو غير عقلاني هو الايراني، وهذا في صالحهم في المباراة – فهم اخطر وغير متوقعين، ظاهرا.
بماذا يهددون الايرانيين؟ بالعقوبات الاقتصادية الكبيرة وبهجوم عسكري. وما معنى الهجوم العسكري على فرض أن يحقق كل اهدافه، بل وربما أكثر من ذلك؟ هل الايرانيون سيوقفون مساعيهم لنيل القدرة النووية؟ سينطوون على أنفسهم ويبكون مر مصيرهم؟ يتخلصون من نظام آيات الله؟ الاكثر معقولية هو أنهم سيحاولون مرة اخرى انتاج هذه القدرة. فماذا فعلنا؟ أحدثنا وضعا حربيا نشطا بيننا وبين الايرانيين وخلقنا فرصة غير صغيرة لادخال المنطقة باسرها الى معركة طويلة من الخسارة للجميع. تعلق اسرائيل بالولايات المتحدة في مثل هذه الظروف سيكون شبه مطلق لدرجة المفارقة التامة، وان كان فقط لان الامريكيين سيكونون مسؤولين عن عبوة الاكسجين التي ستسمح لاسرائيل بطول نفس في الاحتكاك الطويل المرتقب مع ايران البائسة التي تعرضت لضربة اسرائيلية على الرأس.
احمدي نجاد يحقق هدفه في مواجهة الارانب مع اسرائيل. وهو يضع ايران في مكانة القوة العظمى العسكرية التي تقف أمام اسرائيل القوية والمهددة وتبدو كحامية للاسلام المطلق. ومن يخدمه هم الرفاق الثرثارين ممن لم يفهموا بان الصمت هو ما يخلق الردع الكبير، وفي معظم الاحوال الناجع ايضا. ولكن ثرثرة ايران – وجمل مثل “ساعة الرمل للحظة الهجوم على ايران تنفد” – تخلق وقفة منتصبة لحظية في أوساط السياسيين ورجال الاعلام الذين يعيشون اللحظة ويكسبون سنتمتر آخر في مسيرتهم السياسية.
خطوط حمراء تضعها حكومة اسرائيل، حتى لو وصفت كمؤشرات اعلامية ستشكل بشكل عام لغما لمن يقررها. رئيس وزراء اسرائيل يطرح ثلاثة خطوط حمراء لا يوجد أي احتمال لان يتعاطى معها أحد بجدية. لا الامريكيين، لا الايرانيين ولا حتى الاسرائيليين. الوحيد الذي سيحطم الرأس بشأن ما الذي ينبغي عمله بالخطوط الحمراء سيكون نتنياهو نفسه. نأمل الا يشنق نفسه ويشنقنا على هذه الخطوط.