معاريف – مقال – 4/11/2012 الكرة توجد لدى نتنياهو
بقلم: بن – درور يميني
ابو مازن فعل خطوة صغيرة، قد تظهر عديمة المعنى. ولكن مع ذلك خطوة محظور تجاهلها. الكرة الان بيد نتنياهو، يجدر به أن يفعل بها شيئا ما.
لاستعراض الاعتدال الفلسطيني توجد لحية طويلة. لندع جانبا للحظة تاريخ م.ت.ف. كانت منذئذ عدة تغييرات. في أعقاب نشر “الوثائق الفلسطينية” كان يخيل أن الفلسطينيين قدموا تنازلات مذهلة. هذه كانت العناوين الرئيسة في “الجارديان” و “الجزيرة” اللتين وصلت اليهما الوثائق المتسربة. غير أن فحصا معمقا للوثائق نفسه يظهر أن التنازلات الكبرى كانت في العناوين الرئيسة وفي التحليلات. “الجزيرة” ارادت هذا الاتجاه كي تعزز حماس. أما “الجارديان” أرادت هذا كي تحرج اسرائيل.
عندما هب صائب عريقات وادعى بان هذه لم تكن على الاطلاق، فانه بالتأكيد كان محقا. كانت وثيقة واحدة، بتوقيع عريقات، تضمنت تنازلا حقيقيا عن حق العودة. غير أن تلك الوثيقة لم تكن جزءا من المفاوضات، وقد صيغت بعد اشهر طويلة من انتهاء المفاوضات. كانت هذه مذكرة موجهة الى الاتحاد الاوروبي للاثبات بان الفلسطينيين تقدموا بموقف معتدل، والمسؤولية عن الفشل تقع على عاتق اسرائيل. ذات عريقات، المفاوض الرئيس مع اسرائيل، أعرب عن مواقف معاكسة، بموجبها الفلسطينيون لا يحتاجون الا الى ان ينتظروا لان الزمن يلعب في صالحهم. كما أنه من الصعب نسيان تصريح عباس زكي، من كبار رجالات السلطة، الذي صرح في مقابلة مع “الجزيرة” بان الطلب الفلسطيني للعودة الى خطوط 67 يرمي الى “شطب اسرائيل عن الخريطة”.
مراجعة تصريحات أبو مازن وكبار رجالات السلطة في السنوات الخمسة الاخيرة تظهر تذبذبا مشوشا. بحيث أن تصريحات ابو مازن الجديدة في المقابلة مع اودي سيغال في ستوديو الجمعة والذي فيها تنازل مبطن عن حق العودة، هي واحدة اخرى في السلسلة، ولكنها أيضا واحدة محظور تجاهلها. يجدر باسرائيل أن تأخذ هذا التصريح حديث العهد لابو مازن بجدية بل وربما استخدامه كرافعة. ولا سيما وضعه تحت الاختبار. ابو مازن، عمليا، اتخذ خطوة هامة يمكن تفسيرها كتنازل عن حق العودة. بالتأكيد يوجد هنا تنازل عن حق العودة الجماهيرية. هذه خطوة في الاتجاه السليم. العودة الفلسطينية هي الخط الاحمر للاغلبية المطلقة من الاسرائيليين. واذا كان ابو مازن مستعدا للتنازل عنها، فهذا بالتأكيد سبب وجيه لرد اسرائيلي جدي. “اذا كنت جديا”، ينبغي لنتنياهو أن يعلن، “فانه يوجد عندها ما يمكن الحديث فيه. تعال لنجلس”.
صحيح أنه في ذات المقابلة كانت ايضا أقوال متضاربة مثل القول ان اقتراحات اولمرت هي نقطة بداية للمفاوضات. هذه وصفة مؤكدة للافشال المسبق لكل فرصة للبحث. غير أنه لا توجد اي حاجة لان نتوقع من ابو مازن لان يتقدم بكل التنازلات مسبقا، بالضبط مثلما لا توجد حاجة لطرح مطالب مشابهة على نتنياهو. من اللحظة التي يزاح فيها العائق الاكبر، اي حق العودة، ومن اللحظة التي يكون فيها اتفاق على تبادل الاراضي، اي بقاء الكتل الاستيطانية في مكانها، فثمة هنا نقطة بداية جدية للمفاوضات.
يحتمل جدا أن بالضبط مثلما في الماضي، جاء تصريح أبو مازن للاذان الدولية والاسرائيلية فقط. غير ان الفلسطينيين يستمعون. فقد ردت حماس منذ الان كالثور الهائج. ومعقول الافتراض بانه سيكون ايضا اسرائيليون أقرب الى حماس مما للسلام سيدعون: “ابو مازن يبيع روحه للشيطان”. بالذات على هذه الخلفية ينبغي لاسرائيل، بل وعمليا يجب عليها، أن تمد اليد. ان تستخدم الاقتراح كرافعة. اذا تراجع ابو مازن وتملص، فسينكشف بكامل عريه. اذا ما لبى بالايجاب، فسيكون هذا استعراض للزعامة يحتاجه الفلسطينيون والاسرائيليون على حد سواء. لقد أوضح ريفلين الاسبوع الماضي بانه وأمثاله يقودوننا، ببطء ولكن بثبات، الى دولة ثنائية القومية. نتنياهو نفسه يعرض على ابو مازن طلب الاعتراف بدولة يهودية. يجدر بهذا الطلب أن يوجه ايضا الى رئيس وزراء اسرائيل. ابو مازن فعل خطوة صغيرة، قد تظهر عديمة المعنى. ولكن مع ذلك خطوة محظور تجاهلها. الكرة الان بيد نتنياهو، يجدر به أن يفعل بها شيئا ما.