معاريف – مقال – 14/11/2012 لا يوجد نصف حمل
بقلم: د. تشيلو روزنبرغ
يجب فك الارتباط بالمطلق عن غزة والسماح للسكان فيها بأن يديروا حياتهم كما يشاءون. الادعاء بان غزة تشكل تهديدا وجوديا على اسرائيل هو ادعاء غبي وسخيف.
كل الخطابية الزائفة في التعبيرات الفارغة من كل مضمون والتي يستخدمها قادة الدولة هي غطاء على الضعف، الفشل وعدم الجاهزية للاعتراف بالفم المليء: يوجد حل بالنسبة لغزة. زعماء الدولة يعرفون ما الذي ينبغي عمله، ولكنهم يمتنعون عن أن يقولوا للجمهور بالفم المليء: اسرائيل ملزمة بان تفك ارتباطها عن غزة بالمطلق والسماح للفلسطينيين بان يديروا حياتهم دون أي تدخل اسرائيلي. فك الارتباط الذي نفذ هو نصف حمل، ولما كان لا يوجد نصف حمل، فان فك الارتباط اياه لا يساوي شيئا.
من يجتهد قليلا ليفحص تصريحات الزعماء على مدى العقد الماضي – سيتبين بان هذه كانت أقوالا عابثة. “سفعل كل شيء كي نعيد الامن لسكان الجنوب”، “حماس ستدفع غاليا” وما شابه. لا شيء حقيقي أكثر من ذلك. منذ “رصاص مصبوب” في بداية 2009 يخرق الفلسطينيون الاتفاقات بقدم فظة. فهم يطلقون النار على بلدات الجنوب بأنابيب مليئة بالمواد المتفجرة، بينما اسرائيل تستثمر مالا طائلا في محاولة للدفاع عن نفسها. هذا ببساطة غباء وسخافة.
الردع الذي تحقق في “رصاص مصبوب” تآكل جدا. كل التهديدات التي أطلقها زعماء اسرائيل فارغة من المحتوى. فزعماء الارهابيين في غزة يضحكون من رد اسرائيل. رئيس الوزراء يقف أمام الكاميرات ويعد بالامور العظيمة واللامعة، وسكان الجنوب يختبئون في أعماق الارض او في الغرف المحصنة. الثمن المعنوي هائل. الثمن الاقتصادي لا يقل عن ذلك. ليس واضحا لماذا يكرر رئيس الوزراء ووزير الدفاع اقوالهما كالشعارات، والانابيب البدائية تواصل السقوط على رؤوس مواطني اسرائيل. فمن منعهما على مدى أربع سنوات أن ينفذا كل ما في رأيهما ان يفعلاه كي يوقفا هذا الجنون؟
انتبهوا الى الاقوال التالية كما نشرت، ترافقها معطيات عددية، في الموقع الرسمي لجهاز الامن العام بعد سنة من حملة “رصاص مصبوب”: “يبدو واضحا انخفاض كبير في عدد العمليات الارهابية التي تصدر عن القطاع. والامر بارز على نحو خاص في النار الصاروخية (الصواريخ وقذائف الهاون) ويجد تعبيره في تقليص النار نحو اسرائيل (ونحو أهداف اسرائيلية)… يدور الحديث عن انخفاض بمئات في المائة في حجم النار الصاروخية الصادرة عن القطاع… وانخفاض في حجم الارهاب الصادر عن القطاع بعد “رصاص مصبوب”.
إذن من المذنب في أن الردع تآكل بهذا القدر، إن لم يكن زعماء اسرائيل؟ طالما أنهم يواصلون الثرثرة والحديث بنبرات مهددة، فان الواقع لن يتغير. هم ملزمون بان يأتوا الى الجمهور ويقولوا على رؤوس الاشهاد: “يجب فك الارتباط عن غزة بالمطلق. لا حاجة للقلق على رفاه حياة سكان القطاع. يجب السماح لهم بان يستخدموا بناء بحريا، مطارا وما يريدون. الادعاء بانهم سيتسلحون حتى الرقبة وسيهددون وجود اسرائيل هو ادعاء غبي. غزة التي يوجد فيها دبابات، طائرات ومدفعية، اكثر قابلة للاصابة مما هي الان.
غزة لا تشكل خطرا وجوديا على اسرائيل. الجيش الاسرائيلي قادر على أن يحول غزة الى خرائب في يومين، لو كان زعماء اسرائيل فقط لا يخافون من ظل أنفسهم. يحتمل جدا أنه من أجل الوصول الى هذا الحل ثمة حاجة الى حملة عسكرية لاعادة ترميم الردع. اضافة الى ذلك، من يعتقد ان فقط حملة عسكرية ستصفي حماس، ان تقضي عليها أو الشيطان يعرف ماذا، مخطيء ومضلل. الحل يجب أن يأتي في تسوية سياسية في ظل اشراك الاسرة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة. المسار جد واضح. ولهذا ثمة حاجة لزعماء حقيقيين.