ترجمات عبرية

معاريف – مقال -1/11/2012 الديمقراطية فقط، بدون خصومات

بقلم: نتان شيرانسكي

رئيس الوكالة اليهودية سابقا

على الغرب ان يشترط الدعم المالي والدبلوماسي للانظمة العربية بالحصول على أدلة حقيقية على اصلاحات ديمقراطية واحترام حقوق الانسان – من العربية السعودية والسلطة الفلسطينية وحتى مصر، سوريا وليبيا.

          هل أجرت سوريا واسرائيل في العام 2010 محادثات بحثت فيها امكانية التوقيع على اتفاق سلام يشمل انسحابا اسرائيليا كاملا من هضبة الجولان؟ تدعي التقارير التي نشرت مؤخرا وجاءت لتؤثر على نتائج الانتخابات في اسرائيل في كانون الثاني القريب القادم بان هذا ما حصل بالفعل. ولكن مثل هذه الاتصالات، التي هي شكل عام سرية وغير مباشرة، استمرت لفترة طويلة. في أربعة حكومات شاركت فيها على التوالي، في الاعوام 1996 وحتى 2005، طرحت اقتراحات للتنازل عن هضبة الجولان أو عن معظمها مقابل السلام مع النظام في سوريا.

          من حيث المبدأ، فان الحكومات ذات التوجه اليميني شددت على حاجة اسرائيل لمواصلة الاحتفاظ بالجروف التي تشرف على بحيرة طبريا؛ أما الحكومات التي مالت أكثر الى القسم اليساري من الخريطة السياسية فقد كانت مستعدة لان تساوم على قاطع ضيق على طول الشاطيء الشرقي. اما الولايات المتحدة من جهتها فقد أوضحت بانها ستؤيد كل اتفاق يكون مقبولا من الطرفين. واذا كان التاريخ هذا يعلمنا شيئا، فهو ان الاسرائيليين، مثل المواطنين في الدول الديمقراطية الاخرى، يغريهم الايمان بالوهم بانه يمكن تحقيق سلام دائم من خلال التنازلات للطغاة، الذين هم بالصدفة ايضا اعداء ألداء.

          في هذا الشأن كنا حزبي وأنا شاذين بعض الشيء، مثلما تشهد القصة التالية: بعد أن انتخب رئيسا للوزراء في 1990 وضع ايهود باراك الاتصالات مع سوريا عاليا في جدول أعماله. وفي المحادثات قبيل تشكيل الائتلاف كنت أمثل “اسرائيل بعليا”، الحزب الذي أقامه نشطاء سابقون ضد نظام الاتحاد السوفييتي. وكان شرطنا للانضمام الى الائتلاف الا تتم التنازلات للسوريين، اذا ما وعندما الا اذا كانت بالتوازي أدلة على أن الدولة تجري اصلاحا ديمقراطيا. وسخر شركاؤنا في المحادثات الائتلافية بسذاجتنا. السلام، كما أوضحوا لنا، هو أمر يعقد بين الحكومات، وليس له اي صلة بالترتيبات الداخلية في المجتم.

          ومع ذلك، أصرينا على أن نضم رسالة الى الاتفاق الائتلافي جاء فيها ان نواب “اسرائيل بعليا” يؤمنون بانه يجب أن يكون توافق تام بين عمق التنازلات الاسرائيلية تجاه سوريا وبين مستوى الانفتاح، الشفافية والديمقراطية في سوريا. وبقدر ما هو معروف لي، فلا يزال يدور الحديث عن الوثيقة الرسمية الوحيدة في التاريخ الاسرائيلي التي تطالب بان تكون صلة ليس فقط بين السياسة الرسمية لاسرائيل وبين الطريقة التي يتعاطى بها الجيران العرب مع اسرائيل، بل وايضا بين السياسة والطريقة التي تتعاطى بها الدول المجاورة مع مواطنيها.

          واستمرت محاولات تلطيف حدة “معارضتي” للسلام، وبعد وقت قصير من انضمامه الى حكومة باراك كوزير للداخلية توجه اليّ متبرع امريكي يهودي كبير كان مشاركا في تنظيم محادثات خاصة بين اسرائيليين وبين م.ت.ف ياسر عرفات. واقترح ان يأخذني الى باريس للقاء زعيم عربي صاعد. أفكار هذا الشاب كما وعدني الامريكي، تشبه أفكاري. ويدور الحديث عن طبيب ومثقف يستخدم الانترنت، وهو مؤمن كبير بالحرية ومحب للسلام. فضلا عن ذلك فانه مرشح لان يكون الرئيس التالي لدولته. فهل الزعيم الشاب والواعد هذا، سألت، سيصل الى الحكم في سياق ديمقراطي وسيوافق على الحكم وفقا للقوانين الديمقراطية؟ بالتأكيد لا، أجابني الامريكي، فقد عينه أبوه، حافظ الاسد. ولكن في اللحظة التي يصعد فيها الى الحكم، فانه سيقود سوريا نحو مستقبل ديمقراطي، كما وعدني المتبرع. اما اليوم، فان كل من لديه عينان في رأسه، يعرف جيدا جدا من هو بشار الاسد: ليس أحدا يؤمن بالحرية، بل واحد يؤمن بالتأكيد مثل أبيه من قبله، بانه هو ايضا يمكنه أن يقتل كل يوم المئات من ابناء شعبه دون أن تمنعه الديمقراطيات الحرة في العالم من ذلك. لنفترض أن حركة سلام في اسرائيل حققت امنيتها قبل سنين وانه مقابل كل الجولان باستثناء قاطع ضيق، كانت سلالة الاسد مستعدة لان تتنازل عن بضع مئات من الامتار المربعة من الارض. فاي منفعة كانت ستنشأ لاسرائيل من ذلك او لسكان سوريا الذين يعانون؟ في ظروف العنف اليوم، كانت اسرائيل ستثير ضدها مزيدا من الاعداء – المسلمون المتطرفون في سوريا والليبراليون الديمقراطيون في الدولة على حد سواء، ناهيك عن جموع المواطنين السوريين الذين يكافحون في سبيل حريتهم.

          يطرح السؤال: هل الفظائع في سوريا، ناهيك عن النتائج البشعة للثورات في مصر، في ليبا وفي تونس – أدت منذ الان بالحكومات الغربية ومصممي الرأي العام الى الكف عن الايمان الاعمى بالانظمة الدكتاتورية كقوة تضمن الاستقرار ويمكنها أن تحقق الاصلاحات؟ المتنافسان على الرئاسة في الولايات المتحدة تحدثا عن أهمية اشتراط الدعم المالي والدبلوماسي من العالم الحر بالحصول على أدلة على اصلاحات ديمقراطية في العالم العربي. ثمة احساس بان الناس بدأوا يفهمون الامر. توماس فريدمان كتب مؤخرا عن الاخوان المسلمين في مصر وعن الحكومة الجديدة في ليبيا فقال: “محظور علينا ان نسمح لهم بان يأتوا الينا ليقولوا: “نحن بحاجة الى المال، ولكن في هذه اللحظة سياستنا غير ناضجة لتنفيذ امور معينة. قدموا لنا خصومات””. وبدلا من ذلك، يقول فريدمان، علينا ألا نؤيد الا اولئك الذين يوجد تأكيد على أنهم زعماء اصلاحيون، اولئك الذين يريدون الانتقال الى طرفنا طواعية. وبتعبير آخر “لينكدج” (رابط)، دون اي استثناء ودون أي خصومات.

          كل شيء حسن وجميل، ولكن سياسة “اللينكدج” ليست موضوعا لحملة انتخابية، لموسم او حتى لسنة. كما أنه لا مكان للتصرف هنا بانتقائية. هذه يجب أن تكون سياسة ثابتة وعديمة الهوادة تمتد الى سنوات عديدة وتطبق بذات التصميم على الجميع – من العربية السعودية والسلطة الفلسطينية وحتى مصر وليبيا. حكومات العالم الحر يجب أن تعمل بطريقة العصا والجزرة من أجل تشجيع انتشار المؤسسات الحرة، حكم القانون وحكم المؤسسات الديمقراطية في كل مجالات الحياة المدنية. فقط في هذا الوضع الذي يكون فيه كمية هامة من المواطنين مستعدين للصراع من أجل الحفاظ على الحريات التي قاتلوا في سبيلها سيكون ممكنا الشروع في التخيل بنشوء حكومات في العالم العربي تمثل حقا مواطنيها. أو الحديث بأمل عن ربيع عربي يصمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى