معاريف – مقال – 11/11/2012 تنديداً بالتطرف
بقلم: د. تشيلو روزنبرغ
تطرف الحزب الجمهوري هو الذي افشل رومني، والمتطرفون الذين سيطروا على الليكود قد يفشلوا نتنياهو ايضا.
الاحتفال الاعلامي حول الانتخابات في الولايات المتحدة انتهى. وحان الان وقت استخلاص الاستنتاجات، ومثل هذه يوجد الكثير. وسنحاول في هذا المقال فحص السبب الاساس لفشل رومني والحزب الجمهوري والاستخلاص من ذلك ما ينطبق على اسرائيل. فحص معمق لخطوة الانتخابات في الولايات المتحدة يثبت بان العديد من الناخبين نقلوا تأييدهم الى اوباما خشية أن يجد التطرف في الحزب الجمهوري تعبيره في ولاية رومني. والمفارقة هي أن رومني بالذات ليس متطرفا. ولكن حزبه تحول ليصبح مأوى لاراء متطرفة، وإن لم تكن كل اجنحته كذلك. ولكن مثلما يحصل في أحيان قريبة، يكون التطرف هو الذي يعطي النبرة، ورومني دفع لقاء ذلك الثمن بمنصب الرئاسة.
ليس الحزب الجمهوري هو حزب “رجال حفلة الشاي”، أي اولئك الاشخاص مغسولي العقول ممن يتحدثون مع الرب كل يوم ويعرفون جيدا ما هي طلباته. هؤلاء هم ممثلو امريكا البيوريتانية (التطهرية)، غير المساومة، التي تؤمن بالمبادىء المتعارضة تماما مع حقوق الانسان. هذه أمريكا ذات مرة، امريكا فايلين وبعض القساوسة ممن السجود لهم مطلق. هؤلاء هم الافنجيليون الذين تحركهم ايديولوجيا دينية لا تترك أي مجال للتفكر للانسان الخاص. كل من لا يعتبر من جانبهم كأمريكي، بمعنى البيض فقط، ليس له حقوق، وكل الاقليات العرقية الذين يلونون المجتمع الامريكي هم من ناحيتهم مصيبة.
في احدى المناسبات، في مؤتمر لهؤلاء الهاذين، اطلقت الاقوال التالية: “الصراع على أمريكا في ذروته. الرئيس وحلفاؤه اليساريون في الكونغرس يبحثون عن كل فرصة لتدمير الدستور قبل أن تكون لنا الفرصة لانقاذه”. اذا لم تتخذ خطوات سريعة، والجميع يفهم عما يدور الحديث، فمن شأن الامريكيين “ان ينضجوا حتى الموت في وعاء دولة الخادمات. الناس الذين لا يمكنهم أن يتهجوا كلمة “التصويت” او ان يقولوها بالانجليزية، اختاروا اشتراكيا ايديولوجيا متزمتا في البيت الابيض. واضح إذن أن مثل هذه الاقوال لن تقرب الناخبين الذين ليسوا من العرق الصحيح للمرشح الجمهوري، وان كان هو نفسه لا يؤمن بذلك. هذه نتيجة التطرف: الخوف من تطرف الحزب الجمهوري أبعد الناخبين عن رومني.
الموازي الاسرائيلي لهذه الالية هو الربط بين الليكود واسرائيل بيتنا. فرئيس الوزراء يحاول عبثا أن يشرح للجميع بان كل شيء “في صالح الدولة”. وفي مكان آخر كتبت ما هو تداعي “صالح الدولة”. فالربط بين الحزبين ليس سوى دليل على التطرف. لو كان كاتب هذه السطور هو من يقول ذلك لكان اشتبه به بالتحيز السياسي. ولكنه ليس كذلك. وزير الدفاع الاسبق موشيه آرنس هو الذي كتب في مقال جدير في صحيفة “هآرتس” تحت عنوان “شريك غريب” الاقوال التالية: “الليكود فعل قليلا جدا في السنوات الاخيرة كي يشجع اندماج مواطني اسرائيل العرب. هذا الهدف الذي هو ذو أهمية عليا لمستقبل اسرائيل، يوجد في مكان منخفض جدا في قائمة سلم اولويات حكومة الليكود. ولكنه يواصل كونه جزءا لا يتجزأ من ايديولوجيا الليكود ويتعارض تماما مع آراء ليبرمان. وعليه فان السير في قائمة مشتركة هو صيغة غير لطيفة على آذان الكثير من مؤيدي الليكود، ومعقول الافتراض بانه سيكون ذا تأثير سلبي على الاصوات التي ستحصل عليها القائمة المشتركة في الانتخابات”. ليس يساريا ما هو الذي يكتب ذلك، بل موشيه آرنس، الذي اشتبه فيه بنفسه غير مرة بالتطرف. هو بالذات الذي يشخص الخطأ الجسيم لنتنياهو.
ويواصل آرنس فيدعي: “يوجد شيء غير مناسب في أن الليكود الذي على مدى سنوات طويلة شكل نموذجا للديمقراطية بفضل الانتخابات الداخلية التي جرت فيه، سينضم الى حزب هو عمليا حركة رجل واحد – اما الناس الذين سيعينهم فسينخرطون بالتداخل في القائمة المشتركة للكنيست. هذه ليست خطوة الى الامام نحو قدرة حكم أفضل. هذه خطوة الى الوراء”.
لقد نشأ كديما بسبب التطرف الذي اجتاح الليكود. مواقف كديما ليست بعيدة على الاطلاق عن مواقف الليكود، غير أن التطرف سيطر على الخطاب الداخلي في الليكود. اولمرت هو الاخر كان ليكوديا “متحمسا” وترك. يجدر بنتنياهو أن يتعلم الدرس. في الانتخابات الاخيرة تلقى الليكود مقاعد أقل من كديما، الذي اعتبر معتدلا. ماذا سيحصل هذه المرة، لا يمكن أن نعرف. يجدر بنا أن نفكر بذلك.