معاريف: مصر جعلتنا ننام ولعبت لعبة مزدوجة
معاريف 16-5-2024، دافيد بن بست: مصر جعلتنا ننام ولعبت لعبة مزدوجة
على مدى السنين أنامتنا مصر بمعلومات ملفقة تفيد بأنها هدمت أنفاق حماس. على مدى السنين سمعنا قصصاً عن ضخ مياه المجاري الى الانفاق التي تجتاز من رفح المصرية الى الغزية، لكن كميات الوسائل القتالية التي اكتشفها الجيش الإسرائيلي كانت بحجوم مذهلة فاجأت حتى إسرائيل.
لا يوجد أي احتمال أن تكون كميات كهذه من السلاح هربت الى غزة لم تكن باذن وعلم السلطات المصرية. فقد أصبحت هذه الانفاق طريقاً قويماً مرت فيه سيارات فاخرة الى جانب كميات مجنونة من الصواريخ والوسائل القتالية، وما كان لكل هذا ان يتاح دون مساعدة مصرية.
لقد لعبت مصر لعبة مزدوجة في المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية. وبهدوء تام اختارت جانب حماس وضخت لها الوسائل العسكرية التي تقاتل بها إسرائيل اليوم. مصر، التي تتصدى على مدى السنين لاعمال القتل والعمليات المضادة من جانب الاخوان المسلمين الذين يهددون الحكم المصري، قررت تغيير سياستها واختارت السلام مع العدو الداخلي، على حساب إسرائيل، التي وقعت معها على اتفاق سلام.
مصر لم تقف ابداً الى جانب إسرائيل في أي محفل دولي، وفي تصويتات الأمم المتحدة كانت دوماً ضدها. اما الآن فان القاهرة تنضم الى دعوى جنوب افريقيا ضد إسرائيل كي تنقذ حماس، ما يشهد على أن مصر عقدت حلفاً مع الاخوان المسلمين – حلف يضحي بالمصالح الإسرائيلية كي يخلق هدوءاً وتفاهماً مع العدو الداخلي الذي يهدد النظام المصري.
ان حركة الاخوان المسلمين هي حركة سُنية متطرفة أسسها في مصر في العام 1928 الامام حسن البنا. تتطلع الحركة لتحويل مصر والدول العربية الى دول تحكمها قوانين الشريعة الإسلامية في الدستور. وكانت السلطات في مصر تلاحق على مدى السنين هذه المنظمة وتحبس قادتها. في العام 2012 فاز محمد مرسي في الانتخابات وعين رئيساً.
بعد سنة من ذلك وقع انقلاب عسكري، حبس مرسي وانهى حياته في السجن. وأعلنت مصر ودول اخرى عن حركة الاخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، واصبح زعماؤها في حالة مطاردة دائمة. هذه حركة لاسامية متطرفة تعلن عن رغبتها في إبادة إسرائيل وتوجد على اتصال مع منظمات إرهابية في العالم كله.
لقد أدت الزيارة التاريخية للرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى مصر في شهر شباط الماضي، في اطار المصالحة التركية المصرية الى أفعال دراماتيكية ضد الاخوان المسلمين في تركيا. ونشر ضمن أمور أخرى قرار اردوغان المهين لالغاء الجنسية وسحب جواز السفر من محمود حسين المرشح العام لحركة الاخوان المسلمين الذي يقيم في إسطنبول.
على هذه الخلفية، ليس مفهوما قرار مصر الانضمام الى مطلب جنوب افريقيا اللاسامي، الذي يطالب بفرض وقف فوري للنار على إسرائيل. الاخوان المسلمون هم العدو المعلن للرئيس المصري السيسي وهو توأم منظمة الإرهاب حماس في غزة. والارتباط المصري بمطلب جنوب افريقيا وقف الحرب بشكل فوري يثير العجب ويمكن له أن يلقى تفسيره أساسا بالخوف الشديد من أن يكتشف الجيش الإسرائيلي الانفاق من رفح المصرية الى غزة، والتي حفرتها حماس بعلم الجنود المصريين ورشوتهم.
تخشى مصر من أن يكتشف الجيش الإسرائيلي السر المعروف للجميع في أن السلاح العظيم والصواريخ هربت بعلم وموافقة علنية أو خفية مع الاخوان المسلمين وتضغط على الولايات المتحدة لوقف الجيش الإسرائيلي عن توسيع المناورة العسكرية. الضغط الأميركي يجعل من الصعب على إسرائيل نقل مئات الاف الغزيين من رفح الى شمال القطاع، ولهذا تتخذ إسرائيل جانب الحذر لكنها تصر على إخفاء مناطق معينة والسماح للجيش بالاحتفاظ بمحور فيلادلفيا وبالمعبر الغزي لرفح.
ان تخوف مصر من تدفق المواطنين الغزيين الى اراضيها واضح هو الآخر، رغم أن إسرائيل وعدت الا يحصل هذا. لكن هذا هو السبب الثانوي. سبب آخر يمكن أن يكون اقتصاديا. استمرار الحرب بين إسرائيل وحماس يؤثر بشكل مباشر على اقتصاد مصر وفي داخل الدولة وكذا في أوساط دوائر المعارضة خارجها يتعاظم النقد على النظام.
هجمات الحوثيين من اليمن على السفن في البحر الأحمر قللت الحركة في قناة السويس بنحو 50 في المئة. القناة هي احد المصادر المهمة لمداخيل العملة الصعبة للاقتصاد المصري ومصر ترمم مداخيلها. كما أن الحرب تمس بفرع السياحة المصري فيما ان البنك الدولي، في تحديثاته الأخيرة عن الاقتصاد المصري توقع ان تنتهي هذه السنة بنمو بمعدل 2.8 في المئة فقط – المعدل الأدنى منذ 2013.
ان السبب المركزي بالتالي هو على ما يبدو التخوف من أن تكتشف إسرائيل العدد المجنون للانفاق التي تربط رفح الغزية والمصرية والتي أقيمت باذن من الحكم المصري. ان اعلان مصر عن انضمامها الى دعوى جنوب افريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية في لاهاي تشكل ارتفاع درجة في التوتر الذي سجل بين القدس والقاهرة منذ دخول إسرائيل الى رفح.
في القدس غاضبون من أن مصر لم تتوجه فقط الى لاهاي بل أغلقت معبر رفح امام المساعدات الإنسانية كي تشدد الضغط الدولي على إسرائيل، رغم أنها ليست هي التي أوقفت المساعدات. مصر تواصل التصعيب على إسرائيل، وحسب شبكة «العربية» فان مصر، قطر ودول عربية أخرى رفضت العرض الإسرائيلي للحكم المدني في قطاع غزة في اليوم التالي للحرب.