معاريف: مسألة وقت فقط الى ان يتحطم نتنياهو
معاريف 15/11/2024، ران أدليست: مسألة وقت فقط الى ان يتحطم نتنياهو
عندما علم بغالنت 2 كان يخيل ان التنحية كفيلة بان تكون المنطلق لتكرار ليل يوآف غالنت 1. هذا لم يحصل. الانفجار الكوني لانتصار دونالد ترامب تعب المادة البشرية، اليأس، الحرب التي تنطوي على قصص بطولة وثكل وتخلط أسباب التمرد بالحاجة الى الوحدة – على الأقل عند الركض الى حجرة الوقاية.
الشرط الأساس لتفجر الغضب المكبوت لليبراليين – الديمقراطيين بمستوى شل الدولة هو محفز كارثي بحجم تاريخي او ضغط امريكي لوقف القتال. وماذا نعرف؟ لشدة التشوش من يقول انه يؤيد وقف القتال هو ترامب. ومن يريد تسوية في ظل استمرار القتال بما في ذلك التهديد على ايران هو جو بايدن. في الدقيقة التسعين لولايته يحاول أن ينفذ خطوة جغرافية – استراتيجية وبعث الى هنا جيش كامل يساهم في حسم في الميدان يؤدي الى تسوية سياسية تحل لنهاية ولاية مريرة كالعلقم.
يوجد اليوم اجماع عالمي يقول ان أحدا لا يعرف ماذا سيفعل ترامب، بما في ذلك ترامب نفسه. مبدئيا هو مدفع مرن، وفقط عندنا، في اليمين المعربد والمسيطر، من المسيحانيين حتى الفاسدين، تقرر أن ترامب هو رجلهم. بمن فيهم بنيامين نتنياهو الذي سارع الى الابتهاج على أفضل التقاليد.
الصحافي الأمريكي توماس فريدمان يعتقد أن “دونالد ترامب لا يثق بنتنياهو ويحتمل الا يرغب في ان يدخل نفسه الى هذه الفوضى وعليه فسيسمح لإسرائيل بان تفعل ما تريد”. “تخوفي”، يقول فريدمان (لصوت الجيش) “هو ان يترك ترامب المسألة وإسرائيل تواصل احتلال غزة والضفة الغربية. فريدمان يعتقد ان “ترامب لن يدفع قدما بحل الدولتين مع السعودية”. ربما.
المؤكد هو أن ترامب هو قبل كل شيء تاجر، وهو واثق انه في الانتخابات انتصرت تجارته. الحقيقة هي انه بالفعل اشترى نصف دولة فيما هو يبيع الديمقراطية، الحقيقة، النزاهة وآداب مائدة أساسية.
لا حاجة لطبيب عقلي ليشجعه على أن يفهم من هو الرجل. فحتى لو كان التشخيص هو في مستوى علم النفس فهو كفيل بان يكون ساري المفعول. فما بالك أن الرجل يقف على البسطة في السوق ويعلن: هذا أنا، ومن ناحيتي حتى لو غضبتم فلا مشكلة لي في أن أقول كل شيء، افعل كل شيء واخرج وسخا وسعيدا مثل طفل يلعب بالوحل.
برأيي غير المسنود يدور الحديث عن نموذج طمعه هو في مستوى ادمان شبه ديني. في أسرة الاعمال التجارية في نيويورك هو يعتبر كمحتال صغير. والان سيثبت لهم من هو المحتال الاغنى من الجميع. لفهمي القليل فان إرثه التاريخي لا يهمه. دونالد، مثل بيغ ماكدونالد يريد أن يبتلع في قضمة واحدة هنا والان.
وهذا هو المكان الذي تدخل فيه السعودية ودولة إسرائيل الى الصورة. ما يتحدث حين يقف نتنياهو امام ترامب وجها لوجه (واحد يتاجر بالاكاذيب وآخر يبيع الخيال) هو المال. نتنياهو جاء اليه كي يأخذ لا ان يعطي، مقابل محمد بن سلمان السعودي الذي سبق ان اعطى المليارات لعائلة ترامب وانا مقتنع بان ترامب يعول عليه في المستقبل.
نتنياهو يأتي مع أغراض علنية مثل القدس موحدة وأمن في غزة، وخفية مثل ضم زاحف وهنا وهناك ترحيل صغير أيضا. ولا يزال، في نهاية كل صفقة شرق أوسطية، حين يعود نتنياهو الى البلاد ينتظره في مكتبه مستوطن مع مسدس في الرأس، وبتسلئيل سموتريتش اعلن هذا الأسبوع بان “العام 2025 سيكون عام إحلال السيادة في يهودا والسامرة”.
دولتان او متسادا
أمام ترامب الولاية الأخيرة، حتى نتنياهو يفهم بان لبكائيته العادية (اذا لم تسمح لي بحي ما في القدس، فلن تكون لي حكومة) لا امل امام مليارات السعوديين. ناهيك عن ان القطاع الإسلامي في الولايات المتحدة سار مع ترامب مع الانتخابات بخلاف القطاع اليهودي. وهذا هو المكان للايضاح ما الذي يريده السعوديون: دولتان للشعبين إسرائيل وفلسطين. وهم لا يحيدون عن اقتراحهم الأول وهم ليسوا وحيدين.
من يفترض أن يعرف منذ البداية بان السعوديين لن يحيدوا عن اقتراحهم هو المخادع الأكبر من الجميع، الذي كذب على الجميع عندما وقع على اتفاقات إبراهيم ونثر سحابة الوعود لمستقبل لامع للشرق الأوسط واستمرار المفاوضات مع السعودية. بعد أن استنفد أثر “السلام” لاتفاقات إبراهيم مع الدول العربية، تجاوز المشكلة الفلسطينية ونكث الوعد باستمرار المفاوضات مع السعودية بالمعاذير الدائمة. الوضع متوتر، الفلسطينيون يقتلوننا، توجد لنا معلومات تقول انهم (فلسطينيين في الضفة، في القطاع، في لبنان) يخططون للحرب (كان هذا مكتوبا حتى في “بيلد”) وبالتالي، لو سمحتم انسوا الان المفاوضات مع من يريدون قتلنا.
جس النبض الهام الأول للسعوديين لدولة إسرائيل كان قبل نحو 35 سنة. رجل اعمال بريطاني في ماضيه كان وزير الداخلية، وعلى علاقات مع رجال حكم سعوديين، اقام اتصالا مع رئيس الفرع الأوروبي للموساد ونقل عبره توجها من السعودية لرئيس وزراء إسرائيل اسحق شمير: يوجد استعداد للوصول الى تسوية مع إسرائيل مقابل علم سعودي في الأقصى. رئيس الفرع نقل التوجه الى قيادة الموساد في تل أبيب، من هناك نقل العرض الى مكتب شمير الذي قرر بان العلاقات الهشة مع الأردن على السيطرة في الأقصى والقدس اهم من علم سعودي – ورد العرض.
لاحقا تبنت الجامعة العربية مقترح السعودية لحل الدولتين، وهذه الموافقة تتدحرج في مؤسسات عربية مختلفة منذئذ وحتى اليوم. الفرق هو ان اليوم، عقب جنون حكومة إسرائيل، ابن سلمان تعلم الدرس. في هذه الأيام يبنى تحالف من نحو 90 دولة عربية، إسلامية وأوروبية ومنظمات مختلفة لاجل الدفع قدما بحل الدولتين “في الطريق الى سلام دائم وشامل في الشرق الأوسط”. هذا الأسبوع قال في الرياض ابن سلمان: “نحن نرفض مرة أخرى الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ونشجب الحملات العسكرية ضد أراضي لبنان”، ودعا “الى مواصلة الجهود المشتركة لاقامة دولة فلسطينية”.
من حق نتنياهو أن يصدق بان في المعركة على الدولة الفلسطينية سينتصر على ابن سلمان. ربما. في هذه الاثناء هو يعول على الافنجيليين كرافعة امام ترامب. كان هذا صحيحا وناجعا في الجولة السابقة. في الجولة الحالية هذا لن ينجح. الحكومة والافنجيليون في الولايات المتحدة حاولوا ان يزجوا مايك بومباو الافنجيلي المتزمت، في منصب وزير الخارجية. اما ترامب فقد عين وزير خارجية اكثر تطرفا منه – ماركو روبيو. لاحقا عول المستوطنون على عودة عزيزهم ديفيد فريدمان كسفير للولايات المتحدة في إسرائيل. في هذه الحالة أيضا عين ترامب شخصا اكثر تطرفا منه، مايك هكابي. في هذه الاثناء عُين وزير دفاع بيت هيغسيث، الذي له اجندة واضحة: حرب في ايران ومعارضة لتسوية الدولتين.
في هذه الاثناء، رجلهم هو يحيئيل لايتر الذي عين ليكون سفيرا لإسرائيل في واشنطن. لايتر هو مستوطن وعقاري في المناطق، مؤيد الترحيل والضم وأب ثكل ابنه الذي سقط في حرب الغلاف. حتى لو بلغ لايتر كل يوم عن ابداعات “الاتصالات” والعطف الذي سيغدقه عليه الافنجيليون وإدارة ترامب، فانه لن ينجح في التصدي للمال والتأثير السعوديين اللذين يقف العالم كله خلفهما. ما يبقي لإسرائيل امكانيتين: إما دولتين او متسادا واحدة.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook