ترجمات عبرية

معاريف: لم تشكل لجنة تحقيق رغم اخفاقات 7 اكتوبر لان نتنياهو يتملص من مسؤوليته

معاريف 22/11/2024، بن كسبيت: لم تشكل لجنة تحقيق رغم اخفاقات 7 اكتوبر لان نتنياهو يتملص من مسؤوليته

لا يحتاج نتنياهو لمناشدات المستشارة القانونية كي يفهم بانه لو كان أقام لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاضي عليا، لكان احتمال اصدار أمر اعتقال ضده صغيرا جدا. هو يفهم هذا على نحو ممتاز بقواه الذاتية. سنوات جيل وهو يخطب ويقول ويطالب ويروج هنا على مسامعنا لأهمية قوة جهاز القضاء الإسرائيلي. هو يعرف “مبدأ الاستكمال”، الذي منع حتى اليوم هيئات قضائية دولية من أن ترفع لوائح اتهام ضد زعماء إسرائيليين. فقد اعطى العالم ثقة بالجهاز المستقل لدينا ولم يرَ من الصواب التدخل. اعتمد على ان تكون إسرائيل هي التي تفحص ذاتها. 

وبالفعل، ليس بعد اليوم. هذا انتهى. من أنهى هذا، هو المتهم نفسه بنيامين نتنياهو. والان، مع التهنئة، هو متهم دولي. في إسرائيل وفي الخارج أيضا. ولا يوجد ما يدعونا الى الشماتة. أمر الاعتقال الذي صدر ضده وضد يوآف غالنت هو نذر سيء لنا جميعا. هذا الامر لا يعرض للخطر فقط حرية وحرية حركة نتنياهو وغالنت فقط بل يبيح دماءنا جميعا. هو خطوة إضافية في تحول إسرائيل الى دولة منبوذة. نحن سنشتاق لامستردام. هذه هي المرة الاولى التي تصدر فيها المحكمة الدولية أوامر اعتقال ضد زعماء دولة ديمقراطية. 

ان انهيار إسرائيل من مكانة دولة قانون غربية متنورة الى مكانة دولة فاشلة ومشكوك ان تكون ديمقراطية بدأ بالانقلاب النظامي الاهوج من مدرسة لفين وروتمان. لا يوجد في العالم رجل قانون محترم لم يشرح هذا لنتنياهو ولنا جميعا. لكنهم واصلوا بقول القوة. بعد ذلك جاء 7 أكتوبر، ومع أن إسرائيل تلقت الكارثة والاخفاق الاكبرين في تاريخها الا انها امتنعت عن إقامة لجنة تحقيق مستقلة فقط لان رئيسها يحاول أن يتملص من مسؤوليته. وهكذا، مثلما جاء الانقلاب الى العالم كي يفر نتنياهو من ربقة حكم ملفاته الجنائية، هكذا لم تأتي لجنة التحقيق الى العالم كي يهرب نتنياهو من مسؤوليته عن 7 أكتوبر. نحن محبوسون داخل حملة تهرب نتنياهو الذي يجر معه دولة كاملة الى الهوة. أمس، بقرار اصدار امر اعتقال ضده، رفع له، لأول مرة، الحساب. 

ينبغي التوضيح: موضوعيا، امر الاعتقال هذا بلا أساس، هاذٍ ومصاب باللاسامية. الجيش الإسرائيلي هو جيش أخلاقي وحذر اكثر بكثير من كل جيوش العالم، في كل وضع وفي كل حالة جو. نسبة غير المشاركين الذين أصيبوا في القتال في غزة ادنى بكثير من نسبتهم في كل مواقع القتال للتحالفات الغربية المختلفة بقيادة الولايات المتحدة في العقدين الأخيرين. ولم نتحدث بعد عن الروس في الشيشان، في أوكرانيا، في أفغانستان وأين لا. 

الحقيقة هي ان أوامر الاعتقال لا تعنى تقريبا بالقتال نفسه للجيش الإسرائيلي، بل بالموضوع الإنساني. هنا، يمكن أن نفهم بأثر رجعي استجداءات إدارة بايدن على مدى سنة الحرب، في مسعى لاقناع إسرائيل بان المساعدات لا تستهدف فقط الفلسطينيين، بل تستهدفها هي نفسها أيضا. عباقرة الجيل في طرفنا تنافسوا الواحد مع الاخر في الإعلانات المتبجحة عن التجويع والترحيل والابادة والعمالقة وماذا لا. والأكثر اغاظة هو أن في الميدان نحن بالفعل ندفع الى غزة بمساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار في الشهر. ورغم ذلك تقرر اصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء ووزير الدفاع. بكلمات أخرى، أكلنا السمك الفاسد وطردنا من المدينة (واعتقلنا) على حد سواء. السلوك الإسرائيلي في هذا الموضوع حطم كل الإرقام القياسية في الغباء. نحن ندخل مساعدات بيد، ونصرخ وكأننا لا ندخل المساعدات باليد الأخرى. على الطريق، تجرف حماس 25 في المئة من قيمة المساعدات الإنسانية الى صندوقها.

لقد كان لترامب ونتنياهو توافقا هادئا غير مكتوب تحقق في اثناء الاتصالات المتواصلة التي ادارها مقربوهما في الأسابيع وربما الأشهر التي سبقت الانتخابات في الولايات المتحدة: إسرائيل لن تسمح بإنجاز هام (كوقف نار في لبنان) لادارة بايدن قبل الانتخابات وستبذل جهدا عظيما لاغلاق الجبهات الفاعلة او واحدة منها على الأقل بعد الانتخابات، قبل أن يدخل ترامب الى البيت الأبيض. البضاعة التي وعد رجال ترامب بتوفيرها هي “معالجة” ترامبية للمحكمة الدولية في لاهاي تردعها عن اصدار أوامر اعتقال دولية ضد بنيامين نتنياهو. 

وبالفعل، هذه البضاعة لم يعد ممكنا ان تتوفر. هنا أيضا، دفعنا الثمن ولم نتلقى المقابل. أوامر اعتقال أصدرت امس. هذا نذر سيء لنا جميعا. لكل من يحمل جنسية إسرائيلية او وطنية إسرائيلية، لكن هذا نذر أسوأ بكثير لنتنياهو ولـ (غالنت). لا يمكن الاستخفاف باوامر اعتقال من هذا النوع. فمحكمة الجنايات الدولية تشكلت على أساس دستور تحقق في مؤتمر عقد في 1998 في روما. 120 دولة صوتت الى جانب الدستور، وتشكيل المحكمة، فيما صوتت 7 دول ضده هي اليمن، قطر، الصين، العراق، ليبيا، الولايات المتحدة وإسرائيل. شرف مهزوز جدا. 

فكروا بنتنياهو في اليوم التالي لرئاسة الوزراء. لنفترض أن تبرأ ساحته، او يسير باتجاه صفقة قضائية بدون حبس فعلي. الحياة التي خطط لها لنفسه كان يفترض أن تتضمن محاضرتين – ثلاث محاضرات في الشهر، بين نصف مليون ومليون دولار لكل واحدة منها. عضوية في نحو عشر مجالس إدارة فاخرة، كل واحدة منها تدخل مئات الاف الدولارات. وبالفعل، كل هذا لم يعد ذا صلة. سيتعين عليه أن ينحشر بين واشنطن وموسكو. فلا اجازات في لندن، باريس وروما بعد اليوم. وروما، لمن لا يعرف، هي المقصد المفضل لدى “السيدة”. لاجل الوصول الى هناك، يتعين عليهما أن يتخفيا. في روما، كن رومانيا. 

وماذا في هذه الاثناء؟ كيف سيؤدي مهامه كرئيس وزراء مع امر اعتقال دولي؟ هل “جناح صهيون” سيسمح لها لان تطير فوق أوروبا، في طريقها للولايات المتحدة؟ في هذه اللحظة لا مجال لان نعرف. الحياة ستصبح اكثر تعقيدا وخطرا. نصف مليون دولار للمحاضرة؟ نعم، لكن في بغداد، الدوحة، صنعاء او طرابلس. بعد أن يستنفد أمريكا وروسيا، باقي العالم سيغلق في وجه نتنياهو. واذا ما أعلنت دول معينة عن نيتها بانها لم تحترم امر الاعتقال رغم أنها موقعة على الميثاق؟ فلنراكم تطيرون الى مثل هذه الدولة وتعولون على هذا التصريح، حين يكون الحديث عن امر اعتقال ضدكم. 

واذا كنا ما تحدثنا عن صفقة قضائية، مصادر عنيدة تدعي في الأيام الأخيرة بان الاتصالات الهادئة والمنفية مسبقا لمثل هذه الصفقة بين النيابة العامة وبين من يسمون “مقربي نتنياهو” استؤنفت. والهدف: المنع بكل ثمن شهادة نتنياهو في الشهر القادم. من رأى فيلم “ملفات نتنياهو” الذي بث في كندا ورفع امس الى شبكة التلغرام سيفهم لماذا يبذل نتنياهو طاقة هائلة في الجهد لمنع او تأجيل الادلاء بشهادته. اطار الصفقة القضائية، اذا ما تحققت، نشبه جدا الجولة السابقة: شطب مادة الرشوة، اعتراف في مواد الغش وخرق الثقة، عقاب بالسجن مع وقف التنفيذ، غرامة كبيرة وعار، أي اعتزال الحياة السياسية. 

ما تدعيه مصادري هو ان المقربين من نتنياهو يقترحون الأخذ بكل هذا، مع تعديل واحد: اعتزال الحياة السياسية يكون في نهاية الولاية. أي بعد سنتين. فهو يريد أن ينهي المهمة، ان ينتصر في الحرب وان يحقق الاتفاق مع السعودية. المشكلة هي انه لا يوجد في القانون القائم في إسرائيل ابتكار كهذا يسمى “عار معلق” او “تأجيل العار”. يوجد عار. في هذه الاثناء هو عارنا جميعا. طالما كان يتولى هنا المنصب شخص تضارب المصالح لديه يصرخ الى السماء، شخص متفانٍ كله بكليله حملة جهاد وحشية ضد الدولة ومؤسساتها، فان هذا عارض سيصعب علينا شطبه من تاريخنا. في موضوع الصفقة القضائية: الاتصالات تجري، حسب المصادر، بطرق التفافية والتوائية تسمح بنفيها. الى أن يتفق على كل شيء لن يكون شيء. احتمال أن يتفق؟ طفيف.

كم هو بسيط كان يمكن أن يكون هذا لو لم يكن الانقلاب النظامي جاء الى العالم والثقة الدولية بالمؤسسات الإسرائيلية بقيت عالية. كم بسيط كان يمكن لهذا أن يكون لو ان نتنياهو فعل ما يلزم، الامر المسلم به المنطقي والضروري فاقام لجنة تحقيق رسمية لفحص احداث 7 أكتوبر. لكنه لم يكبح الانقلاب بل العكس. ولم يقم لجنة تحقيق بل العكس. هذه خطاياه. وامس جاء لأول مرة عقابه. هذا ليس بعد متأخرا. فاقامة لجنة تحقيق رسمية ستساعد إسرائيل، على حد قول مصادر قضائية رفيعة المستوى على كبح استمرار الإجراءات والسقوط المرتقب في اعقاب اصدار أوامر الاعتقال هذا الأسبوع. 

لا، هذا لا يعني أن نتنياهو سيرضى وسيقيم اللجنة الرسمية. فهو، امر اعتقاله، قد صدر، اما الدولة فلا تهمه حقا.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى