معاريف: لقاء ترامب ابن سلمان شرك دبلوماسي لإسرائيل

معاريف 18/11/2025، آنا برسكي: لقاء ترامب ابن سلمان شرك دبلوماسي لإسرائيل
قلة هي اللقاءات التي تنجح في أن تجمع حولها كل هذا القدر من التأهب – في واشنطن، في الرياض وفي القدس – كذاك الذي سيعقد اليوم بين رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ليس لان هذا هو لقاء أول بل لان الرجلين يصلان هذه المرة الى اللقاء فيما أن المنظومات الداخلية في دولتيهما تقف منذ الان ومتفرغة لاستثمار وزن سياسي ذي مغزى في إعادة تصميم الشرق الأوسط.
بالنسبة لإسرائيل هذه لحظة مؤثرة على نحو خاص: فرصة استراتيجية – لكنها أيضا مفترق من شأنه أن يخلق واقعا إقليميا اشكاليا، اذا ما تحرك في الاتجاه غير الصحيح من ناحيتها.
من زاوية نظر إسرائيلية هذا اللقاء ليس اقل من حاسم. ترامب، الذي يوجد في ذروة ولايته الثانية ومعني بتصميم إرثه السياسي، يسعى لخلق خطوة كبيرة وذات مغزى في الساحة الدولية. أما ابن سلمان من ناحيته فيريد اتفاقا امنيا رسميا، قدرة وصول الى تكنولوجيا أمريكية متطورة ورفع مستوى مكانته في واشنطن.
وإسرائيل؟ تريد أن تبقي على تفوقها الاستراتيجي، ان تضمن ان يتم كل التطبيع في ظل الحفاظ الكامل على مصالحها الأمنية – واساسا الا تفقد مكانها كالوسيط الهام بين واشنطن والشرق الأوسط.
التحدي المركزي للقدس يوجد بالضبط في المكان الذي تكاد تلتقي فيه المصالح الامريكية والسعودية – لكنها لا تتطابق بعد. يرى ترامب في تعزيز التحالفات في المنطقة جزءا من ترميم المكانة الامريكية في الساحة الدولية. ابن سلمان يرى في اتفاق امني مرتب مع واشنطن مدماكا مركزيا في تثبيت استقرار حكمه وفي الدفع قدما بـ “رؤيا 2030”. غير أن الثمن – التطبيع مع إسرائيل – يأتي مع شرط سعودي حاد وواضح: تقدم حقيقي، مكنون وذو مغزى نحو افق سياسي مع الفلسطينيين.
هكذا تجد إسرائيل نفسها في قلب شرك دبلوماسي مركب. من جهة هي تحتاج الى التطبيع مع السعودية – انجاز استراتيجي من الدرجة الأولى كفيل بان يحدث انعطافة عميقة في الساحة الإقليمية حيال ايران، يعزز تحالفات النظام المعتدل ويضع إسرائيل في موقع قوة أوسع.
من جهة أخرى فان كل تقدم يعتمد على تعهد سياسي في الساحة الفلسطينية من شأنه أن يضع الحكومة في عين عاصفة سياسية داخلية. وهذا حتى قبل الجانب الائتلافي: فالصراع ضد إقامة دولة فلسطينية هو عصفور روح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو (احدهم)، العلم والرمز.
وماذا بالنسبة لابن سلمان؟ رغم صورته الحازمة فانه يعمل اليوم بشكل مدروس جدا. هو يفهم ان التطبيع مع إسرائيل هو محرك لتحسين مكانته في واشنطن، لتعزيز اقتصاد المملكة وتثبيته كزعيم إقليمي جديد – قوي، مؤثر ومسيطر. لكنه يفهم أيضا قيوده: العالم العربي لا يزال ينتظر مقابلا إسرائيليا يعرف كجوهري – وبخاصة بعد الحرب في غزة.
في إطار الاتصالات بين واشنطن والرياض، توضح السعودية بانها لا تسارع الى منح ترامب إنجازا سريعا. لا كي تساعده سياسيا – فبعد أن انتخب لولاية أخرى لم يعد يحتاج الى تعزيز سياسي من هذا النوع – غير أنه من ناحيتها يدور الحديث عن رافعة ضغط: اذا كان الامريكيون يريدون اتفاقا امنيا سابقة، فسيتعين عليهم أن يتقدموا في المسار الذي تقبل به الرياض.
ترامب، بالمقابل، يسعى لان يثبت بان الولايات المتحدة عادت لتكون اللاعب الذي يمسك بالمفاتيح في المنطقة – ولهذا الغرض فهو يحتاج الى تعاون سعودي – إسرائيلي.
إسرائيل، بناء على ذلك، مطالبة بان تسير على حبل رفيع على نحو خاص: ان تبث بانها معنية بثورة إقليمية، لكن ليس بكل ثمن: الحفاظ على علاقات الثقة مع البيت الأبيض لكن دون أن تبدو كمن هي مستعدة لان تدفع ثمنا استراتيجيا؛ وان تحاول الفهم اذا كانت الفجوات بين واشنطن والرياض هي عوائق حقيقة – ام جزء من تكتيك مساومة معروفة من الزعيمين اللذين لا يخشيان من مفاوضات عنيدة.
وفي النهاية، بالنسبة لإسرائيل تعد هذه لحظة اختبار. لقاء ترامب – ابن سلمان سيحسم اذا كانت إسرائيل ستواصل تصدر الخطوات في المنطقة – أم ستصبح لاعبا أقل مركزية مما كانت في الماضي. في المدى القصير سيخلق اللقاء اتجاهات ريح؛ في المدى البعيد كفيل بان يعيد تعريف حدود القوة والنفوذ الإسرائيلية في الشرق الأوسط المتغير.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook



