ترجمات عبرية

معاريف: في رأس نصرالله

معاريف 27/6/2024، البروفيسور أماتسيا برعم*: في رأس نصرالله

يعرض الاعلام الإسرائيلي خطاب نصرالله الأخير قبل نحو أسبوع كـ “خطاب تبجح” ويصفه كمن لا يخاف من حرب شاملة. هذا الوصف يناسب صدام حسين، وليس نصرالله. الخطاب كان مهددا بالفعل، لكن هذا عمليا كان نداء “النجدة” والاستجداء: “دخيلكم، أيها الأصدقاء، لا توسعوا الحرب”. نصرالله هو شيعي، لكنه ليس انتحاريا شيعيا. 

في لبنان وضعه سيء. ائتلافه فقد اغلبيته في البرلمان في انتخابات أيار 2022. في أكتوبر 2022 فقد أيضا الرئيس ميشيل عون الذي كان منفذا لكلمته، ولا يوجد في لبنان رئيس. في 7 أكتوبر الأسود فقد أيضا تأييد نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة (المؤقتة) في لبنان. ميقاتي هو معارض حاد للحرب ويطالب بتنفيذ قرار 1701 لمجلس الامن، الذي يعني انسحاب حزب الله الى ما وراء الليطاني ونزع سلاحه. هذا لم يحصل: عسكريا هم يسيطرون في لبنان. ومع ذلك، حرج من ناحيتهم ومن ناحية اخيهم الأكبر في طهران أن تبدو سيطرتهم ديمقراطية، والان هم يفقدون هذا المظهر. 

60 في المئة على الأقل من الشعب اللبناني يعارضون الحرب وبالتالي يعارضون حزب الله. هذا يتضمن حتى شيعة كثيرين. نصرالله في ضائقة: بقدر ما يتمنى انهاء الحرب، فانه لا يمكنه أن يوقفها طالما استمرت الحرب في غزة. السنوار فاجأه، هاجم، وعندها طالبه بتنفيذ التزامه العلني في اذار 2023 للقتال كتفا بكتف ضد إسرائيل. مكانته الإسلامية وكذا رأي طهان الزماه بعمل شيء ما، لكن حذره المميز الزمه الا يفعل اكثر مما ينبغي. والنتيجة هي حرب استنزاف. غير انه بعد ثمانية اشهر من هذه الحرب، فانها تقلقه جدا: تكلفه قتلى اعزاء، ضررا ماديا هائلا، ولديه في بيروت نحو 100 الف لاجيء شيعي من الجنوب. الاقتصاد اللبناني كان انطفأ قبل ذلك وما تبقى الان يتحطم. 

مؤخرا ورطته إسرائيل اكثر حين اعلم زعماؤها بانهم يفكرون بحرب شاملة بل وحركوا القوات. لعل هذا كان فقط بأسلوب “امسكوا بي”، لكن في بيروت فزعوا جدا وبدأوا بهروب جماعي. نصرالله صدم ومن هنا خطابه الهستيري. احتلال الجليل؟ قبرص؟ وماذا بعد؟ صحيح انه مع الصواريخ، المقذوفات الصاروخية والمسيرات التي لديه يمكنه حقا ان يضرنا بشكل شديد للغاية: حتى “فقط” الف راس متفجر “عادي” في اليوم ستزرع دمارا عظيما في مدن إسرائيل، وهذا إضافة الى الصواريخ الدقيقة. لكنه يعرف ما يمكننا ان نفعل في لبنان. لقد أخطأت إسرائيل حين قررت الا تهاجم في 11 أكتوبر. كانت هذه فرصة لتوجيه ضربة هائلة لحزب الله وترميم الردع. لكن الان أيضا يمكن القول في اعقاب هرتسوغ عشية حرب الأيام الستة انه في حرب شاملة افضل ان أكون في حيفا وليس بيروت. نصرالله يفهم باننا ننمسك الواحد الاخر من عنقه.

هو قلق أيضا من الموقف الجديد للاخ الأكبر في طهران. في الأشهر الأولى من الحرب طلبت ايران وقف نار فوري. اما اليوم فهم يريدون استمرار حرب الاستنزاف. فقد توصلوا الى الاستنتاج بانهم نجحوا في أن يحملوا إسرائيل بالضبط الى المكان الذي ارادونا فيه. برأيهم الجيش الإسرائيلي التي يقاتل في عدة جبهات، يستنزف بالتدريج وليس له ما يكفي من المقاتلين. الاقتصاد الإسرائيلي يغرق. طهران تتسلى حين ترى إسرائيل تدفع الى غزة أيضا بجبال من التموين بل وأيضا تنبذ في الغرب كقاتلة الجماهير، وبايدن يوقف القذائف. ميناء ايلات مشلول وطهران تخطط ان يغلق الحوثيون والعراقيون حيفا واسدود أيضا. برأي طهران المجتمع الإسرائيلي يتمزق إربا. الزعيم الأعلى خامينئي يفرك يديه فرحا وينتظر بصبر تفتت إسرائيل، لكن في هذه الاثناء حزب الله يدفع الثمن. فما الحل؟

نصرالله يأمل ان مقابل استعادة الرهينات والرهائن تعلن إسرائيل عن النصر توقف النار وعندها هو أيضا يضع سلاحه. هو يفترض أن تقنع إسرائيل بايدن بان لها شرعية في ان تفرض قرار مجلس الامن. هو سيرفض بالطبع سحب قواته من الحدود، لكن اذا ما خططت إسرائيل حقا الى حرب شاملة مع دعم امريكي كامل بالسلاح وبالمعلومات وفي الأمم المتحدة، فهناك احتمال أن يضطر للموافقة على الانسحاب. سكان الجليل وجنوب لبنان سيعودون. الجيش الإسرائيلي سيضطر لان يضاعف بثلاثة اضعاف القوة البشرية على الحدود. في غضون شهر يعرف نصرالله بان شبابه المتميزين سيبدأون بالتسلل مرة أخرى، وكل شيء سيعود ليكون مثلما كان بعد 2006. برأيي اذا كانت القيادة الإسرائيلية حازمة فسنتمكن من منع هذا بالنار. هم يتسللون، نحن نطلق النار، ولنرى من يتمسك بالمهمة اكثر.

القدس؟ هي قي قلب نصرالله دوما. لكن لا شيئا ملح. برأيه حتى المرة التالية ينبغي انهاء هذا الحرب اللعينة التي فرضها السنوار. كفى.

*دائرة دراسات الشرق الأوسط والإسلام – جامعة حيفا

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى