معاريف: فشل إيران في مساعدة حزب الله وحماية النظام السوري يدوي في الشرق الأوسط

معاريف 13/12/2024، يعقوب عميدرور: فشل إيران في مساعدة حزب الله وحماية النظام السوري يدوي في الشرق الأوسط
تغيير النظام في سوريا بنظام علوي ذي علائم علمانية الى حكم منظمات جهاد سنية هو ذا إمكانية كامنة لان يكون تغييرا يكون له تأثير كبير في مستقبل الشرق الأوسط. بالنسبة للاغلبية السنية في سوريا هذه بالتأكيد لحظة احساس بالنصر إذ ان قلة من السُنة احبوا حكم الأقلية العلوية. لكن ينبغي أن نرى هنا تغييرا أوسع.
نبدأ بالخاسرين الكبار. يبدو أن على رأسهم ثلاثة: ايران، حزب الله وروسيا.
بنت ايران محورا أخذ في التعزز. رأسه في طهران ونهايته في البحر المتوسط، بينما في الوسط العراق الخاضع لنفوذها، سوريا، المتعلقة بها لغرض وجود الحكم، ولبنان، الذي سيطر عليه حزب الله – الذي بنته، مولته وسلحته ايران. هذا المحور صفي وعليه سيصعب على ايران تسليح الحزب الذي ضعف في لبنان.
عمليا، فقدت ايران قدرتها على ضرب إسرائيل عبر حدودها الشمالية، بشكل يتركها مكشوفة للتصدي المباشر مع إسرائيل دون أي وسيط من الوكلاء القريبين من إسرائيل (القسم الاخر من القدرة على ضرب إسرائيل دمر في غزة). الحلم الإيراني بمحور شيعي يؤدي بها الى البحر المتوسط ويشكل جزءاً هاما للغاية في “طوق النار” حول إسرائيل – اندثر. فضلا عن ذلك حزب الله ضعيف في لبنان من شأنه ان يكون هدفا آخر للمنظمات السنية التي تسيطر في سوريا، لما لها من حساب دموي مع الحزب الشيعي الذي قاتلها بوحشية في سوريا.
لكن يوجد هنا شيء اكثر عمقا. في لحظة الاختبار ايران فشلت. فشلت في مساعدة حزب الله الذي تلقى ضربة قاضية للغاية في الحرب ضد إسرائيل وفشلت في حماية النظام السوري العاطف والمتعلق بها. فشل ايران يدوي في ارجاء الشرق الأوسط، واساسا في العالم العربي الذي تاريخيا خاف منها. ايران هي دولة جدية. فهم سيتعلمون الوضع، سيستخلصون الدروس، سيحاولون العثور على نقاط ضعف جديدة في المنطقة (ربما الأردن) وسيحاولون العمل من هناك. ليس بسهولة سيتنازلون عن حلمهم بسبب الوضع الصعب.
هل الفشل الإيراني المدوي في شوارع طهران أيضا سيكون له تأثير على مواطني ايران وهؤلاء سيعملون لغرض تغيير النظام الفاشل؟ من الصعب أن نعرف، لكن واضح انه طار حجر من سور الحكم الإيراني الذي اصبح اكثر هشاشة. المعرفة بان استثمار الكثير من المال والدم على مدى أربعين سنة، على حساب احتياجات الشعب الإيراني أيضا ضاع هباء بشكل مهين بهذا القدر هو امر ذو قدرة على تغيير الفكر في أوساط الإيرانيين أيضا.
بوتين سيفقد المرونة
خاسرة واضحة أخرى هي روسيا. لقد خسر فلاديمير بوتين بشكل مهين قبضته الوحيدة في الشرق الأوسط وذلك بعد وقت قصير من اثبات العملية الإسرائيلية في ايران عجز منظومات الدفاع الروسية ضد الطائرات. روسيا هي الأخرى استثمرت في سوريا غير قليل من المال، وبالنسبة لها أيضا كله ضاع هباء منثورة. يحتمل ان النتيجة السيئة ستؤدي الى تصليب مواقف بوتين في كل محاولة للمفاوضات في سياق أوكرانيا. الفشل ليس أساسا جيدا للبادرات الطيبة وللمرونة في دول دكتاتورية عزيزة.
اذا حاول حكم الجهاديين في دمشق “تصدير” فكرة فسيقف الأردن اما مشكلة صعبة. في الانتخابات الأخيرة تبين مرة أخرى ان في أوساط الأردنيين، بما في ذلك العشائر البدوية توجد نواة عاطفة للفكر الإسلامي. تعزز ميل كهذا بتشجيع سوري خلف الحدود من شأنه أن يضعضع الأردن، الذي يعاني من ضغط داخلي غير سهل على أي حال، بسبب ازمة اقتصادية صعبة ومشاكل عمالة غير قابلة للحل. تصدير أفكار إسلامية من الحكم السُني نحو العراق، جار سوريا من الشرق من شأنه ان يشكل مشكلة حقيقية للحكم العراقي أيضا الذي يعتمد على الشيعة.
من ربح من الحدث بشكل مباشر هي تركيا التي نظمت، سلحت ودفعت الثوار للقتال ضد نظام الأسد. هذا النجاح يعود الى فكر عثماني واسلامي للحكم التركي الحالي الذي سعى لتوسيع دائرة النفوذ التركي في العالم العربي. وصول منظمات مدعومة من تركيا الى هضبة الجولان من شأنه أن يزيد الاحتكاك والتوتر بين إسرائيل وتركيا اللتين لم تحتكا حتى الان بشكل غير مباشر.
ان تعزيز قوة تركيا في المنطقة سيسمح لها بضرب الاكراد، ولا سيما في سوريا، غير انهم اليوم حلفاء الولايات المتحدة في الصراع ضد داعش في شرقي سوريا. نهج تركي عدواني سيتحدى هذه العلاقة وسيضع الإدارة الامريكية الجديدة امام قرار صعب. فهجر الولايات المتحدة للاكراد سيسمح لتركيا لضربهم ضربة قاضية، وفي نفس الوقت سيضعف مكانة الولايات المتحدة في المنطقة كمن لا تقف الى جانب حلفائها الذين ضحوا بدمائهم في التعاون الطويل مع الجيش الأمريكي.
تسهيلات مقابل تشديدات
من ناحية إسرائيل يوجد في الوضع الجديد تسهيل كبير، مع مخاطر غير واضحة في المستقبل. تغيير حكم العلويين بحكم معاد لإيران وحزب الله سيصعب إعادة تسليح الحزب الذي سيضطر لان يستثمر المقدرات للدفاع عن مصالحه ضد سوريا السُنية التي لحكامها حساب دموي مع ايران وحزب الله. يبدو أن في الوضع الجديد تهديد حزب الله على إسرائيل سيقل جدا وضعفه سيزداد وقد تكون هذه فرصة لإسرائيل لايقاع مزيد من الأذى بقوته. ومع ذلك، فان حكم منظمات أصل قسم هام مها هو القاعدة وداعش ليس مشهدا يبعث على الامل في كل ما يتعلق باستمرار المواجهة مع سوريا الجديدة وبخاصة في هضبة الجولان.
وعليه فيجب الاستعداد للدفاع عن هضبة الجولان واستخلاص الدروس من هجوم الثوار على سوريا الأسد.
يحتمل أن يكون تسهيل ما نجده حيال حزب الله على حساب تشديد ما في مكان آخر حيال هضبة الجولان. ولهذا فيجب متابعة التطورات في سوريا باهتمام شديد ومواجهة التحديات في بداية طريقها. لإسرائيل مصالح أساسية تتمثل بحفظ استقرار الأردن وعليه فيجب على إسرائيل ان تفكر كيف تساعد الأردن في منع انزلاق الضغط السني المتطرف من سوريا اليه.
يحتمل ان ترتبط هذه المصلحة برغبة إسرائيل في ضمان سلامة الدروز في سوريا. كما أن الأقلية الكردية في الشرق على إسرائيل أن تأخذها بحسبانها في أهميتها على مستقبل سوريا. فكيف ننتج امنا افضل للدروز، نحافظ على مصلحة الاكراد ونكمل هذا بالمساعدة للاردن. هذه تحديات على إسرائيل أن تواجهها بالتوازي مع جهودها لضمان الهدوء في هضبة الجولان.
الوضع في سوريا سائل، لكن واضح ان المحور الشيعي الذي بنته ايران منذ اكثر من سنوات جيل تحطم الان، ومحظور السماح بنشوء محور سُني سوريا في مركزه، محور مع إمكانية ضرر غير صغير من زاوية النظر الإسرائيلية.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook