ترجمات عبرية

معاريف: فرص ميرتس للتغلب على تأثير المتطرفين ومواصلة العلاقات بين المانيا وإسرائيل

معاريف 4/3/2025، زلمان شوفال: فرص ميرتس للتغلب على تأثير المتطرفين ومواصلة العلاقات بين المانيا وإسرائيل

هل نتائج الانتخابات في المانيا الأسبوع الماضي هي مؤشر على ما سيأتي؟ هذا سؤال اشغل بال المحللين في العالم ولأسباب مفهومة، في إسرائيل. أحزاب الوسط، الديمقراطية – المسيحية من اليمين والاشتراكية الديمقراطية من اليسار، إضافة الى الخُضر الذين بخلاف اسمهم يبدلون لونهم أحيانا، وان كانوا لا يزالون يشكلون الكتلة ذات الأغلبية، لكن قوتهم وبخاصة قوة الاشتراكي الديمقراطي تقلصت. حزب وسط آخر، هو الديمقراطيون الاحرار، شطب تماما. 

ليس مثلما في حملات الانتخابات في الماضي، عندما كان الحزبان الوسطيان يتقاسمان الأصوات فيما بينهما، انتقلت هذه المرة أصوات كثيرة الى الأطراف: في الجانب اليساري الى دي لينكا، التي جزء من جذورها في الحزب الشيوعي في المانيا الشرقية، وفي الجانب اليميني الى “البديل لألمانيا” الذي وصل الى المكان الثاني بعد الديمقراطيين المسيحيين. حتى لو كان لا مجال لتعريف البديل لألمانيا حزبا نازيا جديدا، فان مناهج ذات طابع نازي جديد تعطي مؤشراتها في الكثيرين من زعمائه ومواقفه. بخلاف معظم الأحزاب في البوندستاغ، فهو ليس وديا لإسرائيل وعارض، مثلا، توريد وسائل قتالية لإسرائيل بعد 7 أكتوبر. 

إسرائيل ليست انتقائية على نحو خاص في علاقاتها مع الدول والأحزاب الأخرى، وعن حق، لكن عليها وعلى كل من يدعي الحديث باسمها ان يخط خطا أحمر امام جهات سياسية مناهضة لإسرائيل ولاسامية، ومن هذه الناحية فان “البديل لألمانيا” مرفوض. صحيح أنه لن يكون شريكا في الحكم لكن تاريخ المانيا علمنا بان حتى الحزب الذي لا يملك الأغلبية يمكنه أن يصل الى الحكم بطرق ديمقراطية. التحدي الأساس امام فريدريخ ميرتس، المستشار القادم، وامام كتلة الأحزاب من خلفه هو منع وضع يكرر التاريخ فيه نفسه. 

الالمان غاضبون على أن بلادهم تحولت من قوة عظمى اقتصادية الى دولة مع نمو سلبي، إنجازاتها الصناعية التي كانت موضع حسد العالم آخذة في التقزم أمام الصين، والتي منظومتها البنكية مليئة بالثغرات، وان سياسة مغلوطة في مجال الطاقة جعلتها متعلقة اكثر بأكثر بتوريد الغاز من روسيا وان مكانتها العليا في العالم تهتز في عهد ترامب. لكن فوق كل شيء نتائج الانتخابات املاها موضوع المهاجرين. مثلما رأينا في الولايات المتحدة، فان المانيا ليست الدولة الغربية الوحيدة التي اصبح فيها الغضب الجماهيري على حجوم الهجرة حيال تجاهل النخب الحاكمة، عاملا سياسيا هاما. الجمهور في المانيا يتوقع إذن من المستشار الجديد ان يحقق أفكار البديل لألمانيا لكن بدون البديل لألمانيا – على نحو يشبه، بالمناسبة، إسرائيل، التي غير قليل فيها يشاركون على ما يبدو في اراء عظمة يهودية، يكنهم يتعاطون مع هذا الحزب ومع رئيسه كمنبوذين. 

ما يحرك هؤلاء المصوتين في المانيا هو ليس بالذات العنصرية لذاتها بل رغبة مفهومة للحفاظ على ثقافتهم ونمط حياتهم في وجه جموع مهاجرين يتحدون ذلك، وفي السنوات الأخيرة بعنف اكثر فأكثر. في هذه الاثناء، كما أسلفنا، الوسط السياسي لا يزال يحكم في المانيا، ومعظم سكانها لا يشتاقون لعهد النازية وللحرب التي جلبتها. لكن الأمور يمكن أن تتغير بسرعة، واساسا حين يكون فهم الأجيال التي ولدت ما بعد الحرب لتاريخ ميلادهم عليلا.  إضافة الى ذلك، في المانيا، مثلما في باقي دول الغرب، يوجد تحفظ عال، ولا سيما بين الشباب، على الفهم بان الديمقراطية قادرة على أن توفر حلولا للمشاكل. كنتيجة لذلك تتعزز الميول الشعبوية في الجمهور. فريدريخ ميرتس هو مؤيد ثابت لإسرائيل، وهكذا أيضا معسكره السياسي، بما في ذلك الجناح البفاري الأكثر يمينية. ينبغي الامل في أن يجد هذا الموقف تعبيره أيضا في موقف الاتحاد الأوروبي من إسرائيل.

دافيد بن غوريون الذي بخلاف معارضيه فهم في حينه الأهمية الكبرى لألمانيا الجديدة بالنسبة لإسرائيل – سياسيا، اقتصاديا وامنيا – عمل بشكل فاعل على تثبيت العلاقات معها. مناحم بيغن هو الاخر، الذي قبل وقت غير بعيد من ذلك وقف في رأس المظاهرات ضد العلاقات مع المانيا، سار في اعقاب بن غوريون ما أن اصبح رئيس الوزراء. فمنذ ليلة النصر في انتخابات 1977 توجه اليّ كي اعمل دبلوماسيا واعلاميا على تغيير النظرة في العالم وفي المانيا نفسها بان حكومة برئاسة الليكود من شأنها أن تقطع علاقاتها مع المانيا أو أن تبردها على الأقل. ومنذ الغداة ظهر في “فرانكفورتر الجماينة” الصحيفة الرائدة في المانيا، مقالا رئيسا اعلن بان ناطقا مخولا بلسان الحكومة الجديدة في إسرائيل افاد باان ليس فقط هذه المخاوف بلا أساس بل ان الحكومة ستعمل حتى على تعزيز العلاقات، وهذا ما كان. 

المانيا هي اليوم السند السياسي الأهم لإسرائيل بعد الولايات المتحدة لكن ليس في هذا ما يكفي لشطب ذنبها التاريخي تجاه الشعب اليهودي. فرص فريدريخ ميرتس وحكومته للتغلب على التأثير السام لليمين واليسار المتطرفين هي أيضا الوعد لمواصلة العلاقات الجيدة بين المانيا وإسرائيل.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى