معاريف: غـزة: الـسـيـطـرة عـلـى «مـحـور الـمـحـاور»
معاريف 2024-01-31، بقلم: العقيد احتياط دافيد حاخام: غـزة: الـسـيـطـرة عـلـى «مـحـور الـمـحـاور»
بعد أكثر من ثلاثة أشهر من بدء الحرب ضد حماس في القطاع، لم تسيطر قوات الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا. بتحليل عسكري – مهني لصورة الوضع في الميدان، كان يفترض باحتلال خط الحدود الذي يمتد 14 كيلو مترا، الذي يفصل بين القطاع ومصر ان يكون هدفاً استراتيجياً مهماً وعظيم القيمة يفترض ان يَشغل تحقيقه أولوية عالية.
ان امتناع الجيش الإسرائيلي عن السيطرة على المحور في المراحل المبكرة من الحرب، بما في ذلك في ضوء الاضطرارات حيال مصر، هو مثابة خطأ من شأنه أن يجبي من إسرائيل ثمناً باهظاً في سياق الطريق. ومحاولة اصلاح ذلك في التوقيت الحالي، بينما نكون في مراحل متقدمة من الخطوة العسكرية، ستكون إشكالية جدا على التنفيذ، وبخاصة في ضوء الاحتشاد العظيم لنحو مليون فلسطيني نازح في مخيمات مؤقتة في أرجاء رفح. إضافة الى ذلك فان تواجداً إسرائيلياً عسكرياً على طول المحور يجب أن يكون هدفاً ضرورياً يلزم الحكومة بالعمل على تحقيقه في جدول زمني قصيراً قدر الإمكان.
أعرف محور فيلادلفيا جيداً من عهد خدمتي في قطاع غزة. تجولت على طوله مرات عديدة حتى قبل اندلاع الانتفاضة الأولى في كانون الأول 1987 وبعدها أيضا. في أثناء الانتفاضة الثانية كان محور فيلادلفيا ساحة معركة دارت فيها اعمال إرهابية مكثفة ضد قوات الجيش الإسرائيلي. في اعقاب التنفيذ احادي الجانب لخطة فك الارتباط في 2005، فتح المصريون معبر رفح كمعبر حركة وتجارة.
في إطار خطة فك الارتباط، اتخذت إسرائيل قراراً بنقل محور فيلادلفيا الى مسؤولية مصر. في المفاوضات بين الدولتين وقع اتفاق يسمح لمصر بان تنشر على طوله 750 من شرطة حرس الحدود. قوات الجيش الإسرائيلي أخلته نهائياً في أيلول 2005.
في الوقت الحالي تستخلص السيطرة في محور فيلادلفيا بشكل مباشر من اهداف إسرائيل في الحرب. فهي تستهدف منع وإحباط محاولات محتملة لتهريب مخطوفين إسرائيليين الى خارج القطاع، وتسليمهم الى حماس وعناصر جهادية في سيناء. مثل هذا السيناريو الكابوسي يلقي على إسرائيل مسؤولية مصيرية لاتخاذ كل الوسائل بهدف منعه. كما تنشأ السيطرة الإسرائيلية على المحور، في اقرب وقت ممكن من الحاجة لكشف وتدمير انفاق التهريب العاملة على طوله. الى جانب ذلك فانها تستهدف منع وإحباط محاولات محتملة لهروب وفرار مسؤولين كبار في قيادة حماس او نشطاء عاديين، الى خارج قطاع غزة.
تفيد تجربة الماضي بان إسرائيل ملزمة قبل كل شيء بالاعتماد على نفسها. ولا يمكنها باي حال ان تودع حراسة مصالحها الأمنية الحيوية في ايدي الآخرين. من هنا يفترض تواجد لقوات الجيش الإسرائيلي كقدم على الأرض في مجال محور فيلادلفيا. واضح ان سد المحور يستوجب تنسيقا وتعاونا مع مصر، التي تعارض اليوم بشدة التواجد الإسرائيلي العسكري على طول المحور. في هذه الظروف، فان إسرائيل ملزمة بأن تعمل حيال مصر في قنوات سياسية – امنية كي تصل الى تفاهمات تسمح للطرفين بالعيش المشترك في المنطقة.
في عصر ما بعد الحرب يجب على إسرائيل ان تضمن وجود سيطرة عسكرية على طول محور فيلادلفيا. هذا هدف ضروري بان كل مخطط آخر لضمان المحور من شأنه أن يسحق إنجازات الحرب ويضيعها هباء.