ترجمات عبرية

معاريف – عودة الحرب الباردة

معاريف– بقلم  زلمان شوفال – 6/4/2021

” تتمتع اسرائيل اليوم بتفاهمات عملية وبعلاقات ودية مع روسيا، دون المس بحلفها الاساس مع امريكا. كما أن السلام مع العالم العربي البراغماتي يعمل في هذا الاتجاه. ان احد الشروط للحفاظ على هذا الوضع هو اقامة حكومة منسجمة في الموضوع السياسي وليست حكومة خليط حزبي، نهايتها شلل سياسي “.

       قبل نحو ثلاثين سنة انتهت الحرب الباردة التي استمرت نحو 45 سنة، بين العالم الديمقراطي بقيادة الولايات المتحدة والعالم الشيوعي برئاسة الاتحاد السوفياتي.  واليوم، نقف امام حرب باردة جديدة، من جهة تقف الولايات المتحدة، وان كان برئاسة تحالف اقل تراصا من قبل، ومن الجهة الاخرى الصين وروسيا. والخلفية لنهاية المعركة اياها كانت تفكك الاتحاد السوفياتي وذوبان الايديولوجيا الشيوعية بعامة، مسيرة اعلن عنها خبير العلوم السياسية الامريكي فرنسيس فوكوياما كالانتصار النهائي للديمقراطية الليبرالية، التي على حد قوله ستكون في المستقبل شكل الحكم الوحيد ولن تتمكن اي ايديولوجيا اخرى من تحديها. وقد وصف هذا بانه “نهاية التاريخ”.

       لو كان سجل الارقام القياسية جينس فصلا عن النبوءات الكاذبة، لاحتلت نبوءة فوكوياما مكان الشرف. في حينه اختلفت معه وادعيت بان الاسلام المنتشر، سواء كان السني لداعي والقاعدة ام الشيعي لايران، يشكل تهديدا لا يقل خطورة على النظام الليبرالي عن الشيوعية، ولكن المواجهة العلنية الاكثر معنى ستكون في السنوات القادمة مع الصين، التي تحدت بالفعل، ايديولوجيا وعمليا، الديمقراطية الغربية. في هذه اللحظة تتركز المواجهة على الاقتصاد والتكنولوجيا، ولكن لا تعوزها تماما علائم عسكرية. فبينما يطالب اليسار في الولايات المتحدة تقليص ميزانية الدفاع تزيد الصين بوتيرة سريعة تعاظمها العسكري. في الحرب الباردة السابقة عملت الايديولوجيا الاشتراكية وفشلها الاقتصادي في صالح امريكا وحلفائها. اما في الواقع الراهن، بفضل نجاحات الصين في المجال الاقتصادي، ثمة عاطفون في الغرب ايضا يفضلون اغماض عيونهم عن طبيعتها الطاغية، المس بحقوق الانسان وجوانب اخرى اقل جذبا.

       يبدو أن إدارة بايدن بخلاف الرئيس ترامب، توصلت الى الاستنتاج الصحيح في أن هذه ليست مجرد منافسة اقتصادية بل ان امريكا والعالم ا لحر يقفان امام معركة صينية شاملة لفرض نظام عالمي جديد بقيادتها. واعلن الرئيس بايدن عن نيته تأسيس “حلف الديمقراطيات”، وبعد بضعة ايام ردت بيجين وموسكو ببيان مشترك ضد العقوبات و “التدخل الامريكي في شؤونهما”. وكانت الخطوة التالية للصين توقيع اتفاق اقتصادي شامل ذي تداعيات عسكرية محتملة مع ايران، جعلها عمليا جزءا من التجمع الصيني – الروسي، ناهيك عن ان امريكا واوروبا تفضلان تجاهل ذلك. تجتهد الصين لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع دول لا تعد جزءا من شركائها الطبيعين، بمن في ذلك اسرائيل مما يفترض بهم رغم مصالحهم في العلاقات الاقتصادية مع الصين الحرص على الا تتضرر علاقاتهم الحيوية مع امريكا.

       لا تزال المعركة في بدايتها، وكما يفيد التاريخ حتى لو كانت امريكا تتلبث احيانا الى أن تنجح في الصحوة، في نهاية المطاف كثيرة الاحتمالات في أن تكون يدها هي العليا، فما بالك أنه لا يجب التجاهل للتناقضات الداخلية التي في الطريقة الصينية بين نظام الطاغية ومحاولة ادارة اقتصاد مثابة رأسمالي.

       وأين اسرائيل في كل هذا؟  في الحرب الباردة التاريخية كان الوضع واضحا: اسرائيل حسب قيمها ومصالحها كانت جزءا من المعسكر الامريكي، واذا كان في اليسار محافل، اسلاف ميرتس ممن شككوا بهذا الموقف، فان بن غوريون وايسار هرئيل، رئيس اجهزة الامن، وضعا في هذا حدا وبسرعة. اليوم ايضا توجد اسرائيل دون شك في المعسكر الامريكي، رغم الخلافات في مواضيع معينة، مثل ايران والمسألة الفلسطينية. ولكن توجد بعض الفروق: بينما في حينه كانت روسيا والعالم الشيوعي (الصين لم تكن قد لعبت بعد دورا مركزيا) الاعداء الالداء للصهيونية والمؤيدين للعالم العربي، فبفضل التحولات التي  وقعت في روسيا ومصالحها في الشرق الاوسط والدبلوماسية الناجحة في عهد نتنياهو  التي عرفت كيف تستغل ذلك – تتمتع اسرائيل اليوم بتفاهمات عملية وبعلاقات ودية مع روسيا، دون المس بحلفها الاساس مع امريكا. كما أن السلام مع العالم العربي البراغماتي يعمل في هذا الاتجاه. ان احد الشروط للحفاظ على هذا الوضع هو اقامة حكومة منسجمة في الموضوع السياسي وليست حكومة خليط حزبي، نهايتها شلل سياسي.      

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى