ترجمات عبرية

معاريف: عن الاقوال والافعال

معاريف 17/5/2024، حاييم رامون: عن الاقوال والافعال


في خطاب القاه في الاحتفال الرسمي لبدء مناسبات يوم الذكرى في المبنى، قال رئيس الأركان هرتسي هليفي الاقوال التالية: “انا أتحمل المسؤولية عن ان الجيش فشل في مهماته لحماية مواطني دولة إسرائيل في 7 أكتوبر. ثقله على كتفي احس به في كل يوم، وفي قلبي افهم معناه جيدا”. 

رئيس الأركان محق. هو حقا يتحمل مسؤولية قاسية واليمة عن قصور 7 أكتوبر. هليفي مسؤول عن مواصلة اضعاف خطوط الدفاع امام قطاع غزة، انعدام جاهزية القوات لصد هجمة واسعة من حماس، والفشل الاستخباري الهائل لشعبة الاستخبارات “امان”. كما أنه مسؤول عن مواصلة تبني مفهوم “احتواء حماس” ووهم “حماس مردوعة” في الجيش. 

صحيح، هليفي تلقى إرثا صعبا من رؤساء الأركان الذين تولوا المنصب قبله، واساسا من سلفه أفيف كوخافي. فانعدام جاهزية القوات، وتمسك الجيش بالمعتقد الكاذب بان حماس مردوعة، مسجلان على أسمائهم بقدر لا يقل عن اسم هليفي، لكن هذا لا ينظف رئيس الأركان الحالي من مسؤوليته.

هكذا مثلا، في عهد رئيس الأركان السابق اقصي قائد سلاح الجو عن مشاورات هامة عديدة لاعتبارات غير موضوعية (وشخصية) من جانب كوخافي. لكن هليفي يتحمل المسؤولية عن انه لم يغير هذا العنف الفاسد. وذلك لو أن قائد سلاح الجو حاضرا في المشاورات التي أجريت في الساعات ما قبل هجمة حماس – لكان ممكنا وضع سلاح الجو في حالة تأهب دون أي جهد. 

رئيس الأركان قال انه يتحمل المسؤولية عن اخفاق 7 أكتوبر، وافتراض أن ليس هناك من يختلف على ذلك. لكن هليفي لم يشر الى أنه أيضا مسؤول مركزي عن الإدارة الفاشلة لحرب السيوف الحديدية. المستوى السياسي، بالتشاور مع رئيس الأركان، حدد ان اهداف الحرب هي تصفية القدرة العسكرية لحماس، اسقاط حكمها المدني وإعادة المخطوفين. واضح انه حتى بعد سبعة اشهر الحرب هذه الأهداف لم تتحقق وبالطريقة التي تدار بها الحرب فانها لن تتحقق أيضا. حماس لا تزال تحافظ على قدرة عسكرية، والجيش يضطر لان يحتل من جديد مناطق احتلها في الماضي، عشرات الصواريخ تطلق نحو سديروت وبئر السبع، الاف عديدة من سكان الغلاف لم يعودوا الى بيوتهم، وأولئك الذين عادوا مرة أخرى يعيشون في خوف من إرهاب حماس. كما ان الحكم المدني لحماس يواصل الأداء، ومنظمة الإرهاب تسيطر على الأغلبية الساحقة من المساعدات الإنسانية التي تدخل الى القطاع. 

هليفي قضى بان الضغط العسكري هو الذي سيؤدي الى اتفاق لتحرير المخطوفين لكنه هو نفسه أمر بتخفيض الضغط العسكري على حماس بخلاف وعده. 

رئيس الأركان مسؤول عن أنه لم تكن للجيش خطة جاهزة لاحتلال قطاع غزة، رغم أن حماس هو العدو الأكثر نشاطا ضد إسرائيل؟ كما أنه مسؤول عن ان خطة الحرب التي اعدت بارتجال على عجل، لم تستهدف احتلال القطاع. بمعنى أن خطته للحرب لم تستهدف منذ البداية الوصول الى تصفية قدرة حماس العسكرية. 

هليفي عارض إقامة حكم عسكري مؤقت في المناطق التي احتلت. وحتى عندما طلب بنيامين نتنياهو (بتأخير) من منسق اعمال الحكومة في المناطق لاعداد خطة لحكم عسكري، كان رئيس الأركان احد المعارضين المركزيين لذلك (الى جانب قائد المنطقة الجنوبية ووزير الدفاع) وفي نهاية الامر تراجع رئيس الوزراء عن طلبه. ولما لم يقم حكم عسكري، نجحت حماس في الحفاظ على السيطرة المدنية في القطاع. 

رئيس الأركان مسؤول عن القرار لبدء خطوة برية بطيئة وتدريجية في شمال القطاع فقط، بدلا من الهجوم هجوما سريعا على كل عرض القطاع أو على الأقل الهجوم في الشمال وفي الجنوب معا. كما أنه مسؤول عن القرار لطرد مليون غزي من شمال القطاع الى جنوبه، دون أن يعطي الرأي في مسألة كيف سيتمكن الجيش في قيادته من العمل في رفح اذا ما فر معظم السكان المدنيون في القطاع اليها. 

فهل تريدون أن تعرفوا لماذا اتخذ هليفي القرار بهجوم بطيء في الشمال وعدم الهجوم على كل عرض القطاع؟ حسب مصدر كبير، اختار رئيس الأركان هجوم بطيء في الشمال فقط “كي يعيد للجيش الإسرائيلي ثقته بالنفس بعد 7 أكتوبر”. 

الاستقالة فورا

هذا الأسبوع اتهم رئيس الأركان الكابنت بقوله “نحن نعمل الان مرة أخرى في جباليا. طالما لا تكون خطوة سياسية تنتج محفلا حكوميا ليس حماس في القطاع، سيتعين علينا ان نعمل المرة تلو الأخرى هناك وفي أماكن أخرى كي نفكك بنية حماس. سيكون هذا جهدا عبثيا”. 

يا هرتسي، أأنت تتجرأ على الشكوى من أننا نضطر للعمل مرة أخرى في جباليا وفي أماكن أخرى احتليناها. هذه هي خطة الحرب التي وضعتها وعرضتها على المستوى السياسي لاقرارها. فهل انت تحاول التنكر للمسؤولية بان الخطة التي اعدت في هيئة الأركان تضمنت مرحلة قتال قوي (بدون احتلال) وبعدها مرحلة اجتياحات متكررة الى داخل القطاع وفقا للحاجة العملياتية الملموسة؟ 

هكذا مثلا افاد نير دبوري في 26 كانون الأول: “في الجيش يفهمون بانهم يقتربون من استنفاد المرحلة الحالية التي يسيطرون فيها عمليا على الأرض ويفككون قدرات حماس العسكرية… المرحلة التالية ستكون جراحية اكثر… سيعمل الجيش الإسرائيلي في اجتياحات للمشاة، وفي اعمال من الجو ومن البر… القوات يمكنها أن تعمل حسب المهام، بشكل موضوعي اكثر، وبخطوات فرقية، لوائية او طاقمية – وفق ما تتطلبه المهمة”. يا هرتسي، الكابنت أقر خطتك الحربية. فهل انت الان تأتي لتشكو من ان هذه الخطة تلزمنا بان نحتل المرة تلو الأخرى أماكن سبق أن احتليناها؟ 

فضلا عن ذلك، كان هذا هو قرارك اخلاء قوات الجيش من كل منطقة احتلت ما أتاح لحماس السيطرة من جديد على هذه المناطق. عندما تساءل الكابنت الموسع عن سبب قرارك تخفيف القوات في القطاع أجبت “ليس عندي ما يكفي من الالوية” – وهذا بعد أن وضعت تحت تصرفك قوة بحجم خمس فرق كي تهزم حماس. حجم قوات اكثر من ذاك الذي استخدمه الجيش الإسرائيلي لهزيمة الجيش المصري في حرب الأيام الستة وفي حرب يوم الغفران.

من المهم الإشارة الى ان الاقوال التي قالها ليفي تعكس أيضا واحدا من الشرور المريضة في سلوك رؤساء الأركان على اجيالهم.، والذين يعنون بشؤون سياسية وليس عسكرية. فانماء محفل حكومي كهذا او ذاك ليس شأن الجيش. بالمقابل إقامة حكم عسكري إسرائيلي هو في مجال صلاحيات رئيس الأركان وكان بوسع هليفي أن يوصي بذلك المستوى السياسي إذ انه مثلما هو الطريق الوحيد لتفكيك حماس العسكرية هو من خلال ابادتها – هكذا الطريق الوحيد القابل للتنفيذ لاسقاط الحكم المدني لحماس هو من خلال حكم عسكري.

يوم الاربعاء اعلن يوآف غالنت بانه لن يوافق على إقامة حكم عسكري في القطاع. هذا الإعلان يبين كم فقد وزير الدفاع كل تفكر واصبح ناطقا بلسان رئيس الأركان في الكابنت. 

لقد عاد غالنت وتحدث عن “محافل فلسطينية باسناد دولي ليشكلوا بديلا سلطويا لحماس – خيال يحاول أن يروج له منذ بداية الحرب بسبب معارضة رئيس الأركان ومعارضته لاقامة حكم عسكري إسرائيلي.

بدلا من اختيار حل فاعل وقابل للتنفيذ، فضل غالنت خدمة ارادات رئيس الأركان والترويج لجملة خطط هاذية ومنقطعة عن الواقع عن الحكم المدني الذي يقام كبديل عن حكم حماس.

كان يمكن لغالنت ان يعمد الى خطوة سياسية كانت ستؤدي الى اسقاط حكم حماس وتساعد أيضا في تحسين مكانة إسرائيل الدولية، لو كان اقنع الكابنت بالإعلان عن حكم عسكري مؤقت وبالتوازي الدعوة لعقد مؤتمر دولي بمشاركة الولايات المتحدة والدول العربية المعتدلة بما فيها السلطة الفلسطينية حيث تجرى مباحثات عن إقامة الجسم الذي يحل محل الحكم العسكري الإسرائيلي المؤقت (والسيطرة الأمنية في القطاع يجب أن تبقى في ايدي إسرائيل في المستقبل المنظور، مثلما في الضفة). 

لكن رغم ان كل خططه تبخرت دون أي انجاز، وفقط ساعدت حماس على مواصلة السيطرة في القطاع، يواصل غالنت الإصرار على ترويج خيالاته وخيالات رئيس الأركان. 

كل ما قيل أعلاه لا ينقص باي شكل من مسؤولية كابنت الحرب برئاسة رئيس الوزراء ووزير الدفاع، الذي اقر كل الخطط التي عرضها عليه رئيس الأركان. أعضاء كابنت الحرب يتحملون مسؤولية جسيمة عن الفشل وعليه فان رئيس الوزراء ووزير الدفاع (المسؤولين هما أيضا عن اخفاق 7 أكتوبر يجب أن يستقيلا أو للأسف العودة في اقرب وقت ممكن الى الشعب كي يطلبا ثقته.

سيدي رئيس الأركان، بفضل بطولة وتضحية مقاتلي الجيش (حتى رتبة عميد) حققنا نجاحات تكتيكية مبهرة، لكننا فشلنا فشلا استراتيجيا جارفا في الحرب – وانت مسؤول عن هذا الفشل. رئيس الأركان هو منصب صعب حتى جدا، وفضلا عن عبء منصبه، صورته هي أيضا مصدر التقدير والثقة اللذين يعطيهما الشعب للجيش.

وعليه، فان ما سأكتبه هنا اقسى من الاحتمال بالنسبة لي أيضا: رئيس الأركان لا يمكنه أن يكتفي باقوال عن أخذ المسؤولية، بل عليه أن يستخلص استنتاجات شخصية من الفشل الاستراتيجي في الحرب وبالطبع أيضا من القصور الأكبر في 7 أكتوبر . للمسؤولية الجسيمة جدا يوجد تعبير واحد – الاستقالة فورا والا كل كلماتك الجميلة عن المسؤولية فارغة من المحتوى. 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى