معاريف : علاقة نتنياهو مع إدارة بايدن: عثرة اليمين المتطرف

معاريف : بقلم: البروفيسور ايتان غلبواع : 30-12-2023
بعد زيارات إلى البلاد من كل رجالات الرئيس جو بايدن في مجالي الخارجية والأمن، انقلب الآن الاتجاه ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر سافر بزيارة حرجة الى واشنطن. بالمقابل المصالح والمواضيع على جدول اعمال العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، التي سيعنى بها، بقيت مشابهة جداً لما كانت عليه في بداية الحرب في غزة.
اختيار ديرمر هو اختيار طبيعي. فهو يعرف جيدا السياسة الأميركية من فترة ولايته كسفير إسرائيل في واشنطن، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتمد عليه ولديرمر علاقات طيبة مع كل هيئات الإدارة. كما سيلتقي ديرمر أيضا مع كبار رجالات الكونغرس كي يوقف انجرافا محتملا في تأييد بايدن، ويضمن إقرار مساعدة عسكرية واموال خاصة بمقدار 14.5 مليار دولار. وهذه عالقة في الكونغرس لأن بايدن يصر على رزمة مساعدة واحدة لإسرائيل ولاوكرانيا بينما الجمهوريون يطالبون بالفصل. بايدن يتوقع من ديرمر ان يمارس نفوذه الكبير على الجمهوريين لاجل إقرار الرزمة المشتركة.
ان المهمة الأساس للزيارة هي الوصول الى توافقات في مواضيع مختلف عليها بين الدولتين. ويفترض بديرمر أن يعرض أجوبة على مواضيع تقلق الإدارة، بما في ذلك الجدول الزمني للانتقاد من حرب بقوى عالية الى حرب بقوى منخفضة واليوم التالي؛ وسيعرض تحديات إقليمية تقلق إسرائيل، بما فيها البرنامج النووي الإيراني وتفعيلها وكلائها: حزب الله والحوثيون.
إدارة بايدن تريد ان تنهي إسرائيل المناورة البرية القوية حتى نهاية كانون الثاني وتنتقل الى المرحلة الثالثة من القتال بقوى منخفضة. للحفاظ على الإنجازات وخلق الظروف لاستبدال حكم حماس. الإدارة تعارض احتلالا طويلا للقطاع وسيطرة إسرائيلية في حزام أمني حول غزة، هو حيوي لإعادة سكان الغلاف الى بلداتهم. ديرمر سيسأل كيف برأيهم يمكن تحقيق اهداف الامن الدنيا هذه.
الإدارة معنية باستبدال حماس بالسلطة الفلسطينية وتفكر بأن هذا هو الوقت لوضع خطة لأنها كفيلة بمجرد وجودها ان تضعضع حكم حماس. علنياً نتنياهو يعارض. لكن رئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي نشر مقالاً في صحيفة «ايلاف» السعودية وفيه موافقة على حكم في غزة «للسلطة الفلسطينية التي تجتاز اصلاحا جذريا». حيال الأميركيين أيضا بدأ موظفون إسرائيليون كبار باستخدام تعبير مشابه.
حتى الآن رد نتنياهو طلبات لإجراء بحث جدي في اليوم التالي، أساساً خوفا من ابتزاز ائتلافه. بن غفير وسموتريتش انتقدا بحده مقال هنغبي. ديرمر سيكون مطالباً بأن يشرح ماذا يريد نتنياهو الذي لم يعد قادرا على أن يتفادى ذلك بحجة ان هذا ليس الوقت، ويجب أولا هزيمة حماس».
ايران تفعّل بقوة أكبر وكلاءها ضد إسرائيل والولايات المتحدة في لبنان، سورية، العراق واليمن. حزب الله والحوثيون يصعدون هجماتهم على إسرائيل، وهكذا يتعاظم الاحتمال لحرب إقليمية واسعة يتطلع بايدن لمنعها. الولايات المتحدة وفرنسا تعملان دبلوماسيا على انسحاب حزب الله من الحدود مع إسرائيل.
سيرغب ديرمر في أن يعرف ما هو احتمال نجاح هذه الخطوة، واذا كان هناك إسناد ستعطيه الإدارة لإسرائيل في حالة هجوم واسع على حزب الله. اقامت الإدارة قوة مهمة دولية لحماية حرية الملاحة في مضيق بان المندب، لكن هذه لا تزال لا تردع الحوثيين بما يكفي، الذين يواصلون مهاجمة سفن في البحر الأحمر وإسرائيل. وهنا أيضا السؤال سيكون ما العمل لأجل إيقافهم.
برعاية الحرب في أوكرانيا وفي غزة، تتقدم ايران جدا في الطريق الى تحقيق سلاح نووي. تقرير نشرته وكالة الطاقة الذرية للأمم المتحدة يقضي بان ايران تبرعت مؤخراً بوتيرة تخصيب اليورانيوم في منشآت النووي بوردو ونتناز الى 60 في المئة ورفعت انتاجه من 3 كيلوغرامات الى 9 كيلوغرامات في الشهر. وتيرة كهذه ستكفي لثلاث قنابل نووية. ديرمر سيرغب في أن يعرف اذا كانت إدارة بايدن تخلت عن اتفاق نووي جديد مع ايران، واذا كان لا، فكيف تعتزم كبح، سواء السباق الى القنبلة ام التشجيع الإيراني لحزب الله والحوثيين والقتال ضد إسرائيل.
اكثر من 200 طائرة شحن أميركية هبطت في إسرائيل منذ بداية الحرب، ومع السفن جلبت الى إسرائيل اكثر من 10 الاف طن من الذخيرة والعتاد العسكري. لكن الحرب المتواصلة في غزة والخطر من أن تتصاعد المواجهة مع حزب الله الى حرب شاملة تفترض مواصلة التوريد في المستقبل. سلاح الجو قلص اسراب الكوبرا (مروحيات قتالية) وعليه فقد طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة تلقي مروحيات مطلوبة للقتال في كل الجبهات. لا تزال إدارة بايدن تبحث في الطلب. ويفترض بديرمر ان يستوضح المساعدة العسكرية التي تحتاجها إسرائيل. هذه ورقة ضغط مهمة لبايدن على نتنياهو.
مع أن رئيس الوزراء بدأ يدير حملة انتخابات بشعار انه هو وحده يمكنه أن يتصدى للضغط الأميركي، اثبت الواقع حتى الان استخدم نتنياهو الضغط الأميركي كي يلجم محافل يمين متطرف في حكوماته. ويعول الأميركيون على هذا النمط، الا ان نتنياهو الضعيف اليوم مختلف عن ذاك الذي كان في الماضي. إسرائيل متعلقة تماما بالمساعدة العسكرية والدبلوماسية الأميركية، واذا واصل رئيس الوزراء تفضيل مصالح ائتلافه، فمهمة ديرمر ستفشل والخلافات مع البيت الأبيض ستتعمق فقط.