معاريف: شجعان لكن منهكون
معاريف 9/8/2024، الون بن دافيد: شجعان لكن منهكون
نحن في ذروة الأيام الأكثر نجاحا لإسرائيل منذ بداية الحرب، وكذا الأخطر منذ 7 أكتوبر. ففي أقل من شهر صفت إسرائيل القادة العسكريين لحماس ولحزب الله، الزعيم السياسي لحماس (حسب منشورات اجنبية)، واحرقة ميناء الحديدة في اليمن.
يمكن مراجعة نجاعة ووزن كل عملية كهذه على حده والجدال في قيمتها، لكن لهذه السلسلة يوجد أثر متراكم. وهذا اثر هو في الصورة بالأساس وقابل أقل للقياس. لكن إسرائيل – التي منذ أكتوبر بدت كالطفل المستهدف في الحارة، الذي يضربه كل من هب ودب – استعادت شيئا ما من الصورة الرادعة التي كانت لها.
لكن إعادة اكتساب الصورة الرادعة كان لها ثمن، ونحن سنعرف قريبا اذا كان يستحق هذا. فهل كان من الصواب، بعد ساعات من تصفية رئيس اركان حزب الله في بيروت، تصفية زعيم حماس أيضا بل وفي طهران (مثلما ينسب لإسرائيل)؟ ثمة من سيقولون ان هنية كان شخصية عديمة النفوذ، والمخاطرة برد إيراني لا تبرر تصفيته في هذا الوقت.
آخرون سيدعون بان فرصة كهذه تقع مرة كل بضع سنوات، ومن اعلن حرب إبادة على حماس ما كان يمكنه أن يتجاوزها.
الهجوم في بيروت رفع إسرائيل الى مسار كفيل بان يؤدي الى صدام واسع مع حزب الله، رغم أن الطرفين غير معنيين به. إسرائيل ستصمد في تبادل الضربات مع حزب الله وكذا في حرب واسعة مع المنظمة، لكن السؤال الذي ينبغي أن نسأله لانفسنا هو باي ثمن وما الإنجاز الذي سيحققه.
مسألة توقيت
سلسلة من كبار المسؤولين (في الاحتياط) امتثلت هذا الأسبوع في الاستديوهات وادعت بان هذه هي اللحظة المناسبة للخروج الى حرب مع حزب الله. انا لست مسؤولا كبيرا بل ولم اعد في الاحتياط، لكن كل أسبوع التقِ الجيش الإسرائيلي بعد عشرة اشهر من الحرب، في الجنوب وفي الشمال، واقترح التفكير جيدا بالافكار الحماسية التي لم نحققها بعد. الجيش الإسرائيلي آب 2024 تعب. هو مليء بالمقاتلين الرائعين، الأثرياء في التجربة القتالية، لكنهم منهكون مثلما كان يمكن لكل شخص ان يكون تعبا بعد عشرة اشهر من القتال المكثف في عدة جبهات. اذا ما اضطروا للقتال في لبنان، فانهم سيمثلون وسيعطون كل ما يوجد لديهم، لكنهم لن يكونوا في افضل حال لهم.
من ناحية التوقيت أيضا، الذي يدعي الخبراء بانه الان، إسرائيل لا يمكنها أن توقع مفاجأة ذات مغزى على حزب الله. المنظمة على وعي بالتفوق الاستخباري والجوي لإسرائيل عليها وتستعد بما يتناسب مع ذلك. نحن يمكننا أن نضرب جدا قدرات حزب الله ونؤلم جدا سكان لبنان، لكن سيؤلمنا نحن أيضا جدا، وفي نهاية الحرب لن نتمكن من إبادة حزب الله وستكون هذه فقط جولة أخرى.
وتوجد بالطبع مسألة الذخائر. انا نعم يمكنني ان أقول أمرين: ان الجيش الإسرائيلي تعلم في عشرة اشهر الحرب بان استهلاك الذخائر لديه اعلى بكثير من كل ما خطط له، وان المسؤولين الأمريكيين قالوا صراحة لنظرائهم الإسرائيليين – “لا تأخذوا الرئيس الأمريكي على سبيل الامر المسلم به”.
عائق فيلادلفيا
الولايات المتحدة تقول لنا ما يصعب على رئيس وزرائنا ان يراه بنفسه: صفقة مخطوفين، التي سبق أن وافق عليها، يمكنها أن تمنع حربا وتهديء المنطقة. الامريكيون مؤدبون، لكن النص الكامن في حديثهم هو: انتم وافقتم على صفقة، تراجعتم عنها والان انتم تريدون ان ننجر وراءكم الى حرب إقليمية؟
من حديث الصراخ الذي اجراه رئيس الوزراء الأسبوع الماضي مع قادة جهاز الامن، خرج قادة الجهاز باحساس واضح بانه اتخذ قرارا باردا بالتخلي عن المخطوفين وانه معني فقط باستمرار الحرب. بعد أن انكشفت مضامين الحديث بدا ان رئيس الوزراء تراجع قليلا عن رأيه وخفف التحفظات التي وضعها كي يمنع صفقة مخطوفين.
بعد أن سبق ان وافق على اخلاء تام لمحور نتساريم، فان مطلب نتنياهو الجديد لاجراء تفتيش لمن يمرون من شمال القطاع جاء لافشال الصفقة. ليس له تفسير آخر. كما ان إصراره على محور فيلادلفيا، بعد أن وافق على اخلائه، يتطلب تفسيرا.
كلنا تأثرنا حين رأينا هذا الأسبوع نفقا بعرض تندر حفر في رفح في اتجاه مصر. من زيارات عديدة في محور فيلادفيا يمكنني أن اشهد أنه توجد عشرات، ان لم يكن اكثر من الانفاق التي حفرت من رفح باتجاه مصر. ما يبلغ عنه اقل هو ان الغالبية المطلقة من هذه الانفاق، كلها تقريبا، مسدودة في الجانب المصري.
يتبين ان مصر، التي لا تحب إسرائيل كثيرا، لكنها اكثر من ذلك تكره حماس – قامت بعمل ناجع في سد الانفاق التي تمر اليها من رفح. ليس خوفا من أن تستخدم لتهريب السلاح من حماس، بل خوفا من أن ينتقل رجال حماس، المكروهون على قلبها، الى الأراضي المصرية. الغالبية الساحقة من تهريبات السلاح والمواد لحماس مرت عبر معبر رفح وعبر معبرنا الى غزة – كرم سالم. القليل فقط مر عبر الانفاق.
ان صفقة المخطوفين التي وافق عليها نتنياهو هي صفقة رهيبة وصعبة. فهي تتضمن في المرحلة الأولى فقط نحو نصف المخطوفين الاحياء (25 – 30)، تتطلب التنازل عن ذخائر استولت عليها إسرائيل في غزة (محوري نتساريم وفيلادلفيا) ولا تضمن شيئا عن مصير باقي المخطوفين الذين سيبقون في غزة. ولا يزال، كل التعهدات التي قطعتها إسرائيل عن نفسها قابلة للتراجع: يمكن إعادة احتلال محوري فيلادلفيا ونتساريم، يمكن قتل السجناء الذين الذين سيتحررون. لكن شيئا واحدا لا مرد له – حياة المخطوفين.