ترجمات عبرية

معاريف: سياسة ترامب تُمهّد الطريق لتحقيق رؤيته الكبرى إسرائيل والسعودية في المركز

معاريف 19/10/2025، بيلد اربيليسياسة ترامب تُمهّد الطريق لتحقيق رؤيته الكبرى إسرائيل والسعودية في المركز

على خلفية قمة السلام التي دعا إليها ترامب في مصر، أجرت صحيفة “معاريف” حوارًا مع الدكتور شاي هار-تسفي، الباحث البارز في معهد السياسات والاستراتيجية بجامعة رايخمان والقائم بأعمال المدير العام السابق لمكتب الشؤون الاستراتيجية، حول سياسة الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب لمواصلة عملية التسوية الإقليمية التي يقودها الرئيس. ووفقًا للدكتور هار-تسفي، فقد جلب ترامب معه إلى البيت الأبيض أسلوبًا مختلفًا، خالٍ من الصوابية السياسية، وغالبًا ما يصعب التنبؤ بما يقوله. ولكن هناك أمر واحد ثابت في نهجه، وهو الرغبة في إنهاء الحروب وتعزيز الصفقات الاقتصادية، إذ يقول ترامب نفسه غالبًا إنه يجيد إدارة الأعمال أكثر من أي شخص آخر. كانت زيارة إسرائيل والقمة في مصر تتويجًا لجهوده لإنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن. وهذا بلا شك أهم إنجازاته على الساحة الدولية منذ عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية.

ترامب ليس رئيسًا يُركز على التفاصيل، بل على الأفكار الكبيرة. وليس من قبيل الصدفة أن يتحدث عن رؤيته لتغيير بنية الشرق الأوسط وتعزيز اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول في العالم العربي والإسلامي، من لبنان وسوريا إلى السعودية وإندونيسيا. اتفاقيات تنطوي على معاملات اقتصادية كثيفة رأس المال، وأبرزها الممر الاقتصادي من الهند إلى أوروبا، والذي من المفترض أن يمر أيضًا عبر دول الخليج وإسرائيل.

يرى الرئيس ترامب أن نجاحه في إقناع إسرائيل وحماس بتوقيع اتفاق لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب هو المرحلة الأولى والأساسية لتحقيق رؤيته. فقد قاد ترامب قطر ومصر وتركيا في تحرك دبلوماسي مؤثر للضغط على حماس، وفي الوقت نفسه مارس نفوذه على رئيس الوزراء نتنياهو، بهدف تقريب وجهات النظر بين الطرفين. في الواقع، من الواضح أن ترامب لم يدخر جهدًا لتحقيق الاتفاق. على سبيل المثال، أعرب عن استعداده للترويج لاتفاقيات أمنية وعسكرية شاملة مع قطر وتركيا، وربما مصر، بهدف إشراكها في الجهود المبذولة لدفع حماس نحو اتفاق، وفي الوقت نفسه، ووفقًا للتقارير، سمح للمبعوث الخاص ويتكوف وصهره كوشنر بإجراء مفاوضات مباشرة مع حماس، على الرغم من كونها منظمة إرهابية قاتلة. ومن المفترض أن تكون المرحلة التالية، وفقًا لترامب، استكمال عملية إعادة جميع الرهائن وبدء عملية إعادة إعمار غزة. هذا مشروع تُقدَّر تكلفته بعشرات المليارات من الدولارات. وليس من قبيل الصدفة أن يسعى ترامب إلى استقطاب قائمة طويلة من الدول حول العالم إلى هذه العملية. في الواقع، كانت قمة شرم الشيخ بمثابة الانطلاقة الرسمية لهذه العملية.

إن دعوة أبو مازن إلى القمة تُشير بوضوح إلى أنه، على الرغم من تصريحات نتنياهو، ستكون السلطة الفلسطينية جزءًا من عملية إعادة الإعمار، حتى لو لم يكن لها دور فاعل وهام في إدارة القطاع. وبالنسبة لقادة الدول العربية، تكتسب مشاركة السلطة الفلسطينية في العملية أهمية رمزية. وهذا سيسمح لهم بترويج رسالة للرأي العام المحلي مفادها أنهم لم يتخلوا عن رؤية إقامة دولة فلسطينية، حتى لو كانت في نظرهم سلطة فاشلة وفاسدة.

كل هذا، من وجهة نظر ترامب، قد يُمهّد الطريق لتحقيق رؤيته الإقليمية الكبرى، المتمحورة حول التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، الدولة الأهم في العالمين العربي والإسلامي. ومن المرجح أن يُفضي هذا الاتفاق إلى توقيع سلسلة من الاتفاقيات الإضافية مع دول في الشرق الأوسط (لبنان وسوريا) والعالم الإسلامي، وقد بدأت إندونيسيا بالفعل تتقبل الفكرة.

تُتيح التطورات الأخيرة فرصًا غير مسبوقة لإسرائيل، لكنها تُشكل أيضًا مخاطر جسيمة. أولًا وقبل كل شيء، في كل ما يتعلق بعودة جميع المختطفين يجب أن يكون هذا هو الهدف الأكثر إلحاحًا وأهمية لإسرائيل على المدى القريب، إذ لن يكون من الممكن قبول وضع لا يعود فيه جميع المختطفين إلى ديارهم. حتى أن الرئيس ترامب عبّر عن ذلك عندما زعم أن المهمة لم تُنجز، وأن المفقودين لم يُعادوا كما وُعدوا. عمليًا، يجب على إسرائيل أن تُطالب بأن يكون أي تقدم في تنفيذ الاتفاق، بما في ذلك كل ما يتعلق بإعادة إعمار قطاع غزة، والمساعدات الإنسانية، والإفراج عن جثث الإرهابيين، ومنح الحصانة لمسؤولي حماس، واستمرار انسحاب الجيش الإسرائيلي، مشروطًا، في المقام الأول، بوفاء حماس بالتزامها بإعادة جميع المختطفين. هذا شرط ضروري للتقدم إلى المراحل التالية من الاتفاق، وما دام لم يُوفَ به، يجب على إسرائيل ألا توافق على المضي قدمًا في تنفيذه. على المدى البعيد، أمام إسرائيل فرصةٌ لبدء عملية استعادة مكانتها على الساحة الدولية، وإعادة إحياء علاقاتها مع دول السلام والتطبيع، بالنظر إلى الضرر الذي لحق بها خلال الحرب. وتتجلى هذه الفرصة عمليًا في التقارير التي أفادت بإلغاء مشاركة رئيس الوزراء في قمة شرم الشيخ بسبب معارضة تركيا ودول أخرى. وكانت المكالمة الهاتفية التي أجراها نتنياهو مع الرئيس السيسي، بوساطة الرئيس ترامب، وبضغط منه على ما يبدو، هي الأولى بينهما منذ اندلاع حرب السيف الحديدي، ومن شأنها أن تُبرز، من جهة، عمق الأزمة بين الدولتين، ومن جهة أخرى، فرصةً لتصحيحها. ويكتسب هذا أهميةً بالغةً في تحديد موقف إسرائيل في المنطقة “في اليوم التالي”، وصياغة استراتيجية شاملة للتعامل مع التهديد الإيراني متعدد الأبعاد، إذ لم يتخلَّ النظام الإيراني المُجرم عن أيديولوجيته الداعية إلى زوال دولة إسرائيل.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى