معاريف: سوريا تحت نفوذ تركي خطرة على امن إسرائيل اقل من سوريا تحت نفوذ ايراني

معاريف 25/5/2025، ميخائيل هراري: سوريا تحت نفوذ تركي خطرة على امن إسرائيل اقل من سوريا تحت نفوذ ايراني
شهدت شبكة العلاقات الإسرائيلية – التركية ارتفاعات وهبوطات على مدى السنين. منذ 7 أكتوبر شددت تركيا جدا سلوكها تجاه إسرائيل، وانتقلت من الخطاب المعادي والحاد على نحو خاص الى أذى حقيقي للعلاقات الاقتصادية. التطورات في سوريا اضافت تحديا للعلاقات. فالانهيار السريع لنظام الأسد، بقدر لا بأس به كنتيجة لاعمال إسرائيل في لبنان وفي سوريا، جلبت الى الحكم في دمشق لاعبا تمتع بشبكة علاقات وثيقة مع أنقرة. تركيا ترى في ذلك فرصة استراتيجية لتصميم شبكة علاقات خاصة مع سوريا، بخاصة في ضوء مصالحها الحيوية في موضوع الأقلية الكردية في سوريا وفي الدول المجاورة.
كما خلق انهيار الأسد بالنسبة لإسرائيل واقعا جديدا أدى الى خروج ايران من سوريا واضعافها في المنطقة. وفي نفس الوقت الى صعود زعيم ذي اجندة جهادية. منذ نشوب الحرب الاهلية في سوريا في 2011 احتارت إسرائيل بين وجهتين، هما التأييد لاسقاط نظام الأسد ام تفضيل “الشيطان المعروف”، الى أن تبنت تفضيل سوريا كدولة فاشلة.
أما الان فإسرائيل مطالبة بان تقرر: “الإبقاء” على سوريا كدولة فاشلة، عديمة الحكم المركزي، ام إعطاء ائتمان للحكم الجديد رغم التخوف المفهوم من مذهبه السياسي – الديني. غير أن التطورات كانت اسرع مما ينبغي بالنسبة لإسرائيل: لاعبون مركزيون في المنطقة قرروا تبني الحكم الجديد كافضل من سابقه. تركيا، بالطبع، وقفت على الرأس، لكن دول الخليج أيضا، وعلى رأسها السعودية، قررت معانقة الشرع. الرئيس ترامب انجرف هو الاخر، وقرر ان يرفع بدفعة دراماتيكية واحدة، على طريقته، العقوبات الامريكية عن سوريا. وقفت إسرائيل مرة أخرى امام واقع جديد، لم تكن شريكا في رسمه. بل ان إسرائيل فشلت في فهمها بنافذة الفرص التي فتحت امامها في الشمال.
علاقات إسرائيل مع تركيا سيصعب عليها ترميمها قبل أن تنتهي الحرب في غزة، ولعله لا ينبغي الإسراع جدا في ذلك. لكن الساحة السورية تستوجب من الدولتين تشمير الاكمام للعثور على المصالح المشتركة؛ إيجاد تفاهمات لا تمس بمصالح الدولتين وتنخرط ضمن ما يعتبر كاستعداد من جانب الاسرة الدولية بالسماح للشرع ببناء حكم مركزي مستقر.
اتصالات إسرائيل – تركيا تجرى منذ الان بحث امريكي ووساطة إقليمية. ولا يزال مطلوب فكر استراتيجي حديث في إسرائيل يقوم على أساس بضعة اقانيم: خروج ايران من سوريا يخدم مصلحة إسرائيلية أولى في سموها. تفضيل “سوريا ضعيفة ومنقسمة” يتعارض وموقف اغلبية الاسرة الدولية والإقليمية ويستوجب تحديثا؛ سياسة استخدام القوة ومجال العمل العسكري الذي اخذته إسرائيل لنفسها تستوجب لجما ذا مغزى. القلق من نفوذ تركي كبير مفهوم، لكنه مبالغ فيه.
سوريا تحت نفوذ تركي خطرة على امن إسرائيل اقل من سوريا تحت نفوذ ايراني. مطلوب الوصول الى تفاهمات مع أنقرة في موضوع الساحة السورية، بشكل يخدم الدولتين. يمكن لهذا ان يكون خطوة أولى نحو ترميم العلاقات بين الدولتين.