ترجمات عبرية

معاريف: سباق مسلح

معاريف 16/8/2024، الون بن دافيد: سباق مسلح

أيام الضيق لا تنتهي سريعا هذه السنة. فالانتظار المضني لهجوم يأتي من لبنان وربما أيضا من ايران يبقى يرافقنا على الأقل الى أن يتبين اذا كان ممكنا الوصول الى صفقة مع حماس، صفقة مشكوك ان تعيد كل المخطوفين لكنها يمكنها أن توقفنا من أن نواصل التدهور نحو حرب إقليمية واسعة. 

فضلا عن الأهمية العليا من أداء واجب الدولة لاعادة المخطوفين وإنقاذ من لا يزال ممكنا انقاذهم، فان الصفقة يمكنها أن ترفع إسرائيل من الدرك الأسفل الاستراتيجي الذي توجد فيه وتعيد تثبيت مكانها في المنطقة. فالقرار الأمريكي هذا الأسبوع لإزالة حظر السلاح عن السعودية هو إشارة هامة لنا بان الطريق الى التطبيع مع الدولة العربية الأهم لا يزال مفتوحا. بعد ثلاث سنوات امتنعت الولايات المتحدة فيها عن بيع السلاح الهجومي للسعوديين تعود لتعترف بأهمية السعودية باستقرار المنطقة. 

الحاكم السعودي الفعلي محمد بن سلمان يقول للمشرعين الأمريكيين انه يعرض حياته للخطر لتحقيق تطبيع مع إسرائيل، ولنا فتحت فرصة مشكوك أن تبقى مفتوحة لزمن طويل. التطبيع مع السعودية يمكنه ان يكون محطما دراماتيكيا للتعادل بالنسبة لإسرائيل، لا يقل بل وربما اكثر من اتفاقات إبراهيم مع الامارات والبحرين. يمكنه ان يعيد تموضعنا كرواد ائتلاف إقليمي، بدعم امريكي، ضد العدو الإيراني. السعودية، مثل اتحاد الامارات هي مثال قدوة لنزع التطرف الذي يتطلع رئيس الوزراء لان يحله على غزة. دولتان ربتا على مدى السنين على كراهية إسرائيل، وفي يوم واحد بدأتا تربي بشكل مختلف. اذا ما تمكنا من ربطها بدور مجد في غزة وفي الضفة، فسنتمكن من تصميم مستقبل إسرائيلي آخر.

مرة أخرى تقف حكومتنا امام المعضلة التي ترافقها منذ قيامها. هل مهمتها هي الحرص على مستقبل الدولة أم فقط مواصلة تلبية الرضى لوزير الامن القومي؟ خطواته المفعمة بالسرور على أرضية الحرب في التاسع من آب بثت انه لم يعد يأتي لان يثبت من هو رب البيت، فهو يعرف انه هو رب البيت. وامام نزعة التسيد التي يبديها ايتمار بن غفير، يبدو بنيامين نتنياهو كظل باهت لذاك الزعيم الذي كان ذات مرة. بن غفير، محب اشعال النيران منذ صباه، تلقى في هذه الحكومة علبة اعواد ثقاب كبيرة وقدرة وصول الى كل براميل المواد المتفجرة. وهو لن يتوقف الى أن يجسد حلمه في ان يشعل المنطقة علينا.

ان معظم الإسرائيليين العاديين يتحفظون منه ومن طريقه. ولكن مثل الضفدع في الوعاء، يبدأوا بالاعتياد على درجة الحرارة. هذا الأسبوع كنا على مسافة خطوة من عملية فتك بحق خمس اسرائيليات، اربع نساء وطفلة، تعثر حظهن وعلقت في البؤرة الاستيطانية جفعات رونين في السامرة، ما يسمها مؤيدو بن غفير بحلو اللسان “الاستيطان الفتي”. 

فتيان التلال لم يعودوا فتيان. بن غفير جعلهم ميليشيا مسلحة، مع السلاح الذي وزعه بسخاء بثلل التأهب – ونحن اليوم نقف في الضفة ليس فقط امام منظمات إرهاب فلسطينية مسلحة. المنظمات الفلسطينية تسلحها ايران. الإرهاب اليهودي يسلحه مندوبوه في الحكومة. 

حماس واليوم خارج غزة

الجيش والشباك يحذران بلا انقطاع من أن المناطق على شفا الانفجار. اكثر من 100 الف فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل ولا يرتزقون منذ نحو سنة كاملة، عشرات الاف رجال الامن الفلسطينيين الذين يتلقون رواتب مقلصة من 2000 شيكل وايران التي تشخص الامكانية الكامنة وتعرض المال لكل من هم مستعد لان يعمل ضد إسرائيل. كل من يعرف حجم قوات الجيش الإسرائيلي يعرف أنه سيصعب علينا مواصلة القتال القوي في غزة، في لبنان، واضافة الى ذلك ان نتصدى أيضا لحرب في الضفة. 

في غزة، بعد عشرة اشهر من القتال نضجت الظروف للانتقال الى مرحلة جديدة. حماس نشرت هذا الأسبوع بفخر الشريط عن رجالها الذين يحاولون اطلاق الصواريخ الى مركز البلاد لكن هذا الشريط كشف وضعها الحقيقي – مجموعة نشطاء يحاولون نصب صاروخين على منتصتين اعدتا على عجل من الخشب، يصعب عليهم حساب زاوية اطلاق النار، وفي النهاية يطلقون صاروخا يسقط في أراضي القطاع والثاني يسقط في قلب البحر امام يافا.

جيش حماس في غزة هزم. هو سيواصل الاشغال باطلاق النار هنا وهناك بإصابة القوات المناورة وحتى بمحاولات التسلل الى إسرائيل. لكنه لم يعد يشكل تهديدا ذا مغزى على إسرائيل. هذا جهاز عديم القيادة السياسية او العسكرية والذخيرة، وقد بدأ يفكر باليوم التالي لغزة. التقدير هو أن ستة أو سبعة فقط من الأشخاص في قيادة حماس كانوا شركاء في اعداد الهجمة على إسرائيل في 7 أكتوبر. لم يتبقَ منهم الا اثنان: الاخوان يحيى ومحمد السنوار. يحتمل أن يكون خليل الحية، الذي غادر القطاع قبل الهجمة، كان يعرف الموعد. لكن في حماس يفهمون بان مركز ثقلهم يوشك على الانتقال الى ارض أخرى. 

التقدير هو ان حماس ستحاول بناء استراتيجية هدفها الحفاظ على القدرة العسكرية خارج غزة، التي ستكون مكشوفة لاجتياحات مستمرة من إسرائيل. يحتمل أن يكونوا في حماس ينظرون الى أراض إقليمية أخرى في المنطقة كاماكن يمكنهم ان ينقلوا اليها ما يتبقى من ذراعهم العسكرية. المشكلة هي انه في مثل هذه الأماكن سيرتبطون بقدرات ميليشيات إيرانية وسيحظون بالتدريب والتوجيه. ولا يزال، هذا افضل من حماس على مسافة مئات الأمتار من بئيري ونير عوز. 

يفهم السنوار بانه بقي الان الأخير، وإسرائيل توظف افضل مقدراتها لقتله. معقول انه منذ تصفية محمد ضيف وهو يتخذ وسائل حذر متشددة على نحو خاص، ما يجعل اتصالاته بطيئة وصعبة. التحدي في المفاوضات التي بدأت امس في قطر سيكون تلقي الأجوبة منه. التحدي الأكبر لدينا هو حمل نتنياهو على النجاح لأول مرة منذ بدء الحرب، في التسامي فوق اعتباراته الصغيرة وقيادتنا الى مكان افضل، يضمن مستقبلنا الجماعي وليس فقط مستقبله الشخصي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى