ترجمات عبرية

معاريف: رُكل من الخزانة

معاريف 2/6/202بن كسبيت: رُكل من الخزانة

شكل الرئيس الامريكي جو بايدن أول أمس المستعرض الرسمي لساعة إسرائيل الأكثر مصيرية منذ قرار بن غوريون قول “نعم” مشروع التقديم واعلانه عن إقامة دولة يهودية في بلاد إسرائيل، هي دولة إسرائيل. لا يمكن التقليل من أهمية هذه اللحظة لمستقبلنا.

لقد أخرج بايدن اول أمس هذه اللحظة الى النور ووضعها تحت الأضواء. فقد تعلم درس اسلافه الذين حاولوا خوض مفاوضات مع نتنياهو واستنزفوا حتى الموت. جر نتنياهو من شعره الى خارج الخزانة التي اعتاد على أن يختبيء بها، كشف المقترح الإسرائيلي (الذي وقع عليه نتنياهو)، أوضح الوضع واكد المعضلة تأكيدا دقيقا وصافيا.

الان على نتنياهو أن يختار. ان يأخذ الجائزة الكبرى، الصفقة الجغرافية السياسية التاريخية الكبرى، التي تضع إسرائيل في مركز حلف إقليمي ضد التهديد الحقيقي على وجودها؛ او أن يواصل المراوحة في المكان بين غزة ورفح. أن يسير مع الأمريكيين، السعوديين، الاماراتيين وكل باقي حلفاء المحور المناهض للشيعة؛ او ان يسير مع ايتمار بن غفير، بتسلئيل سموتريتش وفتيان تلالهم وفتى التلال خاصته، المنفي الان في ميامي.

ما العجب في أن نتنياهو كان أول امس حسب التقارير، عصبيا مثلما لم يكن منذ زمن بعيد؟ فبعد أن القى عددا لا يحصى من الكرات في الهواء بتذمر لا بأس به على مدى سنوات جيل، كل شيء يحصل له دفعة واحدة. التسونامي السياسي يأتي محمولا على كيانات فضائية مضافا اليها هزة أرضية أمنية، حريقا سياسيا هائلا(التجنيد، اليوم في العليا)، مضافا اليه حصار متعدد الجنسيات، رئيس امريكي جدي ومصمم وحرب لا تبدو أنها تقترب من نهايتها.

نتنياهو ينظر يمينا، ينظر يسارا، ولا شيء حوله. لا مستشارين نوعيين، لا حلفاء هامين، لا سند يمكن الاعتماد عليه، يعالج في مثل هذه اللحظات بمهنية واتقان كل ما ينبغي أن يعالج. غانتس وايزنكوت في الطريق الى الخارج. بقي بن غفير وسموتريتش. تبقى هو، رون ديرمر ومنظم قلبه. ومع هذا ينبغي له أن ينتصر او على الأقل ان ينجو.

بايدن اعد واجباته البيتية. سمع تجارب هيلاري كلينتون، بل كلينتون، براك أوباما، فهم تكتيك نتنياهو، الذي يطلق دوما اقتراحات ويجري مفاوضات عابثة، يسير فيها شوطا بعيدا دون أن يسير. نتنياهو يبقي دوما على الغموض، مجال النفي، الفاصل بينه وبين اقتراحاته. وبالتالي جاء بايدن وقطع كل هذه الجلبة. ومثلما في حالة المؤامرة الصامتة، ركل نتنياهو الى خارج خزانة الغموض وعرض مقترحه هو نفسه. مقترح نتنياهو. وسأل السؤال البسيط: هل بيبي يؤيد اقتراح نتنياهو؟ نعم أم لا. دون تشويشات عقل او ترهات.

لقد جاء خطاب بايدن لنتنياهو (وكذا لحماس ولغانتس) بمفاجأة. في البداية سجل حرج. نتنياهو وقف منحرجا وزائغ البصر، رمش وتردد. بعد ذلك نشر بيان أول، متردد. في الغداة بيان ثانٍ، متردد اكثر، وكل ما اقتربنا من خروج السبت ودخول البن غفيريين، ازدادت الترددات والشروط والمصاعب، ولكن في السطر الأخير نتنياهو عالق. لغير الاقتباس يؤكد رجاله بانه يوجد بالفعل مقترح إسرائيلي وبايدن بالفعل عرضه. هنا هم يدخلون التحفظات، الشروط، واذا كانت حماس ستبقى في الحكم فهذه ليست نقطة انطلاق وكذا وكذا.

وبالفعل، كل هذا ينبغي ان يبقى لمرافعات العقاب. الان ما يريده بايدن هو جواب بسيط: هل نأخذ بهذا المقترح ام لا؟ فلا يوجد لبايدن وقت. هو الاخر توجد له متطلبات سياسية وهي ملحة جدا. يعرف أن في آب سيخرج القطار من المحطة وهو سيكون عشية الانتخابات. وهو يوضح لنتنياهو ان هذا إما الان والا أبدا.

نتنياهو يتسلى بأمل الا يكون هذا الان بل لاحقا عندما يدخل بايدن الى البيت الأبيض، في كانون الثاني. ماذا سيحصل حسب نتنياهو، حتى كانون الثاني؟ هذا أيضا ما لا يعرفه نتنياهو. المؤكد هو أن عشرات ان لم يكن مئات من الجنود الإسرائيليين الاخرين سيقتلون وسيصابون، ونحن سنبقى على مسافة نحو خطوة من “النصر المطلق”. نتنياهو ليس غبيا. هو يفهم هذا. الموضوع هو أن النصر المطلق لإسرائيل ليس هو ما يهمه بل نصره هو المطلق على طالبي روحه السياسية. وهذه قصة مختلفة تماما.

لا يوجد في غزة نصر مطلق في المدى المنظور للعيان. لا توجد ضربة وانتهينا. غزة ليست ركضا لمسافة 100 متر بل ميراثون مع عوائق. فلئن كان هذا في الضفة يجري منذ 22 سنة، ففي غزة سيجري لمدى لا يقل عن ذلك. وسيتواصل هذا كما اسلفنا بعمل عبثي، طويل، لتجفيف مستنقع الإرهاب وكاسحة العشب. هذا كما يقول بايدنيمكن لإسرائيل أن تواصل عمله. لكن لاجل السير مع الرئيس بايدن يجب انهاء مرحلة القتال الحالية والسير الى صفقة مخطوفين. نتنياهو يعرف انه اذا ما فعل هذا سيخسر الحكومة. نتنياهو لا يريد أن يخسر الحكومة حتى لو خسرنا نحن كلنا الدولة.

توقيت بايدن كان دقيقا، بضع دقائق قبل انسحاب غانتس وآيزنكوت. قبل يوم من خروج السبت ودخول بن غفير وسموتريتش. رد فعل كاتس كان يؤكد المعضلة. اذابقي سيصبح نكتة، اذا خرج سيصبح غير ذي صلة. المشكلة مع غانتس وايزنكوت هي انه باستثناء الاعتبارات السياسية فانهما وطنيان إسرائيليان مستعدان للتضحية كي يصلا بالدولة الى شاطيء الأمان. المشكلة هي ان لدى نتنياهو لا يمكنك ان تعرف اذا كانت الأضواء التي تراها هي شاطيء الأمان، ام غمزات بن غفير وسموتريتش.

لقد عرض بايدن على نتنياهو نصف الكأس المليء وبكلماته قال انه حان الوقت للتوقف على خيالات النصر المطلق والتحلي بالواقعية اخذ افضل الخيارات، تشخيص الفرصة التاريخية وعدم تفويتها.

معضلة نتنياهو هي الأصعب في تاريخها. فهذه المرة لا يمكنه أن يذيبها، يؤجلها، يسوف في الوقت ويستنزف الطرف الاخر. من يستنزف هو نحن وقريبا لن يكون طرف آخر. عليه ان يقرر. هو ليس معتادا على أن يقرر. نتنياهو لا يقرر الا في آخر لحظة.

لقد أوضح الرئيس الأمريكي بانه اذا ما اختارت إسرائيل الرفض فمن ناحيته انتهى الاحتفال ومن الان فصاعدا تتواصل إسرائيل بقواها الذاتية. أمريكا تدعم لكن اقل. الفيتو لن يفرض تلقائيا. كما أن ارساليات الذخيرة ستصل اقل. نتنياهو يأمل ان ينقلب هذا عندما يعود ترامب. من يستمع الى ترامب في الآونة الأخيرة ليس متأكدا. وماذا اذا لم يعد ترامب.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى