ترجمات عبرية

معاريف: رؤية مخادعة

معاريف 28/5/2024، دان شيفتن*: رؤية مخادعة

تطور مؤخرا في إسرائيل نزعة هاذية حول صفقة تعرض زعما عليها تلبي احتياجاتها الاستراتيجية الأساس مقابل اعلان عن وقف الحرب في غزة دون التخلي عن استئنافها. فضلا عن الضرر الجسيم بوقف الحرب قبل تثبيت خراب حماس كحكم سيادي (خلاف لـ “النصر المطلق”) فان ما يعرض كمقابل لذلك هو رؤية مخادعة: إعادة كل المخطوفين، تسوية في حدود لبنان، تطبيع مع السعودية وبديل فاعل من خلال سلطة فلسطينية اجتازت اصلاحا عميقا. اختبار الواقع، الصورة مغايرة من أساسها: ليس كل المخطوفين سيعودون. حماس لن تتنازل عن الورقة الأساس التي بواسطتها تأمل بترميم مكانتها في القطاع، اخضاع إسرائيل وضمان الحصانة لنفسها. وهي تتصلب في مواقفها في ضوء الانتقاد الأمريكي الحاد والمتواصل واملاء الشروط الإنسانية، قرارات معادية في الأمم المتحدة وخطوات حقيرة في هيئات القضاء الدولي. في أفضل الأحوال، سيتاح تخفيص قليل من المخطوفين، في ظروف ستجعل من الصعب اعادة سكان الغلاف بامان الى بيوتهم، تنزع من إسرائيل أوراق مساومة لتخليص الاخرين وتشدد الضغط لتحرير مجموعة أخرى بشروط لا تطاق. 

تسوية في لبنان لن تنجح في الاختبار. فقبول املاءات حماس سيزيل عن حزب الله الخوف من مناورة في لبنان وينزع الدافع الأساس لابعاد قواته عن حدود الشمال. اتفاق امريكي سيكون عديم القيمة دون خيار إسرائيلي لفرضه بالقوة عندما يخرق بشكل زاحف. الولايات المتحدة ستتجند كي تمنع عن إسرائيل صيانة عنيفة مصممة ومتواصلة، طالما لم يفتح حزب الله النار حتى استكمال استعداداته. الصمود امام الضغط الأمريكي في غزة حيوي لمصداقية الردع في لبنان. بدونه لا يمكن إعادة سكان الشمال الى بيوتهم وتحقيق جوهر الفكرة الصهيونية. 

التطبيع لا يوجد على جدول الاعمال. تعزيز مكانة إسرائيل الإقليمية حرج بالفعل لامنها القومي وعلاقات الثقة والتعاون مع السعودية تساهم في ذلك كثيرا. غير أنهم في الرياض يريدون أن يروا الخراب التام للاخوان المسلمين وتعلموا بالطريقة الصعبة التشكيك بتوقعات وسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. السعوديون معنيون بإسرائيل مصممة، تكمل مهمتها في غزة. الرأي العام العربي على أي حال لا يسمح، في الأشهر القريبة القادمة، بالاحتفال بالتطبيع مع إسرائيل، وما هو مهم بلا قياس هو شراكة في اطار دفاعي إقليمي برعاية القيادة الوسطى الامريكية.

لا يوجد احتمال لسلطة فلسطينية فاعلة كبديل لحماس في غزة. فقد تعلم الفلسطينيون بان هجوما وحشيا على إسرائيل يجند قسما كبيرا من الرأي العام العالمي ويفرض حتى على زعماء الدول العربية، الذين يحتقرونهم ويريدون الشر لهم ليقدموا دعما لمطالبهم. وعليه، فيوجد لهم صفر دوافع لتغيير صيغتهم العنيفة والمتباكية. إضافة الى ذلك لا يوجد احتمال لان يقاتلوا الإرهاب الحماسي في غزة. وهم حتى لا يحاولون التصدي لها في جنين، في نابلس وفي طولكرم رغم انها تعرض حكمهم للخطر. 

اذا اغريت إسرائيل على هذا الخداع الذاتي “الآني” بشأن صفقة وهمية، فانها ستبقى بدون تثبيت خراب حماس، بدون معظم المخطوفين، بدون ترتيبات امنية تسمح بإعادة سكان الغلاف وحدود الشمال الى بيوتهم، بدون تطبيع وبدون بديل لحماس في غزة. والأخطر من كل شيء ستفقد أوراق مساومة لازمة لتحقيق اهداف قومية حيوية في المنطقة في صراع صبور وطويل، فرص نجاحه كبيرة. 

 

* رئيس البرنامج الدولي لدرجة الماجستير للامن القومي في جامعة حيفا ومحاضر في برنامج الامن في جامعة تل أبيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى