معاريف: دولة تفر من سواء العقل

معاريف – أفرايم غانور – 17/4/2025 دولة تفر من سواء العقل
نحن، مواطني دولة إسرائيل ممن لا نزال نحافظ على سواء العقل وحالتنا الطبيعية في ظل هذه الفوضى التي نشأت هنا نعلن بقلق عظيم جدا: “عشية يوم الاستقلال الـ 77 لدولة إسرائيل يثور هنا تخوف شديد جدا من أن تكون هذه الدولة الرائعة، تفقد سواء العقل، الحقيقة التي تبعث على قلق شديد على استمرار وجودها”.
هذا بيان – اعلان يجب أن يظهر في هذه الساعات في كل وسائل الاعلام، على اليافطات في الطرقات، في كل مدينة وقرية، في كل زاوية وشارع في دولة إسرائيل. في ضوء الواقع الذي نشأ هنا هذه الأيام، فان كل طبيب عقلي مبتديء كان سيقر بان الدولة التي تهاجم فيها الحكومة بغضب أجهزتها الأمنية، تلك التي تكشف، تحقق وتعتقل من يسربون وثائق سرية ويخونون قدس الاقداس، هي دولة تفقد سواء عقلها – قطعيا.
دولة، وزير ماليتها الذي كان بنفسه معتقلا وخضع للتحقيق لدى الشباك في حينه على اعمال ضد الدولة، ليس مستعدا لان يجلس لبحث أمنى يفترض ان يبحث فيه في مصير مخطوفينا في اثناء الحرب، هي بالفعل دولة فقدت سواء العقل.
دولة وزير الامن القومي فيها هو مجرم سابق مدان، يسمح لنفسه بان يتهجم على رئيس الشباك، على قيادة الجيش، على المستشارة القانونية وعلى كل من لا يسير معه على الخط، هي دولة غير سوية العقل.
دولة فيها وزير الدفاع، رئيس الأركان، رؤساء الشباك وقيادة الجيش الإسرائيلي على اجيالهم اصبحوا أعداء الشعب والدولة، هي بالفعل دولة فقدت سواء عقلها.
حسب مذهب هذه الحكومة يتبين أننا بأثر رجعي علينا على الاطلاق ان نطلب السماح وربما أن نعوض أيضا مردخاي فعنونو، “جاسوس الذرة”، “ضحية” أخرى لأجهزة امن دولة إسرائيل. فهو بالاجمال فعل الى هذا الحد أو ذاك ما فعله موظفو مكتب رئيس الوزراء و أ من الشباك الذي اعتقل.
فعنونو، الذي كان فنيا في دار البحوث النووية في ديمونا، واقيل، اخذ الصور التي التقطها في حينه، ارفق بها رسما من الذاكرة للموقع وسلمها لصحافي بريطاني من “الصاندي تايمز”.
على هذا اختطف، جلب الى إسرائيل وحكم عليه 18 سنة في السجن. وكل ما فعله هو انه اعطى لصحافي بضع صور ورسم.
فعنونو ليس وحيدا. في سيرة الحياة “الرهيبة” هذه لجهاز الامن الإسرائيلي يوجد أيضا ماركوس كلينجبرغ احد الجواسيس الأبرز الذين اعتقلوا هنا، وكله بسبب التصميم، اليقظة والقدرة الرائعة للشباك والموساد. حسب مذهب أولئك الذين يهاجمون اليوم الشباك ورئيسه، فان كلينجبرغ أيضا ما كان يفترض ان يعتقل، كونه بالاجمال نقل بضع وثائق للمعهد البيولوجي في نس تسيونا لمشغليه السوفيات. وقد فعل هذا لاعتبارات أيديولوجية فقط، ولم يتلقَ لقاءه ولا اغورة واحدة.
لولا الشباك ومن وقف على رأسه ايسار هرئيل الراحل، فان إسرائيل بار، كبير الجواسيس الذين نجح السوفيات في زرعهم في قلب قيادة الدولة ما كان ليقبض عليه. بار، الذي اطلع في حينه على اكثر الاسرار كتمانا للدولة وجلس في الكريا في غرفة مجاورة لغرفة رئيس الوزراء ووزير الدفاع دافيد بن غوريون، اشتبه به كجاسوس على مدى الزمن رئيس الشباك والموساد هرئيل.
روى لي هرئيل في لقاء مشوق لاحقا فقال: “عرفت أنه لا يمكنني ان آتي لبن غوريون وأقول له ان هذا الرجل الذي تقدره وتحبه كثيرا هو جاسوس. بن غوريون كان سيوبخني وسيضيف باني مصاب لا علاج له بجنون الاضطهاد رغم العلاقة الممتازة بيننا. ولهذا فقد استهدفنا بار بملاحقة وثيقة جدا.
“عرفت اننا في نهاية الامر سننجح في الإمساك به في لحظة الحقيقة، التي بالفعل جاءت في اذار 1961، عندما امسك به مع حقيبة الوثائق التي أراد تسلميها لعملاء السوفيات الذين زرعوا هنا تحت غطاء موظفي السفارة السوفياتية. نعم، حتى إسرائيل بار نقل بالاجمال بضع وثائق من مكتب رئيس الوزراء للسوفيات.
وعليه فان ادعاءات كل أولئك الذين يدافعون ويحمون اليوم أولئك الذين يحقق معهم في قضايا انكشفت مؤخرا هي ادعاءات باطلة. هم يحاولون تجميل الظاهرة الرهيبة هذه بادعاء ان هذا هو تسريب آخر من تسريبات كثيرة كتلك التي تسرب من جلسات لجنة الخارجية والامن للصحافة، تسريبات ذات اهداف إيجابية – لايقاظ واطلاع محافل في الحكومة وفي الشعب.
إذن مع كل الاحترام، عفوا، لكن لا يدور الحديث هنا عن تسريب بل عن سوء ائتمان وخيانة. من يخرج وثيقة سرية من قدس الاقداس وينقلها الى اياد غريبة هو خائن. نقطة. فقط في دولة غير سوية العقل يمكن الادعاء بكل الجدية بان هذه مجرد ظاهرة طبيعية مقبولة بل وحتى مرغوب فيها تماما مثل حقيقة أن موظفين في مكتب رئيس الوزراء يوجدون على سجل الرواتب في قطر.