معاريف: خلق الأردن نوعا جديدا من السلام الهجين

معاريف 6/7/2025، د. موشيه العاد: خلق الأردن نوعا جديدا من السلام الهجين
لو كنت رساما كاريكاتيريا لرسمت يدا إسرائيلية تطعم وتسقي المواطن الأردني، وهذا في رده يكشف عن انيابه ويعضها. رفض منتخب الشبيبة الأردنية في كرة السلة اللعب ضد منتخب إسرائيل في بطولة العالم التي تجرى هذه الأيام في سويسرا كانت صفعة أخرى من دولة عربية توجد في اتفاق سلام مع إسرائيل. دولة تتلقى من إسرائيل مقدرات باهظة القيمة، وردا على ذلك تبدي عداء ونكرانا للجميل.
اتفاق السلام بين إسرائيل والأردن الذي وقع في 1994 يقضي بان تزود إسرائيل الأردن بنحو 50 مليون متر مكعب من الماء في السنة، وبعد طلباء واستجداءات اردنية، رفعت الكمية الى 100 مليون متر مكعب. اتفاق إضافي، من العام 2016 يقضي بان توفر إسرائيل “لجهات اردنية” كمية هامة من الغاز الطبيعي على مدى 15 سنة. كما أن اتفاق السلام يمنح الأردن قدرة وصول مباشرة الى السوق الاسرائيلية والحق في التعاون الاقتصادي، السياحي التكنولوجي والزراعي. والميزة الأهم – الأردنيون يتمتعون بتنسيق امني مثمر وناجع مع إسرائيل.
وماذا يمنحنا الأردن بالمقابل؟ وجبات دسمة من نكران الجميل، وفرة أعداء عام، موجات من التحريض التي لا تتوقف ضدنا في المساجد وفي وسائل الاعلام، مظاهرات جماهيرية واسعة ومقاطعة على السياحة لإسرائيل. كل هذه الوفرة تعطى لنا باذن الملك عبدالله الثاني، الحاكم كلي القدرة في المملكة. من التقوا في الماضي مع الملك يدعون بان الرسالة التي تصدر عن قصره هي رسالة اعتذار، بموجبها جمهور في اغلبيته الفلسطينية وان كان معديا لإسرائيل، لكن اتفاق السلام بين الدولتين والتعاون بينهما كان ولا يزال ذخرا استراتيجيا. ذخرا استراتيجيا لمن؟
وهكذا بالتالي فقد اوجد الأردن نوعا جديدا من السلام – سلام هجين: يوجد فيه خداع أيضا يتمثل بالحصول على مقدرات باهظة القيمة وفي نفس الوقت الاعراب عن العداء تجاه من يوفرها. سياسة الاخلاق المزدوجة هذه من جانب الملك عبدالله تبرر في انه ملزم بان “يهديء” الشارع من خلال دعم علني لسياسة العداء التي تنتهجها المؤسسات المختلفة الدينية والعلمانية على حد سواء، لكنه يوضح بانه يعرف كيف يتخذ خطوات صعبة حين تكون حاجة الى ذلك. من يدفع ثمن السياسة غير المستقرة هذه هي إسرائيل.
الملك يمكنه بلفظة منه ان يأمر بمشاركة لاعبي كرة السلة الأردنيين في المباراة، لكن هذا بالضبط هو لقمة اللحم من النوع الذي يلقي بها الى شعبه كي يسد افواهه. في الأردن نشرت تبريرات مختلفة تعلل عدم مشاركة منتخب كرة السلة في المباراة امام منتخب إسرائيل – من “الخوف من الضرر الجسدي للاردنيين من جانب لاعبي كرة السلة الاسرائيلييين ومؤيديهم” وحتى الرغبة في منع كل تعبير عن التطبيع مع إسرائيل، الذي هو التعليل الصحيح. زعماء الدول العربية الذين وقعوا على اتفاقات إبراهيم في 2021، وزعماء دول أخرى توشك على ما يبدو على الانضمام الى الاتفاقات، ينظرون من الجانب ويتساءلون هل هذا سلام مجد؟