ترجمات عبرية

معاريف: حل واشنطن

معاريف – آنا برسكي – 31/1/2025 حل واشنطن

يوم الأحد القادم سيقلع بنيامين نتنياهو في طائرة جناح صهيون الى واشنطن للقاء تقرر له يوم الثلاثاء مع الرئيس دونالد ترامب. نتنياهو سيسجل إنجازا سياسيا حتى قبل أن يدخل الى الغرفة البيضوية: فهو سيكون الزعيم الأجنبي الأول الذي يدعى الى البيت الأبيض في الولاية الرئاسية الثانية لترامب. انجاز وان كان فنيا جدا، لكن مع الاخذ بالحسبان رواسب الماضي على خلفية حدث التهنئة التي أرسلت من مكتب رئيس الوزراء للرئيس المنتخب جو بايدن في العام 2020، هذا أيضا ليس مفهوما من تلقاء ذاته.

يحتمل أن في الماضي، في واقع ما قبل 7 أكتوبر، كان نتنياهو ورجال مكتبه سيكتفون بإنجاز “المستوى الاخر” هذا- لكن ليس اليوم. اليوم بنيامين نتنياهو بحاجة الى الكثير جدا اكثر من الاستعراض المغطى إعلاميا للمحبة والود. رئيس وزراء إسرائيل، الذي يطير الى لقاء مع الرئيس الأمريكي فيما يجري فريقه مفاوضات للمرحلة الثانية من اتفاق وقف النار – ملزم أن يجلب من واشنطن إنجازات جوهرية ومصيرية. توجد له، بالطبع، قائمة طويلة من المواضيع التي اعدها استعدادا للحديث في يوم الثلاثاء، ولا بد اننا سنتطرق اليها. لكن أولا وقبل كل شيء ستكون مهمة نتنياهو مثلما في فيلم التوتر الهوليوودي – جلب حل للغز الذي يبدو في هذه اللحظة عديم الحل. 

إسرائيل وحماس تدخلان الى مفاوضات فيما يبدو هدف كل واحد من الطرفين يتعارض بشكل مطلق مع هدف الطرف المقابل. إسرائيل مستعدة لان تنهي الحرب في غزة شريطة أن تنهي حماس وجودها كمنظمة مسلحة ذات سيطرة مدنية، سياسية وعسكرية. حماس تتطلع الى الوضع المعاكس: إسرائيل تنهي وجودها في غزة، وان تكون هي من تحكم فيها عسكريا، سياسيا ومدنيا. الرئيس الامريكي من جهته يطلق اقوالا توفر أملا لكل واحد من الطرفين. ترامب يريد أن يرى نهاية للحرب في غزة – وفي نفس الوقت لا يريد أن يرى في غزة منظمة الإرهاب حماس. 

الهدف الأعلى لبنيامين نتنياهو في الزمن الذي خصص له في الغرفة البيضوية، سيكون اقناع ترامب بان هذين العنصرين لا يسيران معا. بمعنى، انهاء حرب سريع، لكن حماس تبقى، تحكم وتعود لتتعاظم؛ او ابعاد حماس بالضبط وفقا لارادة الرئيس الأمريكي، لكن لاجل أن يحصل هذا مطلوب واحد من الاثنين: حل سحري او استئناف الحرب. وليس مجرد “استئناف”. اذا كان لا بد من العودة الى القتال – فهذه المرة في إسرائيل يريدون ان يفعلوا هذا بشكل مختلف. بدون الأساليب العابثة التي فرضتها إدارة بايدن على الجيش الإسرائيلي: يد يمنى تضرب العدو، ويد يسرى تطعمه بالمساعدات الإنسانية. نتنياهو يؤمن بالقتال القوي دون ذكر طريقة الاجتياحات التي افلست ودون الاحياء الاجباري للعدو. للدقة، نتنياهو يؤمن بان التهديد المصداق بقتال قوي قادر على أن يكون بالنسبة له حلا سحريا يلتقي بمطلبي ترامب: انهاء الحرب في غزة، وانهاء حكم حماس. 

الايادي ايادي حماس

في هذا الشأن، الجناح الصقري في الحكومة والذي تقلص الى شريك فاعل واحد – الصهيونية الدينية برئاسة الوزير بتسلئيل سموتريتش يمكنه أن يكون هادئا. نتنياهو لم يكذب على سموتريتش حين وعده بالعودة الى الحرب بغياب تحقيق أهدافها بطريقة أخرى. وهو حقا يرى في هذا خيارا وحقا يعتزم ان يقول هذا لدونالد ترامب. هو فقط يؤمن بانه يمكن بناء السيناريو الثالث: ليس استسلاما لحماس كثمن إعادة كل المخطوفين، وليس تنازلا عن جزء كبير من عودة المخطوفين كثمن العودة الى الحرب. 

نتنياهو يؤمن بانه اذا ما نجح في اقناع الرئيس الأمريكي، بان هذا فقط واحد من الاثنين، ويتأكد من أن ترامب، بخلاف سلفه الديمقراطي، لن يحاول أن يفرض على إسرائيل، “سلاما بكل ثمن” – فان مجرد هذا الفهم سيقنع مسؤولي حماس غزة بشكل افضل من كل حملة اقناع أخرى بان وضعهم حقا ضائع، وانهم حقا مع الظهر الى الحائط. من ناحية إسرائيل الشرط اللازب سيكون نزع سلاح حماس ونفي زعمائها، تجريد غزة وإقامة حكومة انتقالية بهذه التركيبة أو تلك. بنيامين نتنياهو ليس مسعدا لان يوافق على اقل من هذا، بما في ذلك الخيار القديم لـ “حكومة تكنوقراط” ظاهرية فيما يكون الصوت صوت التكنوقراطيين، والايادي ايادي حماس.

“حلوى واسمها السعودية”

ماذا يفكر في هذا الرئيس ترامب، ليس واضحا بعد. في هذه الاثناء في إسرائيل يتلقون رسائل، تلميحات واقوال ويحاولون أن يركبوا من كل هذه لوحة فسيفساء واحدة. هكذا، مثلا، على خلفية اقوال ترامب الأخيرة عن فكرة النقل المؤقت للغزيين الى دولة أخرى ما، فان الرسالة الامريكية التي تلقتها القدس تتحدث عن فكرة ملموسة تقف من خلف الاقوال باهظة الثمن. يتبين أن رجال ترامب نقلوا منذ الان مقترح الصفقة لاحدى دول المنطقة: دعم امريكي اقتصادي مقابل موافقة تلك الدولة على أن تستوعب مؤقتا! مئات الاف الغزيين. ليس واضحا بعد، اذا كانت الدولة موضع الحديث أعطت موافقتها بخلاف الأردن، مصر ودول أخرى فزعت ورفضت. لكن مجرد الفكرة شجع ومنح القدس تفاؤلا بشكل عام. 

الى جانب التفاؤل الحذر، في إسرائيل يفضلون الإبقاء على النهج الواقعي. الفهم هو أنه حتى لو نجحت المفاوضات للمرحلة الثانية التي ستبدأ الأسبوع القادم في التقدم دون أن تتفجر فان حملة الضغط على حماس ستستغرق زمنا أطول من عدد الأيام التي خصصها الاتفاق للمفاوضات بين الطرفين.

في إسرائيل سيحاولون تمديد الوقت قدر الإمكان. اذا أعربت حماس عن اهتمامها بمواصلة المفاوضات سيكون ممكنا محاولة هندسة نوع من الاتفاق داخل الاتفاق: استمرار تحرير المخطوفين مقابل المزيد فالمزيد من أيام المفاوضات. كلما كان ممكنا الإخراج من الجحيم الغزي مخطوفا واحدا إثر آخر على الأقل – من ناحية إسرائيل يمكن للمفاوضات أن تستمر دون قيد زمني. بالنسبة لهذا السيناريو يوجد، بالطبع غير قليل من الشكوك – فمنذ بداية المرحلة الأولى للصفقة، المرحلة التي اتفق ووقع عليها – حاولت منظمة الإرهاب خرق وشد الحدود قدر الإمكان.

وعليه، ففي إسرائيل يؤمنون أقل بالعقل السليم لمسؤولي حماس، ويؤمنون اكثر بالضغط الذي تمارسه قطر ومصر ومن شأنهما أن يمارساه بقدر اكبر على قادة منظمة الإرهاب. “هذا يحصل بفضل أثر ترامب تماما”- يقول مصدر مطلع على ما يجري – “الضغط الذي مارسه ترامب على قطر هو مئة ضعف مقارنة بما حاولت إدارة بايدن ان تعرضه كضغطها على الوسطاء”. 

وماذا عن الورقة المظفرة؟ الجائزة الكبرى التي في حينه كنا على مسافة خطوة عنها، اتفاق التطبيع مع السعودية؟ ليس صدفة أن مبعوث ومقرب ترامب، ستيف ويتكوف بدأ زيارته الإقليمية ليس في القدس بل في الرياض. مسؤولون كبار في إسرائيل يدعون بان الاتفاق شبه نضج – ان لم يكن نضج تماما. ما ينقص لاجل تنفيذ التفاهمات الهادئة من ناحية السعوديين هو انهاء الحرب في غزة. فهل يمكن تحليل خطوة التطبيع قبل ذاك النصر المطلق الذي يظهر في اهداف الحرب؟ على هذا السؤال أيضا يحاول بنيامين نتنياهو أن يحصل على جواب يوم الثلاثاء القريب القادم.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى