معاريف: حزب الله يتلقى ضربات قاسية لكنه بعيد عن الانكسار ويستعد لمواجهة طويلة
معاريف 1/11/2024، جاكي خوجي: حزب الله يتلقى ضربات قاسية لكنه بعيد عن الانكسار ويستعد لمواجهة طويلة
من لم يرَ بيان وزير الدفاع يوآف غالنت يوم الجمعة مساء فوت استعراضا لامعا لحديث متبجح من النوع الذي يفهمه حزب الله جيدا. قبل بضع ساعات من ذلك كانت قيادة حزب الله أعلنت عن نعيم قاسم كبديل عن حسن نصرالله. لم يتح غالنت للامين العام الجيد حتى ولا يوم رحمة واحد. في تغريدة على التويتر ارفقت بها صورة قاسم كتب فيها وزير الدفاع بالعربية وبالانجليزية: “التعيين مؤقت، العد التنازلي بدأ”.
لا يوجد ما هو أوضح من هذه الصيغة كي ترسل الى بيروت رسالة تقول ان قاسم هو من ناحية إسرائيل ليس فقط هدفا مشروعا بل وأيضا هو الهدف التالي. وفي الغداة القى قاسم خطابه الأول في منصبه. بعد نصف ساعة تقريبا قطع الخطاب لبضع دقائق. وروى الصحافي عميت سيغال بانه في حديث في مكتبه قال نتنياهو بتهكم انه لعل الامر يلمح بشيء ما. ولم يتخلف وزير الخارجية إسرائيل كاتس حيث كتب في حسابه على التوير “نعيم قاسم يعد بالسير في طريق نصرالله. سنتأكد من أن يحصل هذا قريبا”.
لغة المافيا هي اللغة التي يتحدث فيها حزب الله منذ 42 سنة معنا ومع ذاك القسم من الشعب اللبناني غير مستعد لان يأتمر بإمرته. هذه لغة قوة تعوزها كل كياسة ومفعمة بالثقة بالنفس. بالفعل، حياة قاسم في هذا الوقت هي في يد إسرائيل. فاذا ارادت القيادة الإسرائيلية أن تقتله قتلته. واذا ارادت ان تعفيه عفت عنه. لم يسبق أن كانت حياة زعيم حزب الله زهيدة بهذا القدر، ونعيم قاسم يعرف هذا.
غير أن هذه اللغة تنم أيضا عن خيبة امل هذه الأيام. فإسرائيل تجد صعوبة في أن تفرض على حزب الله التسوية التي كانت تريدها. فالمنظمة المتمردة تستعرض العضلات ولا تستجيب لمطالب القدس. وزير الدفاع يعرف جيدا كل هذا وعليه فقد وجه مسدسا الى رأس نعيم قاسم. لو كان قاسم يبدي مرونة في الاتصالات، لما كانت التغريدة تلك نشرت.
إسرائيل تطلب في المفاوضات ان تمنح لنفسها مساحة عمل في لبنان من النوع الذي لم يكن في يديها لسنوات. قوة اليونيفيل لم تكن معدة لان تقاتل بدلا منا. هؤلاء هم مجرد مراقبين. مهمتهم أن يتلقوا شكاوى الطرفين عن الانتهاكات وان ينقلوا الرسائل بينما او أن يحذروا عندما ينتهك هذا الطرفين الاتفاقات الدولية. اما عمليا، فان حزب الله وإسرائيل فعلا في لبنان ما يشاءان. هؤلاء في الجو وفي البحر وأولئك في البحر. والان تطلب إسرائيل قوة دولية معززة تتمتع بصلاحيات الاشراف وتحرص على الا يهرب حزب الله السلاح الى لبنان ولا يجلب منصات وصواريخ الى الجنوب ولا يجعل البلدات والقرى قواعد عسكرية. ان تعمل هذه القوة في جنوب لبنان وفي معابر الحدود مع سوريا، في مطار بيروت وفي كل موقع قد يستخدمه رجال حزب الله لأغراض عسكرية. إضافة الى ذلك تطلب إسرائيل حرية عمل لجيشها في حالة وجود تهديد من لبنان. وان يكون كل عمل هجومي له بروح الاتفاق لا يعتبر انتهاكا بل حق مشروع.
لدى قاسم يوجد مزاج
استخدمت قيادة حزب الله الفيتو على هذه المطالب. صحيح أنها مستعدة للتسوية لكن بروح إقرار مجلس الامن 1701 الذي جاء في نهاية حرب لبنان الثانية وأعطى للجيش اللبناني الصدارة وقضى بان ينتشر على طول الحدود مع إسرائيل كجيش سيادي. بعد الحرب إياها بقليل بدأ حزب الله يحتل مكان الجيش اللبناني فانهار قرار الأمم المتحدة 1701. ليس صدفة ان قيادة حزب الله توافق ع لى العودة الى القرار إياه بل هي متحمسة لذلك وبلا عجب. هكذا رمم نفسه وسيفعل للجيش اللبناني ما فعل به منذ 2006 فما بعد.
ليس لحزب الله الكثير من الخيارات غير أن يقول لا لقائمة المطالب الإسرائيلية. فحقيقة أن مقاتليهم يصمدون امام الجيش الإسرائيلي ويرودن الحرب تمنحهم مجال العمل الذي يتيح الرفض. الموافقة ستعتبر بالنسبة لهم استسلاما وهم بعيدون عن ذلك. بعد هذه السنة، والمكان الدون الذي قادوا لبنان اليه – الخراب، النازحون، الخسائر – اذا نزلوا على ركبهم فسيكون هذا إهانة لسنوات أخرى الى الامام. “يريدوننا ان نستسلم كي يسيطروا على حياتنا، على مستقبلنا وعلى مسقبل الأجيال”، قال نعيم قاسم في خطابه أول امس.
يتذكرون 1982
في حزب الله يعتقدون ان إسرائيل تعتزم مواصلة القتال باشهر أخرى بل والوصول الى بيروت في عملية برية مثلما فعلت في 1982. وهم يتذكرون التاريخ بشكل افضل منا ويعرفون ان العادة تتكرر. صحيح أنهم يفقدون مقاتلين لكن لهذا الغرض هم موجودون. للقتال وبل وللتضحية. هم سينتظرون الجيش الإسرائيلي في بيروت، ساحتهم البيتية وهناك سيأملون بالنصر. اذا لم ينتصروا فعلى الأقل لن يرفعوا علما ابيض، مثل الفلسطيني المحبوب لديهم هذه الأيام يحيى السنوار.
رغم كل ما قيل أعلاه، تسجل إسرائيل تفوقا كبيرا على اعدائها. فالجيش فكك حماس. وفرض على ايران الرعب. بفضل حزب الله انكشف على الملأ وجود سلاح سري لدى جهاز ا لامن. القدرة على معرفة اين يوجد كل واحد من قادة العدو، في كل مستوى ومهاجمته مباشرة. هذه وسيلة غامضة وغير مسبوقة. الى جانب التفوق الواضح في الجو وفي ميدان المشاة يوجد الجيش الإسرائيلي اليوم على الحصان امام اعدائه في غزة، في بيروت وفي طهران.
لقد علم التاريخ بان هذا التفوق عابر. وعليه فمن الأفضل استخدامه لنصر سياسي وتسويات تجدي إسرائيل. هذه لحظة مناسبة وعلى إسرائيل أن تعقل استغلالها. اذا فوتت فرصة تصميم الواقع عندما يكون اعداؤها مضروبين فان هذا التفوق من شأنه أن ينفد. اعداؤنا سيرممون قدراتهم وسيرغبون في القتال مرة أخرى – مثلما فعلوا بعد كل مواجهة في الماضي.