ترجمات عبرية

معاريف: جزء من المواجهة العالمية

معاريف 17/9/2024، زلمان شوفال: جزء من المواجهة العالمية


مر أسبوع منذ المواجهة بين ترامب وهاريس، لكن أثرها يتواصل في وسائل الاعلام وفي الخطاب الجماهيري. ترامب، على طريقته، بالغ في تنبؤاته المتشائمة، في مواضيع إسرائيل أيضا، لكن يسمع ويبدو رئاسيا اكثر مقارنة بهاريس التي كانت مبرمجة ومروضة. ان حقيقة ان تأييد مغنية بوب شعبية تدعى تايلور سويفت لهاريس حظيت بنشر واسع على نحو خاص في وسائل الاعلام تقول شيئا ما عن مستوى السياسة (والاعلام) في الولايات المتحدة. الانتباه عندنا، كما كان متوقعا، كان أساسا للمقاطع عن إسرائيل والشرق الأوسط، وان كانت قصيرة نسبيا، كان فيها ظلال يمكن ان نتعرف منها على نوايا سياسية في المستقبل. 

صحيح أن هاريس كررت شعار “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”، والذي يكاد كل سياسي في الغرب يكرره بشكل ثابت، لكن ملاحظاتها على شكل قتال إسرائيل يمكنها أن تفسر كنقد مبطن على استمرار المعركة في غزة وكذا التوازي بين معاناة الإسرائيليين ومعاناة الفلسطينيين، يثير علامات استفهام. فقد كانت بالتأكيد دقيقة حين كررت عدة مرات جملة “لستُ بايدن”، وليس بالضرورة إيجابا. مقلقة بقدر لا يقل كانت الصلة في اقوالها بين انهاء الحرب و “خطة الدولتين” التي تدل على تجاهل، او على الأقل سوء فهم أساس لنوايا حماس في 7 أكتوبر، والتي انكشفت في وثيقة نشرت في الصحيفة الألمانية “بيلد” وينبع منها بوضوح ان هدف حماس كان اخضاع وسحق إسرائيل من الخارج ومن الداخل وليس الوصول الى تسوية سياسية لدولتين أو أي تسوية سياسية. هاريس ومستشاروها وان كانوا يحاولون بث تأييد تقليدي لإسرائيل وبخاصة حتى يوم الانتخابات، لكن ينبغي الافتراض بانها اذا ما انتخبت فانها لن تستطيع بل ولن ترغب في ان تبتعد اكثر مما ينبغي عن الميول اليسارية في قسم من حزبها بما في ذلك في شؤون إسرائيل.

لكن اذا ما عدنا الى المواجهة، فان طريق ترامب أيضا في موضوع الحرب ليس منثورا بالورود بالضرورة، إذ انه هو أيضا من شأنه، حسب تصريحات مختلفة” ان يضغط على إسرائيل ان تنهي الحرب دون ان تحقق هذه أهدافها – لانه بلا فرق عن هاريس هدفه الأساس هو منع نزاع إقليمي واسع. جدير بالإشارة الى أن بيرت ستيفنز، محلل كبير للسياسة الخارجية في “نيويورك تايمز” والذي بشكل عام لا يميل الى الرقة مع رئيس الوزراء يقضي في مقاله في 3 أيلول بان موقف نتنياهو في أنه لا ينبغي الانسحاب من محور فيلادلفيا محق تماما.

بلا صلة مباشرة بالمواجهة تم قبل بضعة أيام منها حدث آخر لمجرد وجوده الشاذ ونتائجه توجد آثار على مستقبل الوضع العالمي وعلى السياسة الخارجية الامريكية سواء جلس ترامب في الغرفة البيضوية ام هاريس. رئيس السي.اي.ايه الأمريكية بيل بيرنز، ورئيس وكالة الاستخبارات البريطانية ام آي 6 ريتشارد مور وقفا على نحو مشترك وبلا تردد على التهديدات التي يقف امامها العالم الحر – تحذير يذكر لمن يعرف التاريخ بـ “البرقية الطويلة” التي بعث بها الدبلوماسي الأمريكي جورج كنان في 1946 من السفارة الامريكية في موسكو وحذر فيها من النوايا الأيديولوجية والهجومية للاتحاد السوفياتي. في مركز التحذير لرئيسي الاستخبارات يوجد التعاون العسكري بين روسيا، الصين، ايران وكوريا الشمالية. لا اعرف مور شخصيا لكن بيرنز ذا الخلفية الدبلوماسية والتجربة الغنية هو شخص لا يميل الى المبالغة والمراوغة.

تناول بيرنز أيضا غزة، وقف النار والمخطوفين وكرر بخطوط عريضة الموقف الأمريكي الثابت أي ان إسرائيل قبلت المنحى الأمريكي لكن حماس تواصل رفضها. الرسالة البارز في أقواله وفي اقوال نظيره البريطاني كانت ان النظام العالمي بعمومه، كنتيجة للتعاون بين الجهات آنفة الذكر يوجد في خطر كما لم يكن منذ الحرب الباردة وان القاسم المشترك بينها هو السعي الى تقويض النظام العالمي القائم في كل المجالات. القوة المحركة والمؤثرة الأكبر هي الصين، فيما يعمل شركاؤها تحت مظلتها لتحقيق أهدافهم الخاصة – روسيا في أوكرانيا وايران في الشرق الأوسط. كما ان تهديد الإرهاب العالمي لم يغب عن تحذيرهما، بمعنى ان “التحديات في الصراع ضد الأركان تفاقمت واتسعت بسبب التغييرات التكنولوجية”.

مهما كانت هامة اقوال رؤساء الاستخبارات الغربيين حرجة اكثر ستكون الاستنتاجات العالمية التي سيستخلصها العالم الغربي منها، واولا وقبل كل شيء أمريكا، التي بعد نحو 100 يوم ستتوج قياد جديدة من الصعب تحديد اتجاهات سياستها. وكما ذكرتنا هاريس فهي ليست بايدن، لكن باي قدر سيكون ترامب ترامب؟ رئيسا الاستخبارات شددا بشكل واضح على العلاقات المصلحية بين الصين، روسيا، ايران وكوريا الشمالية، لكنهما لم يوضحا اذا كان هذا سيؤثر مثلا على قادة الغرب في سياستهم المحددة، بخلاف تصريحاتهم، تجاه ايران المتنوية والارهابية. فهل سيفهم هؤلا ء بان حرب إسرائيل ضد ايران ووكلائها هي أيضا حربهم ام سيكتفون بطرح صيغ لا تستجيب حقا للتهديدات منها. هذا سيكون أيضا تحديا مركزيا في السياسة الخارجية الإسرائيلية في السنوات القادمة، أي رؤية المصالح السياسية والأمنية القريبة والفورية، بما فيها الإقليمية، إضافة الى زاويتها المحلية بما في ذلك في منظور المواجهة العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى