معاريف: ترامب يطوي البسطة

معاريف – آنا برسكي – 15/10/2025 ترامب يطوي البسطة
أول أمس كان يوما لا ينسى في تاريخ دولة إسرائيل. الشاشة منقسمة: خطاب رسمي في الكنيست لرئيس الولايات المتحدة، وعناق ام وابنها الذي عاد من الاسر. ليس صعبا التخمين أي صورة انتصرت. لكن في السطر الأخير، من ناحية واشنطن، أي ترامب، الحرب – في صيغتها القديمة انتهت. في القدس يمكنهم أن يعلنوا ما يريدون، لكن هذا لا يغير الواقع والامر الذي فرض عليهم.
اليمين يهديء نفسه بأمل أن ترامب “سيفقد الاهتمام” ويسمح “بإصلاح” نتائج الاتفاقات الأخيرة. هذا خيال مواسٍ لكنه ليس خطة عمل.
لقد استثمر ترامب مالا سياسيا طائلا في القمة في شرم الشيخ. فقد جمع حوله زعماء وقعوا على الورقة وليس فقط في الصورة، وخلق التزاما إقليميا نادرا. مشروع كهذا لا يترك في المنتصف.
الرجل، الذي في أمريكا هو تراكتور بدون رخصة، يأتي الى الشرق الاوسط مع كف جرافة ووقت استئجار محدود لثلاث سنوات. وهو لن يبذر هذا الوقت الغالي على الإشارات الضوئية المضيئة في القدس.
يجدر بنا أن ننتبه الى ما حصل من خلف الكواليس. الدعوة لنتنياهو لان ينضم الى شرم الشيخ لم تولد من تلقاء ذاتها. فحسب مصادر مصداقة ترامب نفسه طلب من الرئيس السيسي ارسال الدعوة الى نتنياهو، والاستجابة (بعد تأخير قصير) حلت محلها “لا” إسرائيلية بتعليل قدسية العيد. ليس واضحا اذا كان هذا من ناحية رئيس الوزراء أم من ناحية شركائه الحريديم، لكن من تهمه الاطياف الصغيرة لذريعة كبيرة.
تدقيقات المكتب؟ ربما. عمليا، غياب رئيس الوزراء حرم القمة من الفرصة لان تتحول من حدث توافقات رمزي الى طاولة عمل حية، وبالاساس أضعف الرافعة الإسرائيلية على الشكل الذي سيبدو عليه “اليوم التالي”. عندما يكون مخطط وكرسيك فارغ، فان آخرين سيصيغون بنود الحوكمة، الامن والاعمار بدلا منك.
من جهة أخرى يحتمل أن يكون اعتبار نتنياهو، الذي فضل أن يقول بكياسة “شكرا، لكن لا”، نبع من أن المشاركة في مثل هذا الحدث، بارتجال تام وبلا اعداد مناسب، من شأنها أن تتحول بالنسبة له من فرصة الى فخ.
ليس سهلا الاعتراض، جبهويا، على أفكار ترفضها بشدة بل وفي جلسة مواجهة دعيت اليها عبر حماية الرئيس الأمريكي وبخاصة حين يكون الرئيس في مزاج “سلام هنا والان”. فهل اخطأ نتنياهو ام أصاب؟ سنعرف في المستقبل البعيد.
نعود الى الشاشة المنقسمة. في قاعة الكنيست حصلنا على عرض محلي، منصة، مدرج، تصفيق. رئيس الكنيست وجه الحدث كمدير احتفال يستهدف زيادة المشاهدة – الكثير من الضجيج، القليل من المضمون. من لم يدعَ صنع عنوانا رئيسا لا يقل عمن دعي. الرسمي هي عملة يقل التعامل بها هذه الأيام؟ هذا جزء من الحالة الحزبية التي تحاول جعل الاحتفال عملة – وعملة للواقع. باستثناء ان السوق الخارجي – الولايات المتحدة، مصر، السعودية، الاتحاد الأوروبي لم تعد تشتري هذا.
وعندها جاء مقطع “طلب العفو” من هرتسوغ عن نتنياهو. ينبغي الافتراض بانه ولد عفويا. هو، يبدو، يسمع ويدار مثل فاكس وصل مسبقا. ترامب، الذي في شقاقه مع أجهزة القضاء في البيت وفي الخارج جعل الشك بها منذ زمن بعيد اجندته، سره أن يلعب الدور. من بدا أقل سرورا هو رئيس الدولة، الذي حشر بين الاحتفال، الكاميرات والوحل السياسي. اذا كان احد ما لا يزال يعتقد ان الحديث يدور عن بادرة ودية، فان الوتيرة التي فهم بها الجميع العنوان روت القصة. هذه سياسة، وليست مصالحة.



