معاريف: ترامب لم ينضم للضغط الأوروبي لكنه يقترب من أن يقول لنتنياهو أوقف النار

معاريف 23/5/2025، آنا برسكي: ترامب لم ينضم للضغط الأوروبي لكنه يقترب من أن يقول لنتنياهو أوقف النار
في بداية الأسبوع دُعيت مع بعض من زملائي في تغطية المجال السياسي لحديث طويل مع دبلوماسي غربي كبير. وقد وصف الحديث بانه لغير النشر. وكان هدفه الأساس اطلاع الصحافيين الإسرائيليين على المزاج السائد في الغرب لكن ليس هذا فقط.
مثلما تبين في اليوم إياه، كان هذا اعداد لخطوة أوروبية منسقة، رصاصة بدء لحملة ضغط دبلوماسية مكثفة على إسرائيل لانهاء الحرب في غزة.
الحرارة في الغرفة المكيفة ارتفعت في غضون دقائق من بدء اللقاء. فقد تميز الدبلوماسي غضبا باسم دولته وغيرها من الدول الغربية. غضب بالطبع بالطريقة الدبلوماسية اللبقة لكن الرسالة كانت واضحة. فقد جاء ذاك الدبلوماسي الكبير كي يوضح لإسرائيل بانه من ناحية دول أوروبا بدأت ساعة وقف الحرب في غزة تدق بصوت عال والعد التنازلي بدأ – من مراحل التهديدات المشتركة للعقوبات وحتى النقطة في الزمن التي يفرض القرار على إسرائيل انهاء الحرب ينتقل الى مجلس الامن – بلا فيتو امريكي.
هذا هو السيناريو باختصار. في إسرائيل واعون لهذا الواقع، حتى لو اصر رئيس الوزراء على أن يبث للجمهور صورة مختلفة. وهذا ما فعله بنيامين نتنياهو هذه المرة أيضا، مساء يوم الأربعاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد أن هجر هذا النوع من التواصل لاكثر من نصف سنة.
ومع أن الحافز للمؤتمر الصحفي كانت الحاجة السياسية لتهدئة القاعدة الغاضبة على قرار استئناف المساعدات الإنسانية لغزة، لكن على الطريق كرر نتنياهو الرسائل إياها التي قيلت في بداية الحرب وبعد سنة من نشوبها. واليوم أيضا يقترح على كل الضاغطين ان ينسوا انهاء المعركة طالما لم تركع حماس، لم تضع سلاحها ولم تغادر الى دولة ثالثة.
لا بد ان حادي البصر يلاحظون توسيع قائمة الشروط لانهاء الحرب. فهذه الان لم تعد فقط إعادة كل المخطوفين، تجريد تام من السلاح واستسلام مطلق من حماس ونفي قيادتها بل وأيضا تنفيذ خطة الهجرة الطوعية لسكان غزة. ولا حاجة لان يكون المرء خبيرا ضليعا بالتفاصيل كي يفهم بان تحقيق كل الشروط ليس قصة أسابيع ولا حتى اشهر.
في مستوى الفكرة، نتنياهو محق. فقط هكذا تتم المساومات: دون ابداء ذرة ضعف أو استعداد لحل وسط. فاذا ما لاحظت قيادة حماس نبرة تنازل في صوت نتنياهو فان الثمن من ناحيتهم سيرتفع في لحظة. في مستوى التوافق مع الواقع، رسالة نتنياهو عن الحرب حتى النصر التام وليس اقل باي شكل بعيد عن أن يعكس الوضع بالفعل. وهو أيضا يعرف هذا. التهديدات الأوروبية بالعقوبات، في تبريد العلاقات، في تجميد الاتفاقات وفي الاعتراف بدولة فلسطينية – ليست خطابا سياسيا فارغا من المحتوى بل المحطة الأولى في مسار في نهايته يفرض على إسرائيل انهاء الحرب في غزة اذا لم تبادر هذه الى سيناريو آخر تطفيء فيه المعارك.
هاتف من البيت الأبيض
رغم الضغوط من أوروبا، فان انهاء الحرب لن يحصل صباح غد، كون الرئيس ترامب لا يزال يوجد في مكان آخر، يختلف عن ذاك الذي يوجد فيه زعماء القارة. من جهة أخرى، هو أيضا لا يوجد في المكان الذي كان فيه حتى وقت أخير مضى. خطاب الرئيس الأمريكي تغير، وهذا واضح جدا في تناول ترامب للوضع في غزة في اثناء زيارته الى الشرق الأوسط وبعدها أيضا حين عاد الى البيت الأبيض.
مع كل الاستخفاف الترامبي الذي يكنه ولا يخفيه تجاه زعماء اوروربا فانه لا يمكنه بل ولا يعتزم تجاهلهم تماما. فالغضب الغربي والعربي على الوضع الإنساني الصعب في القطاع ومطلب انهاء الحرب باتا منذ الان يتسللان الى البيت الأبيض.
مع ان نتنياهو لا يشوه الواقع حين يدعي “يوجد تنسيق كامل بين إسرائيل والولايات المتحدة” التنسيق بالتأكيد موجود. لكن في هذا التنسيق لا يوجد بالذات توافق في الرأي. كمية الاقتباسات عن مسؤولين أمريكيين يدعون بان “الطرفين يتمترسان ولهذا لا تعقد صفقة”، تؤشر بوضوح الى أن ترامب بدأ ينفد. الرئيس لا يتخلى عن إسرائيل لكن بالقدر ذاته ليس مستعدا لان يتخلى عن تطلعاته وعن خططه الكبرى.
كان يسر الرئيس الأمريكي ان يرى حماس تستسلم. وحتى لو لم يكن استسلاما تاما عى الأقل التوجه الى صفقة جزئية. وقد بدا هذا قريبا جدا الى أن تبين بان تقديرات إسرائيل حول تصفية السنوار هي في الواقع سوء تقدير. فتصفيته كانت تستهدف إزالة عائق عن المسار الا انها ولدت فوضى لدى باقي القيادة. في الشرق الأوسط توجد قاعدة معروفة: الاتفاقات بشكل عام تعقد مع اكثر الأعداء تطرفا. ممن يمكنه أن يتخذ قرارات ضد الرأي العام لديه. اما من تبقى من حماس اليوم فيخافون من الموافقة على أمور لم يوافق عليها محمد السنوار. وعليه فغياب الصفقة وتواصل الحرب على خلفية الوضع الإنساني الصعب في غزة، يؤدي بإسرائيل الى مسار تجرى فيها مكالمة هاتفية بين نتنياهو وترامب آجلا ام عاجلا. في هذه المكالمة سيقول الرئيس الأمريكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي: “بيبي يا صديقي اعطيتك ما يكفي من الوقت لفتح بوابات الجحيم. اعطيتك شرعية لهجرة الغزيين، اعطيتك مظلة سياسية وعسكرية بوفرة، حتى حين كان هذا ليس مريحا. لكن في هذه اللحظة انا ملزم ان أقول لها بانه لا يمكنني أن اضيع على هذا كل الولاية. هيا ندخل الى مراحل النهاية.
نهاية الحرب بالاضطرار وليس بالنصر المطلق – ليس سيناريو الاحلام من ناحية نتنياهو. من جهة أخرى يحتمل أن يكون هذا هو الحل المثالي عندما تكون مهمته الأسماء هي تحقيق اقصى المرابح، خوض مفاوضات مع ترامب بتحقيق إنجازات علينة وخفية. من الصعب الافتراض كيف ستنتهي الخطوة اذا ما وعندما تحصل. من السهل التقدير ماذا يكون على الطاولة. بكلمة واحدة – ايران. كل ما تبقى سنراه في الزمن الحقيقي.