ترجمات عبرية

معاريف: ترامب ضمن مكانه في التاريخ

معاريف – زلمان شوفال – 24/6/2025 ترامب ضمن مكانه في التاريخ

دونالد ترامب قرر العمل. ربما قرر من قبل، وببساطة أراد ان يفاجيء، وربما، مثلما قال الجنرال الأمريكي ورئيس السي.اي.ايه سابقا باتريوس كانت حاجة لفترة زمنية معينة كي يعد المعركة. في فوردو ترامب ضمن مكانه في التاريخ وأكد من جديد أيضا، بخلاف كل النبوءات دور الولايات المتحدة ليس فقط كشرطي العالم بل وأيضا كالسور الواقي المتقدم للعالم الحر. وينبغي الافتراض بان هذه الرسالة استوعبت في بيجين وفي موسكو أيضا. 

الضربة لفوردو ومواقع إيرانية أخرى لم تكن حدثا عسكريا فقط بل مؤشر لما سيأتي من ناحية الانتشار الجغرافي السياسي في الشرق الأوسط. كما أن القرار الأمريكي للعمل ضد ايات الله يوفر مبررا قاطعا للاستراتيجية الأمنية والسياسية لحكومة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو الذي كان هدفها عزل ايران، تثبيت حقائق عسكرية في الميدان بقواها الذاتية في المرحلة الأولى، وبالاستناد المحتمل، وان لم يكن المؤكد، الى الشراكة الامريكية في المرحلة الثانية.

صحيح أن الحرب لا تقاس وفقا للانتصارات او الإخفاقات في اثنائها بل فقط وفقا لنتائجها السياسية. الاختبار التالي لترامب وكذا لنتنياهو سيكون نجاحهما في ترجمة الإنجازات العسكرية الى نهاية قاطعة للطموحات الهدامة للحكم الإيراني وفي اعقاب ذلك تحقيق انتشار سياسي جديد في الشرق الأوسط كله، وربما وراءه. 

الأيام التي سبقت قرار ترامب كانت بعيدة من ان تكون لا لبس فيها. ففي الحزب الجمهوري دار صراع مبدئي وعملي بين معسكر كبير رأى نفسه حارس جمرة أيديولوجيا Maga (لنجعل أمريكا عظيمة مجددا)، وبين معسكر تقليدي اكثر في الحزب. لترامب، في ولايته الأولى أيضا كانت نواقص صقرية وهو حتى لم يعارض مبدئيا تدخلا في نزاعات دولية. لكنه لا يزال يفضل الطرق الدبلوماسية. في موضوع ايران يبدو أنه توصل الى الاستنتاج بانه لا يوجد أي احتمال لتحقيق هدفه بدون عمل عسكري. من هذه الناحية هو ليس بعيدا عن هنري كيسنجر الذي ادعى بان الخطوات الدبلوماسية ستكون اكثر فاعلية اذا ما وقفت خلفها قوة عسكرية. 

كل هذا كان لم يعجب المعسكر الانعزال المتطرف في الحزب الجمهوري، الذي يستمد الهامه من التيارات العنصرية في الثلاثينيات والاربعينيات من القرن الماضي ممن سجدوا للحكم النازي في المانيا. كما أن المشاعر اللاسامية ليست نادرة لديهم. أناس بارزون في قمة هذا المعسكر هم ستيف بانون، من مستشاري ترامب سابقا ممن ادعوا بان “يهود امريكيون لا يدعمون Maga هم أعداء من الداخل”، وعضو مجلس النواب مارجوري تايلور جرين، التي اشارت الى أن “هذه لحظة الحقيقة للمعسكر الانعزالي، وكل من يسيل ريقه بامل ان تشارك الولايات المتحدة في حرب إسرائيل وايران هو ليس أمريكا أولا”. كما اتهم عائلة روتشيلد بالتسبب بحرائق الغابة في كاليفورنيا وهاجمت منظمات يهودية مختلفة، بما فيها جمهورية و “مسيحيين متحدين من اجل إسرائيل”، بمؤامرات تذكر ببروتوكولات حكماء صهيون. 

تدعي هذه الشخصيات بان قاعدة ترامب لا تؤيد مواقفه في موضوع ايران والانضمام الى الحرب سيؤدي الى نهاية رئاسته. رغم أنه يوجد في القاعدة قسم يعتقد ذلك، وقسم آخر، اكبر، هو المعسكر الافنجيلي – وهو بالذات يؤيد انضمام الولايات المتحدة الى الجهد الحربي لإسرائيل. 

اللاسامية هي احدى العلائم البارز في الصراع الداخلي في الحزب الجمهوري. لكن الموضوع الأساس هناك كان الاعتراضات في قسم كبير من الجمهور الأمريكي بتدخل الولايات المتحدة في الحرب ضد ايران. اغلبية كبيرة في الرأي العام وان كانت تعارض ايران نووية، لكنها ليست بالضرورة تؤيد الحرب ضدها. هذا يمكن أن يتغير، مثلما كان في حروب الماضي، بعد أن حسم الامر وسقطت القذائف على مراكز التهديد النووي في ايران.

يوجد ائتلاف غريب بين اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري واليسار المتطرف والاقل تطرفا في الولايات المتحدة في موضوع الحرب ضد ايران. السناتور بيرني ساندرس، عضو مجلس النواب الكسندرا اوكزيا كورتيز وتوماس مارسي، الجمهوري الوحيد في مجلس النواب الذي يعارض المساعدة لامنية لإسرائيل ورفض التصويت الى جانب قرار يشجب اللاسامية، ارتبطوا معا لطرح مشروع قرار ضد التدخل في الحرب. لهذا القرار لم يكن احتمال بان يجاز من قبل. وبالتأكيد ليس له احتمال الان. لكن ليس واضحا أي عصي قد يحاول هذا الائتلاف ان يدخلها في دواليب خطوة ترامب.

في الحزب الجمهور لا توجد اليوم زعامة، ويدور فيه صراع بقاء بين التيار المركزي والجناح اليساري الراديكالي الذي يتهم أيضا بالمسؤولية عن الفشل في الاتهامات. وفيما يحسم مستقبل الحزب الجمهوري، ولعله حسم منذ الان من قبل الرئيس ترامب نفسه

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى