معاريف: بين الاستقرار والفوضى: إسرائيل ملزمة بان تقرر تفضيلها السلطوي في الساحة الفلسطينية
معاريف 18/7/2024، ميخائيل هراري: بين الاستقرار والفوضى: إسرائيل ملزمة بان تقرر تفضيلها السلطوي في الساحة الفلسطينية
الاعتراض الإسرائيلي على البحث بجدية في المنحى المرغوب فيه لليوم التالي للحرب في غزة يمس بالمصالح الحيوية الأعلى في مستواها. فالتطلع الى تتويج محافل محلية في القطاع ليس له ما يستند اليه كبديل قابل للعيش. ما يعقد الوضع اكثر فأكثر يتعلق باواخر حكم أبو مازن. المعنى واضح: إسرائيل ملزمة بان تدرج “الأيام التالية” في حفنة واحدة، في اطار تفكير استراتيجي منسجم، بما في ذلك وضع تنهار فيه السلطة الفلسطينية قبل رحيل أبو مازن كنتيجة للضغط الذي تمارسه إسرائيل عليها، استمرار الحرب او رواية نجاح حماسية.
التفكير الاستراتيجي يجب أن يقوم على اربع نقاط مركزية:
إسرائيل لا تتدخل في تحديد صورة القيادة الفلسطينية. لعل إسرائيل يمكنها أن تؤثر، مثلا اذا ما قررت تحرير مروان البرغوثي كجزء من صفقة المخطوفين، او السماح بعودة محمد دحلان الى القطاع “وهو يمتطي أموال الامارات/الخليج”. غير أن التاريخ يثبت ان مثل هذه التدخلات لا تصمد ولا تخلق بديلا يحظى بالشرعية الجماهيرية.
حماس ليست جزءاً من القيادة الفلسطينية. يدور الحديث عن مبدأ واضح من تلقاء ذاته في ضوء الحرب. حماس ليست مقبولة على إسرائيل، وعمليا أيضا على السلطة الفلسطينية/فتح والساحة الدولية. من المهم ان نتذكر بان حماس تطلب الانضمام الى م.ت.ف وبذلك تسيطر على الحركة الوطنية الفلسطينية، دون أن تغير بالضرورة سياستها. الشكل الذي تنتهي به الحرب هام للغاية، إذ ان هذا سيساهم في الرواية التي ستسود في الساحة الفلسطينية.
انتخابات. اجراء انتخابات في الساحة الفلسطينية واجب من تلقاء ذاته، ويقبع في أساس رغبة الجمهور الفلسطيني بكل اطيافه. اعتراض أبو مازن على الانتخابات يمس بشدة بالتأييد للسلطة وبشعبية رئيسها. في نفس الوقت، واضح انها يجب ان تكون في الضفة الغربية، في قطاع غزة وفي شرقي القدس. واذا لم تكن كذلك فانها نتائجها لن تحظى بالشرعية اللازمة.
تدخل لاعبين خارجيين مناسبين. الطريق الوحيد للقيادة الفلسطينية لان تحظى بالثقة والشرعية من جانب الجمهور الفلسطيني هو مسيرة داخلية لحكم ذاتي. لكن في الظروف الحالية ستكون حاجة الى مساعدة ودعم من جانب لاعبين هامين وعلى رأسهم مصر، الأردن ودول خليجية مركزية كالسعودية والامارات. للولايات المتحدة بالطبع دور مركزي. يدور الحديث عن دور غايته المساهمة في الاستقرار في الميدان، بما في ذلك حيال إسرائيل بشكل يسمح بمسيرة مناسبة من نمو قيادة مقبولة ويقرر كيانا سلطويا واحدا يحظى بثقة الاسرة الدولية.
إسرائيل ملزمة بان تقرر الان تفضيلها السلطوي في الساحة الفلسطينية. فهل تفضل سلطة قادرة على الحفاظ على استقرار نسبي في الميدان دون أن تفقد تماما ثقة الجمهور الفلسطيني من جهة وثقة الاسرة الدولية من جهة أخرى. لهذا الغرض من الضروري الحفاظ على شرعية السلطة الفلسطينية والضغط على أبو مازن لترسيم مسيرة نقل الحكم بشكل مرتب في حالة نزوله المفاجيء عن المنصة.
من جهة أخرى، اذا سمحت إسرائيل بالمسيرة الحالية ان تستمر، والتي غايتها تقويض السلطة فعليها أن تفعل هذا بعيون مفتوحة. الوضع في الضفة الغربية سيخرج عن السيطرة، وهذا لن يخدم الا الجهات المتطرفة في الساحتين. التمسك بهذه السياسة معناه فرار واع يتمثل باختيار حماس (مرة أخرى) وفوضى سلطوية معناها انضمام الضفة الغربية الى “السيوف الحديدية”.