ترجمات عبرية

معاريف– بقلم عومر دوستري – على حبل رفيع

معاريف– بقلم  عومر دوستريباحث في معهد القدس للاستراتيجية والامن  – 8/10/2020

من ناحية اسرائيل تستوجب المواجهة بين اذربيجان وارمينيا حذرا دبلوماسيا اقصى، وسياسة مسؤولة من السير على الحبل “.

تدور مؤخرا رحى معارك بين جيش أذربيجان وقوات أرمنية  انعزالية في منطقة نغورنو كرباخ موضع الخلاف.  تقع المنطقة في اذربيجان كجيب، ولكنها عمليا محكومة وتعيش بشكل مستقل تحت ادارة انعزاليين  ارمنيين. ونشبت المعارك بعد ادعاء الطرفين بقصف  مدفعي  الواحد ضد الاخر. ليست هذه هي المرة الاولى التي تتصارع فيها الدولتان على هذه المنطقة. فبعد انحلال الاتحاد السوفياتي وقعت حرب بين الدولتين من 1991 حتى 1994. ومنذ ذلك الحين بقيت المنطقة بحكم الامر الواقع تحت ارمينيا. وفي السنوات التالية وقعت معارك اخرى بين الدولتين.

فضلا عن الصراع على المنطقة، فان المواجهة بين اذربيجان وارمينيا هي ذات ابعاد دينية – تعود الى بداية القرن الثامن عشر. على مدى التاريخ مثلت ارمينيا المسيحية الارثوذكسية بينما مثلت أذربيجان الاسلام. وبشكل طبيعي، فان القوتين التاريخيتين، الامبراطورية الروسية – التي مثلت المسيحية الارثوذكسية الشرقية – والامبراطورية العثمانية – التي مثلت الاسلام العالمي – تقاتلتا الواحدة ضد الاخرى على مناطق النفوذ هذه ودافعت عن حلفائها (روسيا دافعت عن ارمينيا والعثمانيون عن اذربيجان). ويجد البعد الديني تعبيره ايضا هذه الايام، حين يحاول الرئيس التركي اردوغان تصنيف دولته وشعبه كزعماء العالم الاسلامي، فسارع الى الاعلان عن مساعدة اذربيجان. وبالفعل، حركت تركيا منذ الان الى منطقة المعارك مئات المرتزقة السوريين مباشرة الى ساحة القتال من ادلب في سوريا بهدف مساعدة القوات الاذربيجانيين.

بالمقابل، اكتفت روسيا حتى الان بتصريحات دبلوماسية حيادية، ولكن السنوات الاخيرة شهدت على أنها تعرف كيف تستغل جيدا الازمات في دول الاتحاد السوفياتي سابقا كي تعمق نفوذها في هذه الدول. مثلا السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم في 2014 والتدخل الروسي في الحرب الاهلية في اوكرانيا. كلما استمرت المواجهة العسكرية المباشرة بين اذربيجان وارمينيا، هكذا تتعاظم الاحتمالات للمواجهة بين القوى العظمى.

من ناحية اسرائيل تستوجب المواجهة بين اذربيجان وارمينيا حذرا دبلوماسيا اقصى، وسياسة مسؤولة من السير على الحبل. هذه مهمة معقدة للغاية. والدليل على ذلك جاء عندما أعلنت وزارة خارجية ارمينيا مؤخرا عن اعادة سفير ارمينيا في اسرائيل. (السفارة الارمنية في اسرائيل فتحت قبل بضعة اسابيع) للتشاور كاحتجاج على توريد السلاح الاسرائيلي لاذربيجان. من جهة، تقيم اسرائيل وارمينيا علاقات دبلوماسية، وللدولتين تماثل في جملة مواضيع، بينها قتل الشعب الارمني على ايدي تركيا (والذي يذكر الى جانب الكارثة) وحقيقة أن الدولتين محوطتان بدول اسلامية معادية.  اضافة الى ذلك، اقتربت اسرائيل من ارمينيا في السنوات الاخيرة على خلفية تدهور العلاقات بينها وبين تركيا، كنتيجة لسياسة اردوغان المناهضة لاسرائيل. وفي السنوات الاخيرة تتردد اسرائيل في مسألة هل تعترف بقتل الشعب الارمني كرد على سياسة اردوغان – الخطوة التي من المؤكد ستدهور العلاقات مع تركيا اكثر فأكثر.

من جهة ثانية، توجد بين اسرائيل واذربيجان علاقات هامة من ناحية اسرائيل. لاسرائيل مصلحة امنية في الحفاظ على  العلاقات مع الاذربيجانيين، اولا بسبب كون اذربيجان مجاورة لايران – واقع يعزز الردع تجاه طهران. ثانيا بسبب بيع وسائل قتالية من اسرائيل للاذربيجانيين؛ ثالثا تشكل أذربيجان بالنسبة لاسرائيل مصدرا هاما للطاقة، اذ تشتري اسرائيل النفط  منها. على الهدف الاسرائيلي أن يكون المناورة بين الاعتبارات المتضاربة وارضاء الطرفين. مثلا، يمكن لاسرائيل أن تعمل من خلف الكواليس مع الدولتين في محاولة للوصول الى تفاهمات حول تأخير توريد السلاح الى اذربيجان في فترة القتال. في مثل هذا الوضع سيكون بالتأكيد رضى  سواء من ارمينيا أم من اذربيجان. خير تفعل القدس اذا ما حافظت على الحيادية والا يغريها رد من طرف واحد في صالح احد الطرفين في المواجهة الحالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى