ترجمات عبرية

 معاريف– بقلم  زلمان شوفال – نظام اقليمي جديد

معاريف– بقلم  زلمان شوفال – 19/10/2021

” اتفاق لتقسيم الشرق الاوسط بين ايران والسعودية وان لم يكن على جدول الاعمال، الا ان خطوات مؤقتة وجزئية لخلق واقع ثابت بين الطرفين هي على جدول الاعمال، ولهذا ستكون تداعيات على اسرائيل ايضا “.

احدى خطط الرئيس براك اوباما في حينه لاستقرار الشرق الاوسط والدفع الى الامام بانسحاب الولايات المتحدة منه كانت تقسيمه الى مناطق نفوذ شيعية برئاسة ايران وسُنية بقيادة السعودية – ظاهرا مثلما قسمت اوروبا الى مناطق نفوذ في مؤتمر فيينا بعد الانتصار على نابليون. رغم أنه نال بشكل غريب جائزة نوبل للسلام، لم يكن الفهم التاريخي والعلم السياسي هما الجانب القوي في اوباما، كما أنه لم يكن متيرنخ او كاسلراي، مهندسي التسوية التاريخية اياها، بحيث انه لم يفهم على ما يبدو بان الشرق الاوسط ليس اوروبا في حينه وان المصالح والدوافع للاعبين المختلفين في هذا القسم من العالم  ليست ملائمة بالضبط لاقامة  معادلة جغرافية سياسية وفقا لذاك النموذج اياه. واساسا، لم يفهم بان تطلعات ايران للهيمنة لا تتجه فقط للمناطق الشيعية  بل لكل المنطقة. كما أنه تجاهل حقيقة ان في الشرق الاوسط توجد دول اخرى ذات مصالح خاصة بها. لقد سعى اوباما لتحسين العلاقات مع ايران منذ بداية طريقه كرئيس. 

من افكار مناطق النفوذ لم يتبقَ الكثير، والحرب الاهلية في سوريا ساهمت في ذلك ايضا ولكن يحتمل ان الان بالذات يتشكل من جديد وضع – ان لم يكن للتقسيم الى مناطق نفوذ بين ايران والسعودية، فعلى الاقل للتعاون بينهما في مواضيع معينة. مؤشرات على ذلك بدت منذ الان قبل ستة اشهر في وقت قريب وليس صدفة من التحول السياسي في الولايات المتحدة. فالمصالح والميول الاساسية للطرفين وان كانت بقيت على حالها، الا ان الواقع الذي يعيشان فيه تغير. فلئن كانت السعودية والدول العربية السنية (وكذا، اسرائيل  ايضا) قدرت في عهد ترامب بانه بوسعها ان تعتمد على  امريكا لسد الطريق امام الميول الايرانية المهددة، ولا سيما في المجال النووي، ولكن ايضا في مجالات اخرى، فان سعي الولايات المتحدة برئاسة بايدن الى استئناف الاتفاق النووي دون الاستجابة، باستثناء التصريحات، لانتقاد حلفائها القدامى في هذا الشأن، والتخوف من فقدان المظلة الدبلوماسية، وربما في المستقبل العسكرية لديها – أدى بالرياض وبقدر اقل بدول عربية اخرى كالاردن ومصر الى الا تستبعد انعطافة ايجابية تجاه ايران. لسياسة ترامب بالغاء البرنامج النووي الايراني من خلال ضغط سياسي واقتصادي متعاظم كانت فرص معقولة للنجاح، ولكنها ماتت في مهدها مع تغيير الحكم في واشنطن. كما أن السعودية يقظة لحقيقة أنه في اعقاب قضية خاشقجي، اسهمها في الكونغرس وفي الجمهور الامريكي هبطت جدا. والاهم من ذلك هو أن  بايدن نفسه، الذي باتت نسب التأييد له هي الادنى من اي رئيس منذ 1945، يوجد في صراع على  إرثه وفي مواجهة داخلية سياسية عنيدة مع الجناح اليساري المتطرف في حزبها الديمقراطي، الذي لا يترك اي فرصة للتخريب على  علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها التقليديين في الشرق الاوسط؛ بالمناسبة هذا استنتاج لم تستوعبه بعد حكومة اسرائيل الحالية.

في هذا الضوء ينبغي رؤية تصريح وزير الخارجية الايراني حسين  امير عبدالهيان والناطق بلسانه بان “المحادثات بين السعودية وايران تتقدم باتجاه جيد”، وانهما تبحثان ايضا في العلاقات مع دول المنطقة، وبخاصة دول الخليج، وفي الحرب في اليمن. ومع ذلك، العنوان في “هآرتس”: “التقارب بين ايران والسعودية يفكك الائتلاف المناهض لايران” كان مبالغا فيه ومغرضا إذ انه لا يمكن لاي وقفة علنية ان تغير اسباب العداء والتناقضات الاساس بين الطرفين – سواء في المجال السياسي والاقتصادي ام في المجال الديني. وفوق كل هذا يبقى يحوم فوق الرؤوس التهديد النووي من جانب ايران والذي لا يمكن لاي سياسي سعودي او عربي على الاطلاق ان يتجاهله. اتفاقات ابراهيم الهامة بين اسرائيل والامارات العربية وتأييد دول عربية اخرى للاتفاقات تعكس هذه الحقيقة. السعودية لم تكن عضوا في الاتفاق من قبل ايضا ومثلما كتبت في حينه، كان هذا منذ البداية توقعا عابثا التفكير بشكل مختلف، وان كان لان الرياض لم تستهدف العزف الثنائي مع الامارات او التنكر لـ “مبادرة السلام العربية” في الموضوع الفلسطيني والتي تتماثل مع المملكة، او ولي العهد، عبدالله. 

ان اتفاقا لتقسيم الشرق الاوسط بين ايران والسعودية وان لم يكن على جدول الاعمال، الا ان خطوات مؤقتة وجزئية لخلق واقع ثابت بين الطرفين هي على جدول الاعمال، ولهذا ستكون تداعيات على اسرائيل ايضا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى