ترجمات عبرية

معاريف – بقلم زلمان شوفال – دعوا الجيش الاسرائيلي ينتصر

معاريف – بقلم  زلمان شوفال  – 26/11/2019

انتهى التوتر في الجنوب حاليا ولقن الجيش الاسرائيلي الجهاد الاسلامي درسا لن ينساه بسهولة. ولكن رغم الجهود السياسية لمحافل مختلفة، بما فيها اسرائيل ومصر، لتثبيت تهدئة طويلة المدى، فان الوضع الجغرافي – السياسي في المنطقة والواقع السياسي الداخلي في قطاع غزة يمنعان ذلك. اذا ما استؤنفت نار الصواريخ والمقذوفات الصاروخية بمثل هذا الحجم أو ذاك، والجيش الاسرائيلي عمل هو ايضا بهذه القوة أو تلك ضد مطلقي الصواريخ والمقذوفات الصاروخية وقيادات المنظمات المختلفة، ستنطلق مرة اخرى في البلاد الدعوة أن “دعوا الجيش الاسرائيلي ينتصر”، أي: سنسير حتى النهاية،  نكسر حماس، نهزم منظمات الارهاب الاخرى و “نصفي نهائيا” (اقتباس عن افيغدور ليبرمان) حكم الشر هناك (وثمة من يضيفون ان في هذه المناسبة نفكك ايضا السلطة الفلسطينية في رام الله).

يحتمل أن ذات يوم سنضطر بالفعل لان نحقق هذا الخيار الذي هو ممكن على المستوى العسكري. ولكن على الفور سيثور السؤال ماذا سيأتي في اعقابه، حين لا يكون في الطرف الفلسطيني جهة سياسية مستعدة لان تتوصل الى تسوية سياسية مستقرة مع اسرائيل، تسوية تقوم على أساس تنازلات متبادلة واعتراف ايديولوجي بحق الشعب اليهودي في دولة، واضافة الى ذلك لا يوجد في الطرف الفلسطيني جهة اثبتت انها قادرة على أن تقيم وتبقي على سلطة تؤدي مهامها. أن نكون الحكام في قطاع غزة، بالمليونين من سكانه، هذا ليس مثابة رؤيا محببة.

على الشرق الاوسط كله تمر تقلبات وتغييرات، احيانا مفاجئة وغير متوقعة، بعضها ايجابية، بعضها خطيرة، ويحتمل أن آجلا أم عاجلا ستأتي ايضا الى المجال الفلسطيني. عندها يحتمل أن نقف امام حرب شاملة او بالعكس، امام احتمال حقيقي لتسوية سياسية بعيدة المدى، بما في ذلك في غزة، ولكن في هذه الاثناء من الافضل ان تتواصل السياسة المتوازنة والمسؤولة التي تتخذها اسرائيل حتى الان.

على أي حال، فان شعار “دعوا الجيش الاسرائيلي ينتصر” يثير اسئلة ليس فقط حول غزة: ما هو في واقع الامر “الانتصار”، بل واكثر منذلك، ما هو “الحسم” حين يدور الحديث عن الحرب ونتائجها؟ الرئيس ترامب، مثلا، اعلن عن النصر، بل والنصر الساحق، في الحرب ضد داعش ولكن عندما يواصل هذا التنظيم او مبعوثو العمل في افريقيا واماكن اخرى، ويدعون باعادة بناء أنفسهم حتى في مناطق من سوريا (بفضل الهجوم التركي على الاكراد الذي سمح به ترامب) – فهل هذا انتصار، فما بالك حسم؟ في الحرب العالمية الثانية كان بالفعل انتصار وكان حسم، ولكن في غضون وقت قصير “المهزومون”، المانيا واليابان، بنوا انفسهم تقريبا في كل المعاني (بالنسبة لالمانيا، العسكري ايضا). وقلبوا مفاهيم الانتصار والحسم الى قيم نسبية بالتأكيد. وماذا بالنسبة لاسرائيل؟ اسرائيل بالفعل انتصرت من ناحية عسكرية في معظم حروبها (باستثناء حرب لبنان الثانية)، ولكن الحسم من ناحية سياسية لم يسجل في واقع الامر الا في حرب الاستقلال، التي ضمنت وجود الدولة وثبتت حدودها، وفي حرب يوم الغفران التي الانتصار الاسرائيلي فيها، رغم البداية البائسة، وضع الاساسات للسلام مع مصر واخراج اسرائيل في هذه المرحلة من دائرة المواجهات (ثمة من يدعون ان في حرب الايام الستة كان ايضا انتصار وحسم. إذن انتصار كان بالفعل، ولكن لو كان ايضا حسم سياسي – لما كانت ربما حاجة لهذا المقال). الاستنتاج هو انه بدون الجانب السياسي فان “النصر” و “الحسم” هما كما اسلفنا، مفهومان نسبيان ومؤقتان.

ثمة من يدعون ايضا انه لاننا لم نسمح، زعما، للجيش الاسرائيلي بان “ينتصر” في غزة، فقدت اسرائيل ظاهرا تفوق الردع لديها. هذا خطأ، احيانا لاسباب سياسية معروفة، وكما يشرح د. دان شيفتن، رئيس البرنامج الدولي للامن القومي من جامعة حيفا، فان الشرط المسبق لامتناع العرب عن الهجمات ضد اسرائيل هو خوفهم من خليط قوة اسرائيل وتصميمها على الضرب الشديد لاعدائها. وهو يلخص فيقول: “الردع الاستراتيجي (لاسرائيل) لم ينهار ابدا”. سؤال واجب، بالطبع، هو باي قدر يكون فيه الردع الذي عمل ويعمل في وجه تهديدات من الجانب العربي ناجع تجاه عدو ايراني يعمل ايضا بواسطة مبعوثين مثل الميليشيات الشيعية، حزب الله، الحوثيين ومنظمات ارهاب اخرى؟ في هذه المرحلة حكومة نتنياهو، بما في ذلك استنادا الى الدبلوماسية المتطورة، تعمل بنجاح ضد تهديدات مباشرة وغير مباشرة من مناطق مختلفة قريبة وبعيدة، ولكن في هذا السياق لم تكتب بعد الكلمة الاخيرة، لا من جانبنا ولا من جانب اعدائنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى